المقالات

بين حاتم وخَدَمَة الحسين(عليه السلام)


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||

 

اشتهر عند أهل الكرم أنَّ حاتم الطائي بذل جواده  لضيفه فأصبح علماً في الجود يُضرب به المثل من جيل إلى آخر؛ بل أصبح العرب يتفاخرون على غيرهم بحاتمهم, ولا يخفى أنّ الكرم من سمات الشجعان, وليس متاحاً لكل راغب, فقد يطمح إلى ذلك الكثير ولكن لا يتفوَّق إليه إلا القليل ممن تغلَّب على موانع الوصول إلى المأمول, ومن بلغ رتبة المنح وأجاد فنون العطاء فقد حاز درجة الشرف والرفعة وتمكَّن أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابها كما في اسم حاتم الذي يتسمى به الفرد تيمُّنا بحاتم الطائي.

والمتتبع لسيرة الطائي يجد أنَّ الرجل قد ساعدته الظروف والأوضاع ليشتهر صيته بين الناس بالكرم, وقد سعى في فعله لينال السمعة الطيبة بين الملل وليعرف بسمة الكرام وليفتخر بين الناس بهذه السمة المُحبَّذة في مجتمعٍ كان قوامه المنع أو السلب والنهب, أما اليوم فعلينا أن نعترف أنّ خدمة الحسين (عليه السلام) صنعوا المعجزات وأذهلوا العالمين بكرمهم وعطائهم الممتدِّ إلى منهج الحسين(عليه السلام) الخالد لا ليقول الناس عنهم أنهم كُرماء؛ بل ليقبلهم الحسين(عليه السلام) خدماً له ولزوَّاره, وهذا فرق كبير بينهم وبين غيرهم ممن منح وأعطى لينال السمعة الطيبة كحاتم الطائي أو كالذي يمنح ويعطي إيماناً منه أنَّ ذلك من مرضات الله.

لقد تجاوز عشاق الحسين(عليه السلام) مقاييس العطاء ولم يتوقفوا عند حدٍّ أو نوعٍ؛ بل بذلوا كلَّ ما يمكن أن يُبذل في طريق إحياء نهضة الحسين(عليه السلام) وقد احتار من قصدهم في حبِّهم للخدمة ووقوفهم بصحبة الأهل والعيال من أجل راحة زوَّار أبي عبدالله(عليه السلام), ولا أتحدث هنا بصفتي عراقيَّا؛ بل أتحدث بصفي زائراً بين الزوّار اتمتع برؤية المشاهد اليوميَّة من الخدمات المختلفة حتى التي لم أكن أتصوَّرها, فهم يتفنَّنون بوسائل الخدمة ويترقَّبون راحة الزائر ويفخرون بلقب الخادم ويسألون الزوَّار أنْ يذكُروهم عند الحسين(عليه السلام) بالقبول والرضا.

لقد أدرك العالم حكمة الله تعالى في جعلِ قبور أوليائه في العراق, فالفرق كبير بين شعب العراق وغيره, ولو أردنا أن نتحدَّث عن الكرم فينبغي أنْ نغيِّر الثوابت فقد قالوا قديماً أنَّ تسعة أعشار الكرم عند العرب وواحدة في غيرهم وأنا أقول أنّ تسعة أعشار الكرم عند خدمة الحسين وواحدة عند بقية العالم, ولا أقول ذلك عن عاطفة أو تملق؛ بل عن وعيٍّ وإدراك فالعالم يشهد أنه ليس هناك من تظاهرة بشريَّة أكبر من التي تحضر في الأربعين فقد يصل أعداد الزائرين إلى أكثر من عشرين مليوناً وجميعهم يتمتعون بالخدمات المجانية في الأكل والشراب والمأوى والضيافة وغير ذلك من الحاجات الضرورية أو الكمالية.

لقد آن الأوان أن نقول لحاتم الطائي أنَّ دروس الكرم عند خَدَمَة الحسين (عليه السلام) أعظم من التي أعطيتها, وعلى العالم أن يدرك أنَّ عشاق الحسين(عليه السلام) يبذلون كل ذلك ولا ينتظرون كلمة شكرٍ من الناس؛ لأنّهم يرغبون في مواساة الحسين بكرمهم؛ ولهذا فالكرم عندهم أصيلٌ, فكما أنَّ سيدهم الحسين(عليه السلام) بذل كل عزيز فإنّهم يبذلون كل عزيز ولو استلزم ذلك أرواحهم فلن يُقصِّروا مع الحسين(عليه السلام) فالحسين(عليه السلام) عند خُدامه غاية.   

 

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك