المقالات

مفوضية الانتخابات لعبت بالنار


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اخطر مؤسسات النظام البرلماني "الديمقراطي" في العراق.

فاذا كانت الديمقراطية تعني انها الية لتداول السلطة سلميا ودوريا عن طريق الانتخابات العامة النزيهة والشفافة والعادلة، فان تداول السلطة يتم عن طريق الارقام. والرقم الواحد، زيادة او نقصانا، يمكن ان يقلب الطاولة، بل يمكن ان يحرق بلدا بكامله. وهذه الارقام الحارقة هي بيد المفوضية العليا. فهي المصدر الوحيد المعتمد لهذا الارقام وهي السلطان  الذي "يُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرينِ".

ولهذا كانت المفوضية موضوع صراع وخلاف عميقين داخل المجتمع العراقي. الاحزاب تريد السيطرة عليها وتقاسم النفوذ فيها، لانها تمثل طريقها المضمون الى السلطة والمحافظة على السلطة، والمعارضون يريدون تحريرها من الاحزاب لانها طريقهم الى تفكيك سلطة الاحزاب الحاكمة وصعود بدائلها. ولهذا كانت اعادة تشكيل المفوضية من اشخاص مستقلين عن الاحزاب احدى مطاليب التظاهرات الاحتجاجية في تشرين عام ٢٠١٩ وغيرها. واسفر العقل السياسي العراقي عن بدعة تشكيل المفوضية من قضاة لا خبرة لهم بهذا النوع من العمل. وهذا ما كان.

في تطورات ما بعد انتخابات ١٠ تشرين الاول  اتضح ان مفوضية القضاة مرتبكة عاجزة غير كفوءة وغير قادرة على ادارة العملية الانتخابية بشكل سليم وسلسل وعادل. بل انها تسببت في ارباك المشهد السياسي بجمهوره الغاضب ونخبته المتصارعة فيما بينها، بسبب اعلاناتها الاولية وغير النهائية وغير الرسمية لنتائج الانتخابات، وصارت ارقام المرشحين الفائزين مثل الاسهم في الاسواق المالية تصعد وتنزل مع دقات الساعة، او دقات قلوب المتابعين للمشهد بقلق وخوف.

ولابد ان هذا التخبط والارتباك يخفي ما هو اعظم فاصبحت نزاهة الانتخابات وشفافيتها وعدالتها على المحك. لا يستبعد ان القضاة كانوا ضحية، ليس فقط ضحية جهلهم وقلة خبرتهم، وانما ضحية ما قد يكونون قد تعرضوا له من ضغوط وربما تهديدات وراء الستار اثناء عملية التصويت واعلان النتائج. وحين بدات بمراجعة او تصحيح عملها بدأت فضيحة لعبة الارقام  بالانكشاف بالتبدلات المتسارعة في حصص الاحزاب من الاصوات والمقاعد النيابية.  وقد احرج تخبط المفوضية السيد مقتدى الصدر شخصيا الذي ادرك حراجة الموقف الذي وضعت مفوضيةُ القضاة البلادَ فيه، فقال بعد يوم واحد من خطاب الانتصار، في تغريدة مهمة بالغة الاهمية: "ليس المهم من يكون الفائز في هذه الانتخابات" بل انه توقع ضمنا ان تؤدي هذه اللعبة الى تراجع حصة "الكتلة الاكبر" التي كان قد اعلن عنها في خطاب الانتصار، فقال:"ان تراجعها لا يضر (الكتلة الاكبر) فهي لا تريد الا نفع العراق وشعبه ولا يهمها المصالح الخاصة تلى الاطلاق" و لهذا قال:"ندعو الجميع الى ضبط النفس والتحلي بالروح الوطنية من اجل الوطن والالتزام  بالطرق القانونية في ما يخص الاعتراضات الانتخابية وعدم اللجوء الى ما لا يحمد عقباه". ومن الواضح ان دعوة ضبط النفس موجهة بالاساس الى انصاره في التيار الصدري الذين سوف يسوؤهم ترجع حصتهم من الاصوات والمقاعد بعد التعديلات التي اجرتها مفوضية القضاة.

الموقف الان ليس مما يسر الصديق، والثقة بالانتخابات، المهزوزة اصلا ومسبقا، تلقت ضربة قاضية سيكون من الصعب جدا التخلص من اثارها السياسية والنفسية، وسيتطلب تجاوزها جهدا استثنائيا قد لا يقدر اصحاب الشأن على القيام به.

كل هذا يدعو الى اعادة النظر بطريقة تشكيل المفوضية، وطريقة ادارة العملية الانتخابية، والاستفادة من الخبرات المحلية والعالمية في هذا الشأن. ولعل اول درس مستفاد هنا هو انكشاف خطل وخطأ الشعار المنسوب زورا الى المرجعية والقائل ان المجرّب لا يجرّب، والصحيح هو القول المنسوب الى الامام علي والذي يقول:"في التجارب علم مستأنف" او "علم مستفاد"، كما في رواية اخرى

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك