المقالات

ما السر في "صندوق الاقتراع"؟


محمود الهاشمي ||

 

انتهت "فتنة الخضراء" ولم تنته تداعياتها حيث ما ان يحط الظلام حتى بتنا نسمع "رشقات رصاص "تستيقظ  على اصواتها  الاسر من نومها مفزوعة لتتفقد الأمهات ابناءها وتبدأ رحلة الاتصالات لهذا الجار البعيد او القريب للسؤال عن هدف "الرشقات" ونتائجها، فيما يذهب كثيرون لمراجعة صور الكاميرات المنصوبة امام المنازل للحصول على المعلومة.

عند الصباح يتبين الخيط الأبيض من الأسود، وتجد الاخبار في الأسواق وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى قنوات "الفتنة" تلوك بها وتمط بالخبر، يميناً وشمالا وكأنّ  العراق على صفيح ساخن، وان أبناء "الطائفة" يتقاتلون فيما بينهم وكأنه عرس لاحد الملوك والامراء..

هذه "الفتنة" انفقت عليها "دول التطبيع" كثيرا من المال وقد تصل الى المليارات، وجندت منصات إعلامية وشخصيات مأجورة حتى كان لها بعض ما تطمح وتريد.

استطاعت قوات الاحتلال ان تمهد لهذا المشروع بعد دخولها العراق حين قسمت احياء بغداد، وبعض المحافظات الأخرى المتنوعة الى "مدن طائفية" وعرقية عملت على صناعة حرب أهلية في السنوات "2005-2006" وما شهدت هذه المرحلة من اعمال قتل على الهوية.

هذا "التمهيد" كان مخططاً له يبدو قبل "الاحتلال"  لان السؤال عن الطائفة لازم جنود الاحتلال عند دخولهم ليتحول الى سؤال عام لدى العامة من الناي و مشكلة مازلنا نعاني منها، وتشكلت وفق ذلك ثقافتان لكل "طائفة" او عرق ثقافة يستمدها من المنصات الإعلامية الخاصة به.

واذا كانت مناطق شمال العراق "الإقليم"حاليا قد شهدت حروبا أهلية بين أربيل والسليمانية قبل الاحتلال الأمريكي للعراق ولم تنطفئ فتنتها الا في تسعينيات القرن الماضي فان المناطق الغربية من البلاد اخذت حصتها في الحرب الاهلية بعد الاحتلال، ودخول التنظيمات الإرهابية الى هذه المناطق وسقوط الالاف من الضحايا والتدمير والتهجير، فيبدو ان حصة مناطق الوسط والجنوب قد تم الاعداد لها في "المطابخ الامريكية" على نار هادئة، لتنمو وتكبر وتكون وقودها الناس الابرياء .

يقول المفكرون "ان خسائر الحروب الاهلية هي الاطول والاكثر خسائر عبر التاريخ لانها تدور وسط الاحياء والمنازل وليس في ميادين الحرب التقليدية"، ويؤكدون ايضا "ان الامم التي تتعرض الى حروب اهلية لاتنهض على الاقل الا بعد 50 الى مائة عام".

فالحرب الاهلية الامريكية امتدت لاربعة اعوام فقط من "1861-1865"، لكن مازال الكتاب الامريكان يقولون عنها "الحرب الاكثر دموية "ومازالت تعاني منها الولايات المتحدة بل ومشروع "الحرب الاهلية" بين اهل الشمال والجنوب مازال قائما وقد يشتعل في كل حين، وهي واحدة من الاسباب التي يجعل  الشعب الامريكي الاكثر اقتناء للسلاح الشخصي بالعالم.

ضربنا هذا المثل على امريكا فيما التاريخ فيه من هذه  الشواهد الكثير، يقول احد الكتاب في رواية طالعتها ايام صباي ونسيت اسم كاتبها الافريقي عن الحرب القبلية في افريقيا "كمن يخرب منزله بيده".

ولمواجهة مشروع حرب الاخوة لابد لنا ان نقول كلمتنا والا فان النار ستطال ثيابنا جميعاً.

قد تبدو "رشقات الرصاص" محدودة وقد يحاول "العقلاء" التقليل من اهميتها ولكن "الشيطان" ينغز اذا ما كبرت ""الرشقات " وتحولت الى دماء و"قتل" ومازالت المنازل ملأى بالاسلحة الثقيلة والخفيفة وشاهدنا ماذا حدثت  من خصومات بين العشائر.

ان حطب "الحرب الاهلية" هم الفقراء ومن ساكني الاحياء الشعبية  فهؤلاء عملة جاهزة لتداولها في  مثل هذه الحروب ففيهم يقع الموت والتهجير، فيما "قادة الحرب" ينامون في بروج مشيدة.

ما اود ان اقوله ان الصحة والامان نعمتان مفقودتان، وليس من الصلاح ان نضع قلقنا وموتنا بايدينا وان نترك الاجتهاد بالتصرف لهذا او ذاك من الشباب، لان المشكلة اذا كبرت ستطال "الكبار" ايضا فمن كان مسلما فان الاية الكريمة، "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )

)، ومن كان علمانيا فليتعض من احد المفكرين السويسريين  عقب الحرب الاهلية:" ليس فينا منتصر".

نسأل : ماذا استفدنا بالعراق من "الحرب الطائفية "والتي فقدنا  فيها اعزة لنا واحبة وشباباً واباء ومازالت ذكراهم  توجع القلوب، وليس فينا من انتصر ، ومن لم يطله الموتُ طاله التهجير او فقدان عزيز.

ان الذي اخترع "صندوق الاقتراع" ليكون حكما بين الناس كان يهدف للخلاص من الانقلابات والصراعات العسكرية في الاستيلاء على السلطة.

قد لايكون @صندوق الاقتراع "حكما نزيها – احياناً- ولكن يبقى حلاً، بدلاً من اراقة دم او ترويع الناس وتهجيرهم.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك