المقالات

الفساد الإداري… البعدالثالث


( بقلم : جودي المحنه )

لن نستعرض هنا تصنيف منظمة الشفافية الدولية للعراق واعتباره في مصاف الدول المتقدمة في مجال الفساد الما لي والإداري. ولن نتعرض للأبطال الأشا وس واصحا ب الملاحم البطولية في معارك (الاختلاس والاحتيال والابتزاز والتزوير) والذين تمكنوا من انتزاع لقمة الجياع من أفواههم واستأثروا با لمال العام ، وتلك نتائج أفرزتها هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الدولة و المجتمع، أو الوباء السريع الانتشار والفاعل العدوى الذي يعا ني منه الناس اليوم، ليس في العراق فحسب وإنما في كثير من بلدان العا لم ... وهو متعدد الوجوه والجوانب والظواهر وله آليات وأساليب عمل وضعها المفسدون نتيجة خبرتهم وتمرسهم في عمليات التلاعب والاحتيال والابتزاز وحجب الخدمة عن المواطنين دون مقابل أواستغلال...

وليس من اليسير مواجهة ومعالجة الفساد دون برنامج عمل وآليات وخبرات تكون بمستوى عال تجند لها طاقات بشرية ومادية وإعلامية فاعلة و تهيئة كوادر بديلة على مستوى من الكفاءة والأمانة والنزاهة لاحتلال مواقع المسئولية بديلا عن هؤلاء الذين يستعصي أحيانا استجابتهم للعلاج .. .

لقد وضعت الأمم المتحدة برامج لمعا لجة الفساد الإداري والمالي. بعد دراسات ميدانية واستشارية و تقيم تجارب دولية لمحاصرة هذه الضا هرة وتحجيم إفرازاتها، يمكن الإفادة منها في مجا ل التطبيق والمعا لجة في الدول التي تعاني من هذا الوباء وقد تشترك الدول المصابة بظروف متشابهه مع بعضها من الدول الاخرى في مسببات الإصابة فغا لبا ما تستشري هذه الظاهرة عند حصول انعطافات حادة في الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في هذه الدولة او تلك وغالبا ما يرتبط ذلك بقهر سياسي أو اقتصادي سابق او سقوط نظام حكم ظالم كان يفرض نظام التقشف والحرمان . والاستئثار با لمال العام من قبل ا لطغمة الحاكمة وأتباعها .. فسرعان ما ينفجر الوضع وتختل الموازين وتضيع الحسابات ويغدوا المال العام عرضة للنهب والاحتيال، ويتحول الأداء المهني إلى أ داء مشلول لا يلبي حاجات الناس نتيجة انهيار هيكلية الدولة القديمة واضطراب الحركة الاقتصادية وانتشار البطا لة وانشغال السا سة في نتائج وإفرازات العملية القيصرية العسيرة لولادة نظام حكم جديد من رحم الأحداث وإرهاصاتها...

وليس ببعيد ما حصل لدول ا لاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي السابق عند بداية تحولها إلى الاقتصاد الحر فانتشر الفساد وعمت الفوضى و عمليات السطو والسرقة والقرصنة وانتشرت الشركات الوهمية ومكاتب الاحتيال والابتزاز والعصابات حتى وصل الأمر أن يباع اليورانيوم المخصب في الأسواق العالمية من قبل عصا با ت القرصنة ومافيات الجريمة وان يضل الجيش الروسي أشهرًا بدون رواتب لإفلاس الدولة الروسية، وخضوعها لمساومات دولية من اجل تسديد رواتب جنودها ولازالت تعاني مثل هذه الدول إلى الآن من مساوئ الفساد الإداري والمالي ... فليس غريبا ما يحصل عند نا من تواجد بؤر الفسا د هنا وهناك ونحن بلدا حكم عقودا من الزمن دون عدالة او مساواة بين أفراد المجتمع ومورس فيه أنواع التمييز والقهر والحرمان والاستلاب وهدر الحقوق والاستئثار بكل شيء دون مراعاة لأبسط حقوق البشر فأ نعكس ذلك سلبا على سلوكيات بعض الأفراد في أجهزة الدولة ومفاصل الخدمة نتيجة حرمان سابق، وقناعات غير مشروعة، واستغلال ظروف تكوين الدولة العراقية الجديدة. اضافة الى توفر مساحات متروكة تسمح للحراك غير المشروع ، كل هذه العوامل والتراكمات جعلت ظاهرة الفساد تطفوا إلى السطح دون اكتراث من احد. أو مراعاة لشريعة ا واحترام لحقوق أو مراجعة لضمير.. إن هذه الظاهرة ليست طويلة العمر بل أن موتها وأزالتها مرهون باستقرار مؤسسات الدولة واعتمادها الدستور وشفافية القانون وتطويرا لعمل الرقابي والإشراف الحسابي الدقيق إلى جانب أرادة عالية القدرة والكفاءة على ا لمواجهة مع فهم دقيق لعمق المسئولية الشرعية والأخلاقية وروح المواطنة الصالحة...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك