المقالات

سوء التأثير..وحرية التعبير!

1464 2020-12-04

 

محمد الجاسم ||

 

     لن أناقش أية مادة أوفقرة من مواد وفقرات قانون الجرائم المعلوماتية،الذي حظي بالكثير من ردود الأفعال الإيجابية والسلبية،لكني سأتناول على وجه المباشرة،المغالطات التي ينمِّق بها معترضون على القانون مواقفهم بعبارات(حرية التعبير) و(كتم الحريات)وغيرها،دون أن يكلفوا أنفسهم مناقشة كيف يكون للفرد أن يتمتع بحرية أن يقول قولاً أو يكتب رأياً،دون دراسة تأثير ذلك على المتلقي،وثمة أشكال من القول يستهدف بها القائل الإساءة والنيل من أشخاص أو مجموعات أو تكتلات أو غيرها،وثمة أشكال من الكتابة،يظن فاعلها أنه ينتقد بها مظلمة أو مفسدة أو مسوءة،لكنه يسكب رأيه بسيل من ألفاظ بذيئة أو قادحة في الشرف أو جارحة للكرامة أو طاعنة في المعتقدات والإنتماءات.

     إن الرأي وحريةالتعبير عنه، ليسا عنوانين سائبين أوكلاماً مرسلاً،فلطالما أودت هذه المغالطة ببعض القائلين والكاتبين الى السجون،بسبب قول باطل،أو شهادة زور،من الذين يتمشدقون بعبارات الحرية،التي يظنون بها خطأً انها حرية مطلقة،ودون مراعاة حدود الحرية الشخصية التي دائماً ما ينبغي أن تُلجم متى ماتقاطعت مع حريات الآخرين.

     ألم يقل الله تعالى :" مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" قّ:18 ،وهنا تكمن حكمة رقابة القول والرأي،فنبدأها من أنفسنا،قبل أن نقف بين يدي رقيب عتيد.إن الرقابة الذاتية لأدواتنا في القول والكتابة يجب أن تكون حاضرة باستمرار،وبخاصة حين نجلس أمام الجهاز اللوحي ونستخدم خدمة الأنترنت،التي توصل القول والكتابة باسرع مما نتصور،لدرجة أن لايتسع الوقت لتدراك الإسقاطات اللفظية والتجاوز بحق الآخرين ـ إن حصلت ـ ، وقد امتلأت صفحات التواصل الإجتماعي ومنصاته بكمٍّ هائل من التجاوزات والإعتداءات على الآخرين.قال تعالى :

 "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً" الإسراء:53

     بعد الإستشهاد بكتاب الله المجيد،كم يحتفظ تراث العرب الأدبي من قصائد وأبيات الشعر التي تحرص على أن يكون القول مسؤولاً غير مرسلٍ،نظراً لخطورة تأثير اللسان على المقابل ،حتى قال أحدهم :

" وَ قَدْ يُرجىٰ لِجُرحِ السيفِ بُرْءٌ ... وَ لا بُرْءٌ لِما جَرَحَ اللسانُ " ، لأن اللسان معروف بالزلل والتسرع،لذلك لايمكن أن يُطْلَقَ له العنانُ بصورة غير مقيدة كي ينال من الآخرين، كلما دعت بواعث الخلاف والإختلاف والخصومة الى ذلك.

     لقد ورد في الأثر أن لقمان قال لابنه: "يا بني إذا افتخر الناس بحسن كلامهم، فافتخر أنت بحسن صمتك"،فقط أوصاه بالصمت الذي وصفه العرب بعبارة مأثورة :" الصمت في غير فكرة سهو... والقول في غير حكمة لغو"..وما أكثر اللغو الذي يتسيد مشهد الكلام والكتابة في هذه الأيام دون رقيب أو حسيب.

ورُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل.

ناصرية ـ دورتموند/ألمانيا

ـــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك