المقالات

الموت ولعنة الأيديولوجيا

832 2022-09-07

حمزة مصطفى ||

 

مات ميخائيل غورباتشوف (الزعيم السوفياتي) عن عمر ناهز الـ 92 عاما, ومات سامي مهدي (الشاعر العراقي) عن عمر ناهز الـ 80 عاما. كلاهما مع إختلاف مهنة كل واحد وظروفه مثل زهير إبن أبي سلمى أحوج سمعهما "الى ترجمان". وبينما كانت حاجة بن أبي سلمى الى ترجمان فقط  فإن حاجة كل من غورباتشوف وسامي مهدي تحكمها سياقات أخرى بسبب الفارق بين عصره وعصرهما.  لم يشفع العمر المتقدم للشاعر سامي مهدي والمتقدم جدا للسياسي غورباتشوف من أن تنالهما بالنقد والتجريح المواقف والآراء والرؤى   المتشابكة, المتضاربة, المتقاطعة حد التناقض والتقاطع والإشتباك الحاد في كل شيء بدء مما هو شأن شخصي بل شديد الخصوصية الى عام يتعلق بالإبداع شعرا ونثرا وهو ماكانه الشاعر الراحل سامي, أو سياسة ومواقف وهو ماكانه غورباتشوف.

كلا الراحلين وقد رحلا عن دنيانا في وقت متقارب كانا ومازالا ضحية الأيديولوجية او لعنتها إن جاز التعبير. فيما يتعلق بخصوم سامي مهدي أو كارهيه الذين فرخ الكثير منهم فجأة بعد موته لم  تشفع له شاعريته التي لايختلف عليها إثنان بقطع النظر عن كونها  تقترب من شاعرية السياب أو سعدي يوسف أو أقل أو أكثر أو مابينهما, كما لم تشفع له جهوده الجادة في النقد والبحث والترجمة بصرف النظر عن أهمية هذه الجهود وقيمتها المعرفية وما أضافته الى الثقافة العراقية أو المكتبة العربية. النظرة بدت مسبقة لجهة البدء بجلسات محاكمة سامي مهدي ولايزال جسدا مسجى بإنتظار الدفن على مواقع التواصل الاجتماعي ومن لدن جمهرة من الادباء والمثقفين ممن نصبوا أنفسهم قضاة يحاكمون ويحكمون عليه وفق أدلة جاهزة أبرزها بل في المقدمة منها الإنتماء الأيديولوجي. أما لوائح الإتهامات فتبدأ من وقائع يثير بعضها الشفقة والسخرية مثل تهمة هي الأسخف من نوعها    "ساعة مسروقة" أو إرتداء السفاري أو بدانة مفرطة أو ماشاكل ذلك من قصص وحكايات. كل ذلك وأكثر قيل عن سامي مهدي الذي كان لا "يحل رجل دجاجة" حتى على صعيد إنتمائه الأيديولوجي بالقياس الى وداعته ودماثة خلقه وإنصرافه حتى في ظل الأيدولوجيا التي يعتنقها الى مشغله الإبداعي شعرا ونثرا. ومع أن معظم محبي سامي مهدي ممن حضروا مجلس فاتحته المتواضع تذكروا حكاية القاضي وبغلته, لكن سامي رحمه الله لم يكن قاضيا لكي يفجع ببغلته التي حضرت فاتحتها "أمة الثقلين" بينما حين يموت يدرك أن لايحضر فاتحته أحد. لكن على مدى يومين حضر فاتحة سامي مهدي جمع من الناس والأدباء لايهمهم القاضي الذي "يتلوك" له الناس حيا ويعافونه ميتا بل أكاد القول إنها طبقا لعزلة سامي مهدي المعروفة لكل الناس تعد من أضخم الفواتح إذا قورنت بمعادلة القاضي والبغلة.

أما غورباتشوف الذي راح ضحية فهمه للإصلاح إن كان على مستوى الشفافية أوإعادة البناء طبقا للظروف الدولية والمحلية المحيطة به آنذاك فإن موته فجر بحقه أيضا لعنة الأديولوجيا التي لم يكن متمسكا بها شأن أسلافه وبالذات آخر عجائز الإتحاد السوفياتي. ولعل معادلة القاضي والبغلة  إنطبقت عليه تماما بحيث لم يحضر جنازته أحد بمن في ذلك .. فلاديمير بوتين.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك