المقالات

رسالة الحواسم لفك الطلاسم – طلّسم القيادة الصدرية


( بقلم : فالح غزوان الحمد )

كثيرا ما تساءلت مع نفسي أو مع بعض الأخوة عن التناقضات و تقلب المواقف التي تفصح عنها بيانات و خطب السيد مقتدى الصدر ، و كنت أحاول فهم كيف تكون ردة فعل أتباعه مع صدور أي بيان أو رسالة عنه ؟ و هلا تساءلوا كلا أو بعضا عن معنى هذا التقلب و التبدل في المواقف و ذلك الغموض و الإبهام في عبارات الخطب و الرسائل ؟

و هل بالفعل أن ثمة شبابا في القرن الحادي و العشرين يمكنهم أن يسلسلوا القيادة بل يغمضوا أعينهم و يسيرون خلف شخص لا موقف ثابت له و بالتالي فلا رؤية و لا هدف واضحين ؟؟ من الأجوبة التي لها درجة من الإقناع هو أن الصدري في اللحظة التي يسأل نفسه فيها عن معنى كلمات و عبارات السيد القائد و وضوح ما يعتورها من غموض و تناقض لن يكون صدريا ، و كذلك فلا داعي للاستغراب من وجود فئة من شباب اليوم يسيرون عميان باختيارهم خلف زعامات و قيادات على شاكلة مقتدى و الزرقاوي و ابن لادن فالجهل يضرب بأطنابه على ربوع الكثير من بلدان الشرق الأوسط و غيرها . و لكنني انشغلت بزاوية أخرى غير هذين بعد الاطلاع على رسالة لمجموعة من أتباع مقتدى و هم يسألونه فك طلاسم خطابه أو بيانه الأخير و الحق أن لهم الحق في أن يكتبوا لقائدهم مقررين :

" إن هذه البيانات التي تصدرها سماحة السيد مبهمة ويراها الشارع الصدري متناقضة في بعض الأحيان وقد شتت الجهود وضيعت فرص الانتصار على الأعداء المحتلين " . و أن يتساءلوا :

" سماحة السيد نرجو بيان رأي الشريعة المقدسة بوضوح في حكم هؤلاء القتلة المعتدين الغازين بمعيية المحتل

" . أقول إن أشد ما انشغلت بالتفكير فيه هو ذلك الميزان الصدري الذي قسم بموجبه الحوزة العلمية إلى صامتة و ناطقة و نعلم أنه تقسيم فيه إهانة بالغة للحوزة فضلا عن عدم وجود معنى له من الأساس سوى ما أكدوه و استمروا في تأكيده وهو أن الحوزة أو المرجعية الناطقة هي تلك التي تتواصل مع أتباعها و لا تحتجب عنهم و تنظر في مختلف قضايا المجتمع و أن تجيب قبل أن يسألها الناس . و أما ما هو متعارف عن الحوزة منذ تم إنشاؤها و ما تسالم عليه فحول الفقهاء و كبار العلماء فهو أمر خاطئ و كان لدواعي الخوف و طلب العافية !! لا أريد الدخول في مناقشة حول هذه النقطة و اكتفي فقط بالتذكير أن منهج الفقهاء و المراجع في الحوزة الشيعية كان يسير على هدي خطى الأئمة عليهم السلام فضلا عن أن أبواب المراجع و العلماء مفتوحة و مشرعة على مصراعيها و للكلام محل آخر .

غير أن المعيار أو الميزان على حد تعبيرهم و الذي ذكرناه من قبل هو الذي تم من خلاله وزن مقتدى الصدر و خلع ثياب القيادة على أكتافه و تنصيبه مرجعا بالقوة و الفعل معا على أساسه ، قائدا ناطقا يمثل امتدادا روحيا و فكريا و عقديا للولي المقدس  .

هنا أتساءل و ليت الصدريين يسالون أنفسهم أيضا : إن السيد مقتدى غائب عن الأنظار منذ عدة أشهر و لم يهتدِ صدري واحد إلى طريقه ، و الناطقية كما هو مفهومها الاصطلاحي لدى الصدريين تواصل صميم مع الناس التابعين و المقلدين و اطلاع عن كثب على ما يهمهم من شؤون دنيوية و أخروية .. فأين مقتدى الصدر من هذا كله و هو المتخفي المحجوب خلف أستار كثيفة من الكتمان ؟ و لئن كان المبرر هو الخوف على حياته فإن من شروط المرجعية الناطقة وحسب تعريف الصدريين بوحي من تعليمات " الولي المقدس " هو أن المرجع لا يمكن تبرير غيابه عن المجتمع بدواعي الخوف و التقية ! تفصح الرسالة المنشورة عبر المواقع الإلكترونية عن بداية تبلور شعور أو تحرك فكرة عقلانية تضرب السواكن الصدرية .

 فالذين أرسلوا الرسالة ذكروا فيها : " سماحة السيد إننا التجأنا إلى إرسال هذا الاستفتاء عن طريق المواقع الالكترونية لأننا لم نعثر على عنوانك الشخصي كي نراسلك عن طريقة ولا نعرف مكان تواجدك حتى نسألك مشافهتاً " .

لا ادري إن كان هؤلاء قد بلغ التفكير الصحيح بهم مبلغ أن يتساءلوا : إذا كان ما مُنِح على ضوئه مقتدى الصدر زعامة التيار و أصبح قائدا لأتباع السيد محمد صادق الصدر هو أنه يمثل امتدادا " للنطق " الصدري قد تلاشى الآن و لم يعد له معنى و هم حائرون كيف يسعهم الوصول إليه ولو بمراسلته ليستفتوا منه استفتاء شرعيا واحدا حول قضية حساسة و مصيرية بالنسبة لهم ، فهل يبقى مقتدى متوفرا على معنى ما كزعيم و قائد ؟ إن أتباع أي عالم دين أو مرجع أو قائد بوسعهم التواصل معه مباشرة أو عبر وسائط متعددة و متنوعة مع أنهم بالتقسيم الصدري مراجع و علماء صامتون ، فأي مفارقة يضع الصدري نفسه فيها الآن ؟؟

آمل أن يدرك بعض الأخوة ممن نرجو أن يعودوا إلى رشدهم وصوابهم الحقائق كما هي ، و أن يحكموا عقولهم و ينظروا ببصيرتهم للواقع و أن يضعوا حدا لانخداعهم بشعارات مزوقة و أن تكون مثل هذه الرسالة مؤشرا لبداية لمراجعة الذات و الوقوف للتأمل في الأمور بتعقل و روية و إن كان أملا ضعيفا للغاية إلا أن رجوعهم و تغليب صوت العقل لتجنب إراقة المزيد من الدماء البريئة و أن يخلصوا لوطنهم و يسهموا في إشاعة الأمن و التسامح و نبذ السلاح و التخلي عنه كخيار في سبيل مصالح سياسية إن أتت اليوم فستذهب غدا ، لا يعد أمرا مستحيل الوقوع .

فالح غزوان الحمد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
هاشم
2008-04-28
((1)) ليس فقط أتباع مقتدى من الشباب يسيرون خلفه صما وعميانا بل حملة الشهادات العليا ممن يمثلون التيار في محافل الدولة السياسية يسيرون بنفس الطريقة والسبب المصالح وليست المبادئ ،فهذا الرجل جعل منهم قادة يتقاضون الرواتب العالية وينعمون بالأمتيازات وتتهافت على نشر تصريحاتهم محطات التلفزة وغيرها من وسائل الأعلام، ثم هو لفئات اخرى محسوبة على التيار خير غطاء ينفذون من خلاله مآربهم الشيطانية (يتبع)
هاشم
2008-04-28
((2)) وحتى انصاف المتعلمين من المعممين ممن حوله هل كان سيقام لهم وزن وهم بهذه الضحالة الفكرية والعلمية لولم يتحركوا من خلاله ويصرحوا ويواجهوا الماكنة الاعلامية ليلا ونهارا؟؟ اما التقوى والخوف من الله وخشية يوم المعاد فلا مكان لها في تفكيرهم والعياذ بالله!!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك