المقالات

المرأة والتاريخ


محمد الكعبي ||   لقد أخذت المرأة مساحة واسعة من تأريخ البشرية ومن قيم الانسانية، ومرت بمراحل مختلفة ومتفاوتة بحسب الزمان والمكان، واختلاف المجتمعات وثقافاتها التي عاشتها، ولم يكن اضطهادها وليد الصدفة أو ظاهرة عابرة أصبحت من الماضي، بل بقيت مستمرة ومتكررة، ولكن بأنماط واشكال مختلفة حسب المحيط الاجتماعي والثقافي والسياسي والديني. إن المرأة الخاسر الاكبر في جميع مراحل التأريخ، فلم يرحمها المجتمع، فكانت بعض المجتمعات إذا مات الزوج دفنها معه وختم قصة وجودها، وتارة يحرقها ويذرها في الهواء، ومنهم من يحتسبها من الارث، وهناك من يدفنها خوف العار أو الفقر، ولم تكن المجتمعات ذات النزعة الدينية في معزل عن اضطهادها، فكانت في عقيدة البعض انها مخلوق كله شر، وبعضهم يعتبرها أساس كل خطيئة،  وغيرها من الاعتقادات التي سببت انتكاسات متلاحقة للمرأة، حيث فقدت هويتها وتاهت بين طيات النزعات الجاهلة وهي تكابد الآهات والآلام والحرمان، ولم تكن المجتمعات التي تدعي الحضارة والمدنية أمثال المجتمع اليوناني والاوربي في معزل عن هذه الانتكاسات، حيث كانت  فيها المرأة بأتعس حالاتها، وأما في الجزيرة العربية، فحدث ولا حرج، واليوم وفي عصر التطور العلمي ورفع شعارات الحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية، نجد المرأة تعيش الحرمان والاضطهاد،  حتى أصبحت أزهد من علبة السكائر في دول تنادي بالمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان، فأصبحت عندهم مجرد آلة منتجة ومشروعاً جنسياً ليس الا، ففقدت هويتها وأهملت بيتها واسرتها، وتركت أبنائها لتزاحم الرجل في ساحة العمل، فكانت النتيجة تفكك وضياع الأسرة والمجتمع، وتسكعت في الازقة وادمنت  المخدرات والكحول، محاولة منها للتخلص من الضياع  والفراغ وتفسخ اسرتها.  وبعد صراع المرأة الطويل مع الحضارات والمدنيات المختلفة التي افقدتها الكثير، جاء الاسلام ليعزها ويرفعها لتنال كمالها المنشود، وينتشلها من الحضيض، ويضعها في مكانها التي خلقت لأجله، ويسحق جميع النظريات والقوانين والنواميس الوضعية التي دمرتها واحتقرتها ليعيد لها كرامتها المسلوبة وعفتها المغتصبة ومقامها الحقيقي، فهي والرجل سر تكامل الانسان وديمومته في هذا العالم، فحفظ لها كرامتها وجعل التقوى معيار التفاضل بينهما فقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).  فجعل وظيفتها في بيتها وبين ابنائها وظيفة مقدسة، وعندما اجاز الاسلام لها العمل خارج المنزل وضع لها شروطاً ليحافظ على كيانها وقيمتها، وقد أخذ الإسلام الفوارق النفسية والفسلجية بعين الاعتبار، ووضع لكل من الرجل والمرأة ما يناسبه من تكليف { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا...}.  حضور المرأة ضرورة في ساحة العمل ولا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل من الاشكال، ومن يدعي خلاف ذلك فهو مُكابر ويجافي الحقيقة، فوجودها في الجانب الصحي والتعليمي والقانوني والتربوي، بل في اغلب مفاصل الحياة، أصبح ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، لكن بشرطها وشروطها، فعجلة الحياة لا يمكن أن تسير من دون المرأة اطلاقاً، فالحياة مظلمة جامدة بدونها.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك