( بقلم باسم العوادي )
كان لنا في العام الماضي في الايام الأولى لتشكيل الحكومة الجعفرية مقال تحت عنوان نظرية الامن الشيعي وقد اخذ ذلك الموضوع طريقة للتطبيق العملي بصيغ مختلفة وبما ان تجربة الامن خلال السنه الماضية تحت قيادة وزارة الداخلية العراقية الجريئة التي حققت نجاحات كبيرة في ميدان المعركة مع الأرهاب ومن يدعمه مما أشعر حتى الأمريكان بالخطر بعدما بات من شبه المؤكد ان وزارة الداخلية العراقية في طريقها الى القضاء نهائيا على الأرهاب في العراق وكل متابع يعلم انه وقبل ان يفتتح السفير الأمريكي خليل زاد معركة مع وزارة الداخلية لايقاف طريق تقدمها في القضاء على الاهارب استطاعت الداخلية ان تخفض عدد العمليات الأرهابية في العراق الى معدل عملية واحده في اليوم وقد مرت ايام كثيره لم تحصل فيها اي عمليات ارهابية وكان ذلك بالخصوص في الفتره من الشهر الثامن الى الشهر العاشر ، ذلك القضاء الذي هدد مشروع السفير الامريكي الذي حدده في آخر لقاء له مع جريدة الحياة قائلا بأني قد جئت الى العراق لكي اشرك السنه في العملية السياسية ولكي احاور الجماعات المسلحة واشركها في العملية السياسية وبما اي تقدم للامن في العراق كان سيضع شروط جديده للعبة السياسية العراقية لذلك فقد ابتدا السفير الأمريكي بتهشيم مباني نظرية الأمن الوطني الفعال التي طبقها السيد بيان جبر والتي رسمها له مجموعة من مفكري ومنظري الائتلاف العراقي الموحد وانتهت نظرية الامن الفعال التي طبقتها وزارة الداخلية بحركة بشتونية للسفير الأمريكي من خلال افتعال ازمة مايسمى بملجأ الجادرية وعن اكتشاف مجموعة من السجناء او المعتقلين ممن تعرضوا للتعذيب على اساس طائفي ومن هذه الحادثة هبط منحنى القوة الامنية عن الاشهر التي سبقتها بدرجة ملفته للنظر وتأزمت العلاقة بين عموم الائتلاف العراقي الموحد ووزارة الداخلية العراقية وبين السفارة الامريكية في حين استمر السفير الأمريكي بهجومه على نظرية الامن الشيعية الوطنية من خلال تصريحات وكتابات في الصحف الأمريكية ومجموعة اعمال حجمت من قوة وزارة الداخلية وحدت من تأثيرها مما قاد في النهاية الى زيادة حدة العنف وارتفاع وتيرة العمليات الارهابية حيث استطاعت القوى الارهابية ان تفهم الرسالة الامريكية بدرجة سريعة وكبيرة ملفته للنظر وان تحول تراجعها الى تقدم اجرامي ملحوظ وكان ذلك وكما لايخفى مدعوم بحملة عربية اعلامية لامثيل لها في تاريخ الاعلام العالمي بالاساءة الى وزارة الداخلية وشخص وزير الداخلية والذي استطاع وباربعة اشهر فقط ان يحجم المشروع الارهابي في العراق ومن يقف خلفه من قوى اقليمية ودوائر مخابرات عربية وعالمية ولو استمر بدون مضايقة أمريكية لاستطاع ان يجعل واقع ما يسمى بالمناطق الساخنة واقعا مختلفا الآن وبالخصوص منها مدينة بغداد التي تشهد اكبر عميلة حرب عصابات بالخصوص بعد نتائج الانتخابات التي اثبتت ان نسبة الشيعة فيها هي بمعدل 85 % وبعد حادثة تفجير ضريحي الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام وسيطرة المظاهرات الشيعية الغاضبة على بغداد بمعدل لم يتجاوز الأربع ساعات مما افقد القوى الطائفية قدرتها على السيطرة وبدأت بتوجية ضربات اقوى واشد مما كان في السابق وابتداعهم سياسية التهجير القسري والهدف هو محاولة تهجير اكبر عدد من الشيعة يمكن ان يقلل من نسبتهم في بغداد اولا ، وثانيا محاولة ايجاد مناطق شبه مفرغة للسنة في العراق لتكون مركز انطلاق مستقبلي للسيطرة على كامل الكرخ ، وفي الوقت الذي تتمنطق فيه القوى السياسية السنية بالوحدة الوطنية الزائقة تتحرك القوى السنية المليشاتية على خارطة تفريغ اكبر رقعة جغرافية في بغداد ومحيطها وديالي من الشيعة استعداد للمستقبل القريب الذي يحمل مفاجآت كثيرة ، والسبب الآخر هو ان تهديد بغداد وايجاعها بالضربات يعني هز الحكومة باعتبار بغداد مركز الحكومة ومتى ما اضطرب مركز الحكومة اضطربت الحكومة بالكامل واضطراب الحكومة يؤدي بديهيا الى اضطراب الشارع وهذا هو الهدف الأساس من استهداف الابرياء من الشيعة في الاسواق والتجمعات والمناطق السكنية الأمنة .مما لاشك فيه ان نظرية الأمن الوطني الفعال التي اعمتدتها وزارة الداخلية العراقية قد ضعفت بعد تفجير الاضرحة المقدسة الى درجات دنيا لم تكن متوقعة بل لعل ان العمل الامني الفعال خلال بداية السنة الحالية قد تلاشى فظهرت حالة التهجير الطائفي الجديدة و التي لم تقم وزارة الداخلية ولا القوات الأمريكية باي عمل معين للحد منها جاء ذلك متزامنا مع ارتفاع وتيرة السيرات المفخخة وعمليات القتل المذهبي و التصفيات الجسدية بدرجة مريبة ولم يكن هناك اي رد فعل نوعي من قبل اجهزة وزارة الداخلية بعد ان ضعف نشاط الألوية الخاصة التي كنا نسمع عنها في السنة الماضية وهي تصول وتجول في ساحات المواجهة مع القوى الارهابية والطائفية ولاريب كذلك فان للسفارة الامريكية ولسياسة التوازان ولو الهش الذي لاتريد امريكا ان تفرط به في العراق دورا اساسا في الحد من قوة الداخلية العراقية والتي لو استمرت على معدل قوتها خلال الاشهر من 6 ـ 10 في العام الماضي لكانت الامور في العراق عموما تسير باتجاه غير الذي هو موجود حاليا.
الشراكة في الاخطاء
وللحقيقة فالداخلية لا تتحمل وحدها كل مسؤولية تدهور الوضع الامني فالقضاء العراقي بعمومة لم يكن جادا وفعالا واي نظرة بسيطة على نوعية الاحكام التي كانت تصدر بحق المتهمين يمكن تشخيص حالة ضعف الاداء القضائي وتباطئة وكذلك ضعف اداء وزارة العدل اما مسؤولية الهيئة الرئاسية في العراق فقد حدده وزير العدل والذي حملها مسؤولية تأخير تصديق احكام الاعدام مما وفر فرصة كافية لعدد من اخطر الارهابيين العالميين في العراق من الهرب خارج السجون وهذا طبعا مسؤولية وزير العدل ، امام الطامة الكبرى فهي عدم وجود اجهزة استخباراتية جيده تغربل المعلومة وتقدمها صافية للقوى الامنية والتي تقوم بدورها بالقاء القبض على المتهم وتقدميه للقضاء بينما الواقع كان ان تحملت وزارة الداخلية العراقية وبشخص وزيرها ونوابه كامل المسؤولية وكان يقومون بدور بست وزارات في آن واحد هي الداخلية والأمن الوطني والعدل والقضاء والاستخبارات والمخابرات والمعلوم ان اي نظام أمني فعال في العالم يعتمد على هذه الاجهزة الستة وان اي ضعف في اي جهاز يعني ضعفا عاما في عموم الامن القومي لذلك البلد ، أما ان تقوم هذه الاجهزة بواجبها على مستويات ضعيفة ويقوم وزير واحد بكل هذه الادوار من أجل خدمة بلده فلعمري انها البطولة التأريخية التي لا تجارى
وعليه يكون احد اهم قواعد تطوير نظرية الامن الوطني الشيعي هو ان تكوين هناك غرف عمليات مشتركة في كل محافظة من هذه الوزارت الخمس تعمل بصورة موحده وفي آن واحد منذ لحظة القبض على المتهم وتحويلة الى القضاء والحكم عليه ورعاية وزارة العدل لعملها خلال هذه الفترة وتقديم الاستخبارات والمخابرات كامل الدعم المعلوماتي لرجال الأمن والشرطة للقيام بواجبهم على ان لا تتجاوز المدة بين اعتقال المتهم والحكم عليه شهرا واحدا وفي هذه العملية توفيرا للامن واستقرار لمعنويات الناس ومراعات لحقوق المتهم من عدم تأخيره في حال ثبوت براءته ولو تعثر تطبيق هذه القضية في بغداد فتطبيقها في محافظات الجنوب والفرات الاوسط أمر سهل ويسير لتوفير اكبر قدر من الحماية الامنية لتلك المناطق ولتوافر الضروف الموضوعية للشراكة بين تلك الاجهزة هناك .
الدفاع متفرجة :
خلال السنة المنصرمة تحملت الداخلية كما اشرنا الى كامل العبء الامني ولم تقم وزارة الدفاع باي مجهود كبير باستثناء حالات معينة مما وضع الداخلية في مواجهة الماكنة الارهابية ومواجهة الماكنة الاعلامية الطائفية لكن توجه وزارة الداخلية الى هذا الخلل قاد في النهاية الى تكوين غرفة عمليات مشتركة بين الدفاع والداخلية ومنذ فترات تجري العمليات في بغداد ومحيطها بصورة مشتركة بين الداخلية والدفاع وهذا ماكان يجب ان يحصل منذ البداية حيث كان يفترض ان تفرض الدفاع سيطرتها على مداخل بغداد ومحيطها وتقدم بدورها بتقديم كامل الدعم والتغطية والاسناد للاجهزة الامنية لا ان تتقاطع معها او ان تكون سيطرة الدفاع على بعض المناطق والداخلية على اخرى ولايحق لكل منهم العمل في محيط الآخر مما افقد الاجهزة الأمنية القدرة على التحرك في مناطق واسعة من بغداد.
اهمية بقاء الزبيدي في الداخلية
لا يختلف اثنان ان ابتعاد باقر جبر الزبيدي عن الداخلية خلال الحكومة الحالية يعني انتكاسة جديدة للقوى الامنية العراقية وللوضع الأمني العراقي فقد استطاع الزبيدي ان يحقق مقدارا كبيرا من الهيبة الأمنية في نفوس القوى الأرهابية والقوى الطائفية التي تدعمها وتحول اسمه الى أرق يسهد ليلهم وهو الذي لم يحمل مسدسا ولم يبلس البدلة العسكرية ولم يضع الرتب على كتفه ولم يحاكم احدا ولم يعين نفسه قاضيا وركز جل اهتماماته على تطوير الوزارة وزيادة قوتها وسرعة حركتها وانتشارها ولم يعد خافيا على أي مطلع ان انجازات الزبيدي كانت هي السبب الأول في كل تلك الهجمة التي طالته عراقيا وعربيا وإلا فالوزارء الفاشلون في الحكومة السابقة لم يتطرق لذكر اسماءهم احد وانما كان الاهتمام منصبا ومركز على الوزراء الناجحون فقط في محاولة ستراتيجية داخلية وخارجية كانت تهدف الى اثبات فشل الحكومات السابقة التي شكلت بعد سقوط سلطة صدام حسين من خلال ضرب الوزارات الكفوء ومهاجمة الوزراء الفعالون والسكوت عن الفاشلون بل ودعمهم ليكون الفشل هو النمط السائد والمتمركز في جذور الحكومة العراقية ..
وعليه ومن اجل المحافظة على القدر المعنوي والرمزي لوزارة الداخلية ومن اجل استثمار النجاحات التي حققت كان ينبغي وبكل الوسائل المتاحة ابقاء الزبيدي في منصبة ومكافئته على جهودة الجبارة خلال الأشهر الماضية وهذا ماكان يجب ان يتحقق لكي يكون اي وزير مبدع على ثقة بان الحكومة والشعب الذي عمل من اجلهم لايتخلون عنه لأجل عيون القوى الطائفية هذا أولا ، وثانيا فان شكاوى سنة العراق من وزارة الداخلية قد حلت بمشاركتهم الفعالة في الحكومة ووجودهم داخل جسد الدولة والحكومة وكذلك اسناد منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن لهم مما يعني اطلاعهم مستقبلا على كل تفاصيل العمل الأمني وقد تحقق لهم ذلك اذن فعملية ابعاد الزبيدي عن قيادة الداخلية هي انتكاسة جديدة معنوية ومادية للأمن العراقي وتنازلات مقابل هواء والمنطق والعقل يقولان ان يبقى الزبيدي في منصبة وان يمارس خطته الامنية وجهودة في اعادة هيكلة وصياغة وزارة الداخلية بمتابعة مجلس الامن السياسي الوطني ومتابعة الهيئة الأمنية التي يرئسها رئيس الوزراء ونائبة السني في مجلس الوزراء حيث ان الاختلاف هو ليس على شخص الزبيدي وانما الاعتراض كان على الاداء كما يزعم البعض والاداء سيكون تحت متابعة الاجهزة التي اشرنا عليه .
لكن الاتيان بوزير مستقل جديد كما حدث فهذا معناه ان الوزير الجديد سيحتاج الى سنة او اكثر لكي يتمكن من التعرف على كل شاردة وواردة في مبنى الوزارة فقط ، وكذلك فان الوزير المستقل سيكون خائفا في وسط وزارة مرعبة اغلب الموجوين فيها ينتمون بالقوة او بالفعل الى احزاب سياسيه قوية وفعالة تسند ظهرهم وتوفر لهم كامل متطلبات القوة والحماية وقد بات واضحا إلى ان اضعف الوزراء في الحكومات السابقة كانو هم الوزراء المستقلون هذا الكلام هو ليس لانتقاد وزير الداخلية الجديد والذي لا زال يتلمس معرفة خطوط وزارته المتشعبة ولكنها الحقيقة التي يجب ان تقال إلا اذا ثبت الوزير الجديد قوته بشكل جدي وهذا ما ننتظر ان نراه مستقبلا ولكن إلا ان يتحقق ذلك كم من الدماء البريئة ستسيل على ارض العراق .
الشيعة والأمن الوطني فضل الشيعة منذ بدء العمليات الأرهابية في العراق سياسية الأمن الوطني القائمة على بناء اجهزة أمنية وطنية مسلحة ومدربة تتولى مهمة التصدي للارهاب والاجرام في العراق كأي دولة متقدمة وأوكلت لهذة الاجهزة حماية المواطن العراقي عامة ومنهم المواطن الشيعي باعتبار ان الارهاب في العراق يضربه أكثر من غيره وبما ان الشيعة هم الغالبية السكانية الفائقة وبما انهم قد ايدوا وسارعوا في الانضمام الى الاجهزة الأمنية منذ الأيام الأولى لبدء التطوع في تلك الاجهزة كان من الطبيعي ان تكون لهم غالبية عددية في تلك الاجهزة كقيادة او قاعدة.
لكن وبعد مرور ثلاث سنوات على اعمال العنف في العراق اثبتت سياسية الأمن الوطني الشيعي فشلها وعدم قدرتها للتصدي للقوى الأرهابية لاسباب عديدة منها
1 ـ ان تبني القوة الأمنية الوطنية الرسمية لعملية التصدي للإرهاب وتفوق الكثافة العددية للشيعة في تلك القوات وضعها تحت مجهر المراقبة الداخلية والأقليمية والدولية مما ادى الى تقييدها وشل حركتها وفرض نمط العمل القانوني عليها مما وضعها ذلك في موقف صعب لا تحسد عليه امام حملة اعلامية داخلية وخارجية قوية لمتابعة صغائر الأمور واتهام تلك الاجهزة بعمليات تجاوز حقوق الانسان وانشاء السجون السرية وشن حملات اباده ضد السنة في العراق .
2 ـ في ظل حالة التقسيم الطائفي لايمكن لاي جهاز امن ان يقوم بواجب وطني لايخلو من ثغرات من جهة ومن اخرى فان اي عملية أمنية او عسكرية ضد اي جهة ستصنف على انها طائفية تستهدف الطرف المقابل وهذا ما نجح السنة في تحقيقة ، كذلك فان تشكيل اي جهاز امني في مثل ظروف الاختلاف الطائفي يعرضه للاختراق من قبل جهات كثيرة محلية وخارجية للسيطرة عليه ولمعرفة مجريات الأمور في تلك الاجهزة وكل هذه المعطيات تعتبر من الأمور التي تشل اي جهاز شرطة او امن ولو كان في دولة عظمى وتحد من قوة تأثيره وتجعل كفته هي الخاسرة في ميادين المواجهة .
3 ـ سياسية امريكا بالحفاظ على توازن القوى في العراق ولو الهش وعدم وضوح الرؤية الامريكية لمستقبل العراق كان من الطبيعي ان يجعل امريكا تتخوف من اي جهاز يفرض سيطرته الامنية على العراق وبما ان هذا الجهاز كان ذو صبغة شيعية كان من الطبيعي ان تلجأ امريكا للوقوف بوجهة للحفاظ على سياسية التوازن كما اسلفنا لذلك كان على الجهات الشيعية التي تبنت سياسية الأمن الوطني الفعال في العراق ان تكون منتبهة لهذه النقطة منذ البداية وكان يجب عليها ان تحذو الى طريق آخر تقييد نتائجة ضد مجهول كما يفعل السنة في عملياتهم ضد الشيعة .
هذه العوامل الرئيسية الثلاث هي التي قسمت ظهر البعير الأمني العراقي وقيدت من كل تحركاته واضعفت انجازاته وحدت من قدرته في الوقوف بوجه الأرهاب
السنة والجماعات المسلحة : على النقيض من سياسة الامن الوطني الشيعي سلك السنة الطريق المعاكس ولانهم يمتلكون خلفية سلطوية وثقافة حكم اكثر من الشيعة فلم يلجأوا الى هذا الخيار بل اعتمدوا على سياسية الضرب الخفي الذي تتبناه مرة تنظيمات القاعدة في العراق ومرة تتبناه ما تسمى بالمقاومة ومرة اخرى ينسب لقوى مجهولة واخرى لقوى مسلحة ورابعة قوى مسكوت عنها وعلى كل هذه التقادير كانت العمليات الارهابية تقيد ضد مجهول ملثم خفي زئبقي لايمكن الاعتراض عليه ولايمكن تشخصية ولايمكن محاكمته فهو عديم اللون والطعم والرائحة يضرب ويختفي في الوقت الذي تقوم فيه القوى السنية بالبراءة الصوتية من هذه الاعمال سقطت حجة اتهامهم بأي شيء ، فيما ثبتت الحجة على الاجهزة الامنية لانها اجهزة معلومة ومعروفة وثابته.
يقول المفكر حسن العلوي عندما سألته عن الستراتيجية التي اتبعها صدام في معالجة شؤون العراق الأمنية :
ان صدام حسين حكم العراق أمنيا بطريقة المعارضة وليس بطريقة السلطة بمعنى انه واجهزة الدولة السرية كانوا يصفون معارضتهم بطريقة عمل المعارضات المسلحة ضد الدول فحوادث التصادم التي اتت على خمسون بالمئة من الشخصيات المعارضه كانت تقوم بها الاجهزة الأمنية ولكنها تقيد ضد مجهول ، الفطريات والسموم التي كانت تسقى للمعارضين على شكل اقداح عصير او فناجين قهوة ثم يطلق سراحهم ليموتوا بعد شهر او ستة أشهر ويتهم ملك الموت بقتلهم كان يقف ورائها الاجهزة الأمنية حوادث الغرق والاختفاء المفاجئ والقتل من الخلف في جبهات الحرب وأبر الهستيريا كانت ورائها الاجهزة الأمنية في عهد صدام وهذا كله يؤدي الى ان صدام حسين لم يكلف اجهزة الأمنية الرسمية ان تقوم بتلك المهمة بصورة علنية لانها معروفة ومعلومة بل كلف بها الاجهزة الامنية السرية في الدولة السرية للقيام بها وكانت في كل مرة تقيد ضد مجهول بمعنى انه حكم العراق امنيا على طريقة المعارضة لا على طريقة الدولة وهو نفس الاسلوب الذي قامت وتقوم به الاحزاب السنية والتي ينظر لها امنيا هم نفس الرجال السابقون الذين اشرفوا على تطبيق سياسية صدام الأمنية السرية .
كان بامكان الاحزاب السنية ان تعلن عن مليشياتها رسميا كما فعل الشيعة باعلانهم عن مليشياتهم رسيما وفتح مقرات ومكاتب لها في كل انحاء العراق إلا انهم ولسابق معرفتهم باجهزة صدام حسين علموا ان الاعلان عن المليشيات رسميا سيحملها مسؤولية كل عمل اجرامي يطال الشيعة او الاكراد وحتى ان لم تقم تلك المليشيات بذلك فهي ستتحمل جزاء معنويا كبيرا منه كما يحصل الان مع منظمة بدر وجيش المهدي فحافظوا على اخفاء مليشياتهم سرا وعدم الاعلان عنها لتقوم بمهمتها على أكمل وجه وتقيد الاعمال باسم الجماعات المسلحة او المقاومة او القاعدة وكلها رموز لجهات مجهولة لايمكن اثبات الجرم عليها بسهولة والدليل اليوم ان تلك المليشيات ستدخل الى برنامج المصالحة وبدون ان يثبت عليها اي كائن اي عمل عسكري ضد الشيعة او الاكراد رغم قناعة الشيعة والاكراد ان تلك الجهات موغلة بدمائهم من راسها الى اخمص قدمها ولكن من يقدم الدليل المادي على ذلك.
نظرية لجأن الأمن الشعبي : ولصدق نوايا الشيعة ونهجهم الوطني سعوا الى تأسيس قوى شعبية مسلحة لكنهم اصطدموا بالقوانين والدستاتير المشرعة لذلك وأرادو لهذه القوة ان تكون قوة رسمية معترف بها لتعزز اجهزة الامن ولم يريدوا لها ان تكون قوى خفية كما هو الحال على الطرف السني وناقشوا هذه القضية داخل قبة البرلمان مرات عديدة لكي يسمعوا من في الداخل ومن في الخارج ويثبتوا صدق نواياهم واحترامهم لحقوق الانسان وعدم وغولهم في اهراق الدم العراقي ، لكن تلك الجان لو شكلت فأنها سوف لن تستطيع ان تقوم بواجباتها بشكل فعال لنفس الاسباب التي منعت الاجهزة الأمنية الرسمية من القيام بعملها فكل عملية او حادثة سيتعرض لها السنة ستقيد ضد تلك اللجان الشعبية وستتهم بها القوى الشيعة الاخرى وستكون مدخلال للجان شعبية اخرى في المذاهب الاخرى والقوميات الاخرى والديانات الاخرى وهذا ما لايمكن ضبطه على الاطلاق وسيولد ازمات اخرى قد تفوق الازمات السابقة .
الحل :
ان العقل والمنطق وطبائع الاشياء والأمور وحتى الشريعة تؤكد على سياسية المعاملة بالمثل ومنذ زمن بعيد اكتشفت نظرية موازنة الرعب والرد بنفس الطرق والأساليب ولكن بانتهاج نفس الاساليب التي يتبعها الآخر الموغل في الدماء فمن يضرب وهو خفي يجب ان يضرب بصورة خفية وبنفس الطريقة التي يتبعها وبنفس الأساليب لكي يكون على علم ان ما يفعله بالآخرين سيطاله ومن يرعب الآخرين يجب ان يُرعب ، المهم كله في هذه القضية ان الاعمال يجب ان تقيد ضد مجهول كما ان عمليات الارهاب الآن في العراق تقييد ضد مجهول رسميا ولكن واقعيا تعلم كل الاطراف من يقف وراء تلك العمليات ومن يدعمها سياسيا حتى من داخل الحكومة حاليا
ان نظرية الأمن الوطني الفعال لا تستطيع ان تحمي المستهدف لانها تأخذ بالوسائل القانونية والدستورية وهذه الوسائل لا تستطيع ان تحمي اي انسان في ظل وضع العراق الحالي والحل الأمثل لايقاف نزيف الدم العراقي والذي وصل حدود لايمكن لاي من يمتلك ذرة ضمير ان يسكت عليها او ان يضع رأسه كالنعامة في الحفر فيما ترفع دبرها الممتلئ الى الاعلى ، لقد أفشل الأرهاب اربعة حكومات متتالية على مدى ثلاث سنوات وأربعة اشهر الى حد هذه اللحظة لسبب بسيط وهو ان نظرية الأمن الوطني وللاسباب الثلاثة أعلاه لايمكنها ان تحقق اي تقدم جوهري لحماية الناس ، وحتى في مشاريع الحوار والمصالحة من لايضع البندقية بيد ويصافح بيد آخرى لايمكن له ان يحقق ان نتائج لذلك يلاحظ ان العمليات الارهابية قد ازدادت قوة وضراوه منذ اللحظة التي اطلق فيها المالكي كلمة مصالحة مما يدلل على ان الطرف الآخر يعي معادلة البندقية والمصافحة جيدا ، فعلى الطرف الآخر ان ينتهج نفس اساليب وطرق الآخر في التعامل لو أراد الحياة فعلا واراد ان تنتهي برك الدم التي غطت أرض العراق وإلا فالواقع سيبقى نفس الواقع وان الموت يزحف بتجاه الجميع وسيحصد الجميع عاجلا او آجلا .
باسم العوادي
الانتكاسة :
https://telegram.me/buratha