( بقلم : عواد عباس الموسوي )
كنت و لا زلت مقتنعا بأن الحل النهائي للمليشيات لن يأتي إلا عن طريق انتفاضة شعبية يقوم بها أبناء المناطق المبتلاة بنير احتلال المليشيات و الجيوش الخارجة عن القانون . فالقوى الأمنية مهما بلغت من قدرة و تجهيز و إعداد فهي لن تبلغ سوى مراحل معينة و تفرض سطوة القانون عند حدود ليست كاملة ، و هناك عدة أسباب تدفعنا إلى مثل هذه القناعة لعل أهمها إن قيام الجيش النظامي بمكافحة مليشيات في أحياء مكتظة بالسكان المدنيين تعتبر مهمة شاقة و صعبة لا لعجز تلك القوات بحد ذاتها بل لأن المليشيا على الدوام تتمترس بهؤلاء السكان الأمر الذي يعرقل و يحدد قدرة القوات النظامية على سحقهم فثمة نفوس كثيرة لا شك ستزهق و تؤدي ضراوة المعارك حين يكون الأمر على هذا الحال إلى حدوث خسائر مادية كبيرة أيضا . إن الجيش النظامي هو ذراع الدولة و تديره المؤسسة التنفيذية و بالتالي فلا بد من مراعاة أخلاقيات معينة في أية حرب داخلية أما المليشيات فلا تكترث لما يمكن أن تسببه للمدنيين من إزهاق الأرواح و تخريب الممتلكات و ستلقي بذلك على عاتق الحكومة لا محال و في الوضع العراقي هناك إعلام يديره متفننون في قلب الحقائق و فبركتها وهم تلامذة مخلصون لمدرسة الصحاف الصدامية . بالطبع يجب ألا يفهم من حديثنا هذا إن القوات الأمنية لا دور لها في تخليص الناس من سطوة المجاميع المسلحة و لا يرجى أن تعيد الأمور إلى نصابها . بل نحن نتحدث عن حل نهائي و شامل و سريع لهذه القضية التي أخذت وقتا طويلا و كان من الجدير بالحكومات السابقة لا سيما حكومة أياد علاوي أن تمضي إلى نهاية الطريق . و لنا في مدينة البصرة شاهد على قدرة الحكومة بأجهزتها الأمنية من الجيش خاصة في استرداد المدينة من بطش و همجية الزمر الإجرامية الإرهابية التي سامت الناس الذل و الهوان لعدة سنوات . و لكن من الواقعية أن نتأمل ما يطرحه المعنيون و المراقبون حول تصور مستقبل المدينة بعد انسحاب الجيش أم أن هذا الجيش سيبقى منتشرا إلى ما لا نهاية ؟ و هنا نجد أنفسنا مضطرين للرجوع إلى تلمس الحل الناجع لمشكلة متوقع تكرارها .
إن ما فعلته مجالس الإسناد خلال الأيام القليلة الماضية في بعض قطاعات مدينة الثورة لهو خير دليل على أن من الممكن البحث عن حلول أخرى أقل كلفة و أكثر نجاعة في حصد النتائج الإيجابية ، حيث قامت تلك المجالس بعمل نوعي حين داهمت هذه القوات مقرات و مخابئ قيادات ميليشيا جيش المهدي و قد اعتقلت العشرات منهم و قتل بعضهم لمحاولتهم مقاومة عناصر الإسناد .
فأبناء المدن يعرفون تماما تلك العناصر و أماكن تواجدها و اختبائها عن الأجهزة الأمنية و نوعية السلاح الذي تقاتل به و تكتيكاتها في مواجهة القوات الحكومية و غير ذلك من التفاصيل و الجزئيات التي قد يجهلها أفراد القوات الأمنية . أضف إلى ذلك فإن ثمة دافعا نفسيا أكثر إلحاحا لأبناء المناطق المنكوبة بالتواجد المليشياوي فهم يعملون لأجل عوائلهم و أطفالهم و حفظ ممتلكاتهم . و من هنا نرى إن على الحكومة العراقية تقوية ذراع مجالس الإسناد و دعم تجربتها و ليكن مفهوما ألا خوف من هذه المجالس لتنقلب إلى مليشيات تمثل تحديا جديدا لها . فهي لا تحمل فكرا و لا تناضل من اجل شخصية مقدسة في نظرها و لا تطمع في فرض نفوذها و تستبدل وجودها بوجود المليشيات لأنها في هذا الحال ستصادر مطلوبها هي نفسها فمن ينخرط في صفوف مجالس الإسناد لم تحركه سوى رغبة الخلاص من المواجهات التي تجتاح مناطقهم بين الحين و الآخر و لأجل توفير الأمن و الأمان لأنفسهم و أسرهم و فتح باب طلب الرزق أمامهم كلا و ما يمارسه من عمل .
على السيد المالكي أن يولي اهتماما أكبر لمجالس مدينة الصدر ولا يفوت الفرصة و إلى جانب ذلك تستمر القوات العسكرية بعملها المعتاد و وفقا للخطط الموضوعة لها في هذا الصدد دون أية مزاحمة أو لحظة انتظار أو اتكال على غيرها . و بهذين الجهدين اللذين يسيران جنبا إلى جنب ستكون فرصة الوصول إلى الأهداف متحققة في وقت أقصر و ستكون أكثر ضمانا و استقرارا .
https://telegram.me/buratha
