المقالات

حتمية التجديد في أطروحات المفكر د.علي المؤمن 

1643 2021-12-18

 

حسين فلسطين ||

 

يعد الدكتور علي المؤمن أحد المفكرين والباحثين المجددين الذين يمتازون بجرأة الطرح والغوص بما هو أعمق من المعنى في أطروحاته، فغالباً ما يبتعد عن السطحية في كتاباته رغم سلاسة ما يطرحه من أفكار وآراء ينفرد بها عن أقرانه من الكتّاب والمفكرين، ليثبت في مؤلفاته ثقافة إسلامية خاصة منحته ميزة التجديد والحداثة دون أن يفرط بالثوابت الاسلامية والعقائدية والوطنية ليحتل فضاء التجديد في الفكر الإسلامي. 

ولعل الجذور الدعّوية للمؤمن وثقافته "الصدرية" اهم العلل والأسباب التي قدمته بقوة في مجالات عدة أهمها:الفلسفة والسياسة والفكر فالتلميذ المجتهد للمفكر الإسلامي المعاصر والفيلسوف الفذّ اية الله العظمى محمد باقر الصدر ظل يقتفي أثر أستاذه الذي أصبح نداً مزعجاً للفكر الغربي المادي خصوصاً في فهم وتطبيق الحرية وحدودها وآثارها في الفرد والمجتمع سياسياً واقتصادياً ودينياً، من دون أن يكون تقليدياً في أطروحاته ورؤاه مع رعايته التامة والدائمة للظرفية ومواكبة الأحداث والتطورات ومراعاة العامل المتغير في شتى مجالات الحياة. 

الثراء المعرفي والثقافي وموسوعية علي المؤمن جعلت مداد قلمه سبباً في ان تزخر الواحة الفكرية العربية والإسلامية بمؤلفاته فالبدء بـ(الإسلام والتجديد)

لا ينهي عطاء فكره عند حدود (تجديد الشريعة) وبالتالي فإن مسالة نضوب افكاره عند بحر (من المعاصرة إلى المستقبلية) أمراً مستحيلاً في ظل فيضه  المستمر الذي يسابق سنوات عمره المعرفي والتوعوي ، ولكي لا أفسد خزينه الثقافي، ولأنني لا أرغب في أن اقضم واجتزء ثمار فكره أقف عند حدود عناوين مؤلفاته  من دون أن اتجرأ لشرح نظرياته العلمية والبحثية التي تتناول كيفية التعاطي الإسلامي مع المتغيرات التي تهدف لحل إشكاليات التجديد المعاصرة من خلال بحثه في قوة الشريعة الإسلامية ومرونتها مستغلاً معنى ومفهوم وسببية "الاجتهاد الفقهي العلمي" لعلماء المسلمين ومتطلبات عمل المتهجد و في مقدمتها التحرر الفكري والأخلاقي الذين لا يتجازوا مسألة الثابت الإسلامي والإنساني، وبالتالي فإن الاجتهاد يعني تجديد الأحكام الشرعية ، كذلك فإن رؤى المؤمن في ضرورة سلوك طريق الحداثة لم تقتصر على المسائل الفقهية وتماسها مع الحياة اليومية للفرد المسلم،سواء بيان ما هو مباح وما هو محظور أم الانتقال من وإلى الاحوط وجوباً والاستحباباً ؛بل انه تناول في جزء كبير من كتاباته  وجوب التجديد في الخطاب الإسلامي وترك الخطاب التقليدي الذي سارت عليه الأدبيات الحركية الاسلامية بما ينسجم مع المفاهيم العالمية الضاغطة التي فرضها الواقع كمدنية الدولة و حدود الحرية و حقوق الإنسان. 

المفكر علي المؤمن من بين المفكرين المعاصرين القلائل الذين وثقوا جهودهم العلمية والبحثية مبكراً إذ كان ربيعه السادس عشر كافيا للظهور القوي والمؤثر بين أقرانه أيام النضال في حقبة الطاغية صدام علی الرغم من تزاحم الشخصيات ذات الثقل السياسي والعلمي والبحثي آنذاك،خصوصاً مع الظروف القاسية التي عاشها ولا سيما في غمرة اعتقال وإعدام وملاحقة وتهجير عدد من إخوته ورفقائه، وهو يحظى بعلاقات  ثقافية واجتماعية وسياسية في  لبنان وإيران والبحرين وسوريا والسودان والجزائر وتركيا ومصر ومعظم البلدان الإسلامية، فلم توقفه آلة القتل الصدامية البعثية،ولم يغتر بملذات العهد الجديد ليواجه الإقصاء والتهميش مرة أخرى بعد فسحة "الإنصاف المقنن" الذي لم يدوم لأكثر من ثلاثة اعوام وتحديدا منذ عودته إلى العراق عام ٢٠١١ وإدارته لقنوات إعلامية ومراكز بحوث ،وتقديمه العديد من النشاطات والفعاليات التي لم ترق لذوي الجذور البعثية الذين عادوا بفعل فاعل للتحكم بالمشهد الثقافي والإعلامي،ورغم كل ما تحاوله هذه الماكنة إلا أنه هزّ الساحة الإسلامية عموما، والساحة العراقية خصوصا بإصدار جديد أرسی فيه مفهوم جديد وقعّد له، ألا وهو كتابه الموسوم"علم الاجتماع الديني الشيعي"لينقش اسمه بمداد خالد علی جدار الهوية الشيعية العراقية  والإسلامية عموما؛لذا صار الدكتور المؤمن ـ ومن وجهة نظري ـ المفكر الباحث،وليس الباحث المفكر!!

فهو يؤسس لكيانية الشيعة،ويرسي قواعد البنية الاجتماعية الخاصة بهم ككتلة بشرية تتسم بخصائص وصفات تميزها عن غيرها وتمنحها الفرادة والخصوصية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك