المقالات

عن الدولة واللا دولة واستعادة هيبتها


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

تتكرر هذه الأيام عبارات مثل: اعادة هيبة الدولة، الدولة مقابل اللادولة، وما شابهها. وهي عبارات جميلة تؤشر الى ان قائليها يقفون في صف مفهوم الدولة، ويعارضون ما يخالفه او يناقضه او يضاده. وبما ان القائلين بهذه العبارات هم من المشاركين الاساسيين في المشهد السياسي لما بعد ٢٠٠٣، فان نطقهم بهذه العبارات يكتسب اهميةً.

ذلك ان من اوائل عيوب التأسيس هو الانشغال بتقاسم السلطة دون العمل الحقيقي لبناء الدولة. ولهذا تحولت المؤسسات التي وجدت اصلا ضمن مخطط بناء الدولة، مثل مجلس الوزراء ومجلس النواب وغيرهما، الى دوائر لتقاسم السلطة على اساس المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية. وتعمقت هذه الحالة السلبية جدا وامتدت الى كل الكيانات والهيئات الفرعية في الدولة الى درجة ان ممثل احد الاحزاب اشتكى من عدم وجود ممثل لهم في مجلس امناء احدى هذه الهيئات، لانه يفهم انه يجب لن يكون لحزبه ممثل في كل مؤسسات الدولة حتى المهنية او الفنية منها.

ونتج عن ذلك بطبيعة الحال ضعف التوجه لبناء الدولة، بل ضعف الدولة نفسها. وربما هذا هو الذي جعل شركاء السلطة يكتشفون هذا العيب مؤخرا، وينادون بالدولة مقابل اللادولة التي شاركوا في ايجادها اصلا، او استعادة هيبة الدولة التي شاركوا في الحط من قيمتها. فاذا اردنا ان نحسم الظن بهم فسوف نرحب بهذا الاكتشاف، واذا اردنا ان نسيء الظن بهم جاز لنا ان نفسره بغير هذه المعنى.

وفي هذا الاطار جاز لنا ان نتساءل عن مفهوم الدولة وصورتها وصفتها التي ينادون بها. صحيح ان الدستور في مادته الثانية رسم الخطوط العريضة لهوية الدولة، وصحيح ايضا ان الدستور حدد في البابين الاول والثاني المباديء الاساسية للدولة و التزاماتها وواجباتها، الان الدستور يشكو من امرين اولهما الثغرات الكثيرة التي يحتويها، وثانيهما عدم التزام فرسان الحرب والسياسة بمواده. وبالتالي فان الدستور غير كاف لمعرفة ما يدور في اذهان مرددي هذه العبارات على صعيد تعريف "الدولة"  التي يقصدونها. واخذا بنظر الاعتبار خصوصيات الدولة العراقية، فان الذهن ينصرف الى نوعين من الدول هما: الدولة المتخلفة، والدولة الحضارية الحديثة. وهنا سوف يصدمنا الصمت المطبق لدى مرددي هذه العبارات حول هذا الامر. فلسنا نعرف موقفهم من التخلف بمختلف اشكاله ومستوياته، ولسنا نسمع التزاما بالعمل على القضاء على التخلف، ولا نعرف خططهم ولا برامجهم في المعركة ضد التخلف، هذا اذا كان في نيتهم خوض مثل هذه المعركة. (الفساد من نتائج التخلف وافرازاته بنظري).

هذه من جهة، ومن جهة ثانية فنحن لا نسمع شيئا حول النوع الثاني وهو الدولة الحضارية الحديثة، من مرددي هذه العبارات. واذا كان وصف "الحضارية" متعلق بالمركب الحضاري ومنظومة القيم العليا الحافة بعناصره الخمسة، فاننا لم نسمع منهم شيئا حول هذه النقطة المهمة. واذا كان وصف "الحديثة" متعلقا بالحداثة، والعلم الحديث هو العمود الفقري لها، فاننا لم نسمع شيئا من مرددي هذه العبارات حول العلم والتعليم في العراق، وتحديدا حول النظام التربوي الحديث، وكأن مرددي هذه العبارات يتعاطون مع مسألة الدولة بمعزل عن نظامها التربوي والتعليمي. وهذا امر ان صح فهو يشير الى عدم اكتشاف مرددي هذه العبارات لهذا العيب التأسيسي الخطير.

والنتيجة؟

لا تكفي عبارات "الدولة واللادولة" او "استعادة هيبة الدولة" ما لم يتم الانطلاق من تعريف definition واضح لمصطلح "الدولة" التي يجري الحديث عنها بما يتطابق مع مؤشرات الدولة الحضارية الحديثة المعروفة دوليا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو محمد
2021-01-30
وانت نسيت شنو جنت ؟ شلون اجاك منصب رئيس شبكة الاعلام ؟ الم تجعل الشبكة بوقا للسلطة والحزب ؟ كافي يامعود خلينا بحالنا وروحوا اخذو راحتكم وعوفونا النا الله.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك