المقالات

كثرة العطل الرسمية.. إرهاب من نوع آخر


( بقلم : عدنان الصالحي )

يتحدث التاريخ عن الكثير من الحضارات التي شيدت سفرا خالدا من البناء والأعمار والهندسة والعلوم الأساسية في جميع المجالات، ومما لاشك فيه أن تلك الأمم لم تكن تحظى بكثير من الإمكانيات ولا وسائل الراحة المتوفرة في الوقت الحاضر.

ولكن مع جميع الفوارق والاختلافات لازالت الاكتشافات يوما بعد آخر تتحدث عن تلك القدرات الكبيرة في سن القوانين وصنع العمارة المكونة لإمبراطوريات دقيقة في نظم الحكم والقيادة.

فكم كانت أيام الأعياد والعطل الرسمية لتلك الأمم في ذلك الوقت ؟

وكم هي ساعات العمل التي شيدت بها البلاد وخدمت من خلالها العباد؟

بلا شك أن الجواب سيكون من البديهيات، هو أقصى درجات استغلال الوقت، وأما العطل والمناسبات فهي لا تعدوا عما وصلنا منهم ولسائر الإنسانية جمعاء، هي عطلة نهاية الأسبوع أو بعض المناسبات المتفرقة البسيطة التي لا تعدوا كونها احتفالات دينية وطقوس قد تنتهي بمنتصف يوم.

ولنعد الآن إلى حال بلدنا ونرى ما فعل به الإرهاب الأعمى والتخريب والذي طال كل شيء من الحرث والنسل والبنى التحتية للبلاد، ولم يقتصر على مساحة محددة ولا طائفة معينة كما روج له، الى أن وصلنا الى رفع شعار (الإرهاب لا دين له لا وطن له).

قد تترجم أعمال الإرهاب بالعسكرية أو التفجيرات أو الفساد الإداري والمالي وحتى السياسي، ولكن نوع آخر من الإرهاب بدا يظهر في الساحة سواء بقصد أو بغير ذلك، فالعطل الرسمية وغير الرسمية أصبحت تهديد حقيقي لمستقبل البلاد وأعمارها، إضافة إلى وضعه المنهك أصلا، فلو حسبنا مقدار عطلة نهاية ألأسبوع وهي يومين وعلى مدار السنة ستكون 96 يوما تلحقها كما ذكرنا العطل الرسمية وغير الرسمية فستكون وبأقل تقدير 120 يوما هذا عدا المناسبات الخاصة لبعض الأديان والقوميات في العراق، أي ما يقدر بأربعة أشهر من التوقف عن العمل في طول البلاد وعرضها، ناهيك عن ساعات العمل الحقيقية في بعض الدوائر والتي قد لا تعدو الثلاث ساعات إجمالا، ولك أن تتصور الحالة.

ولعطلة نهاية الأسبوع حاله أخرى، فبعض المحافظات عطلتها يومي الخميس والجمعة، وبعضها يومي الجمعة والسبت، وهذا ما يربك عمل الدوائر بشكل كبير بين المحافظات.

إن علماء النفس والاجتماع كان لهم التفسير المنطقي لإعطاء النفس والجسم راحة خلال فترة العمل، ومازالت القوانين القديمة والحديثة تحث على الالتزام بإعطاء العامل حقه الطبيعي من فترة الراحة والتغيير النفسي، كي يكون حافزا كبيرا في العطاء العملي والإبداع.

لكن ما نلمسه الآن في وضعنا الحالي بان العطل بنوعيها قد تحولت الى آفة كبيرة جدا تهدد مستقبل العراق بأسره، وإلا ماذا سنتوقع من حال لدولة لا تكاد تخرج من عطلة رسمية لتقع في أخرى وهكذا دواليك، وحتى العطل الرسمية والتي عهدناها لا تتجاوز الأربع أو الثلاث أيام ، فهي أصبحت الآن بأسبوع أو أكثر نتيجة حسابات خاصة، تاركين حساب حالات حظر التجوال والحالات الاستثنائية على جانب.

لقد أصبحت حالة العطل بجميع أنواعها (إرهاب من نوع آخر) وليس فسحة للراحة والتغيير، وأي إرهاب اكبر من تخدير البلاد والحكومة فترات كبيرة وهي بحاجة الى الدقائق إن لم نكن مبالغين، فالدول المتقدمة والأغلب يعلم بأنها لم تحصل ما عليه الآن إلا باحترام الوقت، باعتبار ان احترام الوقت ثابت من ثوابت النهضة ومن الشروط الاساسية للتقدم، ومن هنا نستنتج قاعدة أكيدة وهي (إن لم نحترم دقائق الوقت وليس ساعاته فلن يكون هنالك أعمار أو تقدم أو أي خدمات أخرى).

وهذه المهمة ليست مختصة بجهة حكومية أو رسمية بقدر ما هي ثقافة عامة يجب أن يلتزم بها و يتبعها حتى البائع البسيط في محل عمله أو السائق والموظف وتكون الحكومة ودوائرها نموذجا للآخرين وسباقة في هذا المجال، وإلا (فالوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ضياء
2008-03-23
والله ياريت يتم تنظيم العطل والاجازات والمناسبات الدينية ولو لفترة معينة واستغلالها لنشاطات مفيدة كتنظيف المدينة وبناء المدارس والعمل الشعبي فهذه الامور ايضا فيها ا لأجر والثواب وتحض على التعاون والوحدة و التآلف بين افراد المجتمع وتساعد الدولة الفتية على تجاوز الازمة الحالية .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك