المقالات

دراّجة "روته"!!


 

 

عبدالزهرة الهنداوي

 

تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام، مقطع فيديو قصير، يظهر فيه رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، الذي استلم مقاليد هذا المنصب  منذ ٢٠١٠ ، وهو يركب دراجة هوائية، بين مجموعة من مواطنيه، وحظي هذا المقطع ، بتعليقات كثيرة، واغلب المعلقين، ان لم يكن جميعهم، كانوا يقارنون، بين دراجة "روته"، والمواكب الجرارة لمسؤولينا، وما يرافق تلك المواكب من إجراءات أمنية، تتسبب بمضايقات كبيرة للناس.

وقطعا، ان كلا السلوكين له اسبابه، فركوب "روته" دراجته الهوائية، وسيره في الشوارع أسوة بالناس، ممازحا اياهم، وان كنت اجزم، ان امن الرئيس في دول أوروبا وأمريكا، يعد اولوية اولى، فرجال الامن غير الظاهرين، موجودون، حيثما تحرك الرئيس، وستجدهم اسرع من البرق، فيما لو تعرض رئيسهم لأي خطر حتى وان كان محتملا، أقول ، ان هذا السلوك يشير إلى  ان أوروبا قطعت شوطا بعيدا في تأصيل الديمقراطية، وترسيخ حقوق المواطنة، وبالتالي، لم يعد المسؤول يخشى مواطنيه، وان كانت ثمة خشية، فهي لاتظهر في مقطع فيديو لعدة ثواني، قد يكون الهدف منه الترويج لبلادهم، ولكن كيفما يكون، فهو يمثل رسالة مهمة وذات اثر إيجابي على المستويين الداخلي والخارجي..

وإذا عدنا إلى المشهد العراقي، وامتلائه بمواكب المسؤولين، وطرحنا تساؤلا، لماذا نحن هكذا؟

فان الإجابة ستكون بمحورين، الأول امني، اذ من حق المسؤول بوصفه مكلفا بخدمة عامة، ان يحظى بالحماية الكاملة التي تمكنه من اداء مهامه، ولكن لا ينبغي ان تكون حماية مبالغ بها، وان تتوائم  مع الضرورة الأمنية، والإمكانات المالية، وهذه الثانية لم يتم الالتفات اليها!!

أما المحور الثاني فيرتبط بالمنظومة القيمية الاجتماعية عندنا ، التي تختلف  كثيرا عن نظيرتها الاوربية..

فالعربي، بطبعه، يحب الفخفخة، والكشخة، والاستعراض، اذ  يشعر  معها بالزهو، ولعل قضية الكرم والافراط في اقراء الضيف، احد تلك المظاهر ، فعندما يأتينا ضيفان اثنان، مثلا، نحرص على إعداد  وليمة تكفي  لـ(٢٠) شخصا، ثم نرمي ذلك الطعام في الحاوية، من دون "وجع گلب"!!، حتى وان كنا نعاني من شظف العيش، كما ان العملية السياسية في العراق، وبما تحمله من عيوب تأسيسية، بُنيت في جانب كبير منها، على هذه القيمة المجتمعية، وهذه صفة يتشاركها العرب بشكل او بآخر، ولو افترضنا جدلا، ان  احد وزرائنا قرر ان يركب دراجته ويذهب إلى الوزارة، ماشيا بين الناس، كما فعل "روته" الهولندي، فما الذي سيلاقيه في الشارع؟، وهل سيسمح له موظف الاستعلامات بالدخول إلى الوزارة؟!!

لا اعتقد ان الأمر سهل، في ظل الواقع الأمني والاجتماعي، فنحن بحاجة إلى عشرات السنين، للوصول إلى المنطقة التي وصلها "روته" بدراجته، فالأمر يحتاج، إلى اعادة بناء المنظومة الاجتماعية، بصورة نكون فيها قادرين على استيعاب مشهد رئيس الوزراء راكبا دراجته، وهو يلوح بيديه للناس الذين يصادفونه في الشارع، بعيدا عن الفخفخة والاستعراض.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك