( بقلم : اسعد المطيري )
تستنطق الحقائق غير المشوهة وجودها الفعلي على ارض الواقع وفق ماهو متوفر من ادلة لكشف الغطاء ودحض الشكوك بأستمرارها وبقائها وديمومتها وقدرتها على تأكيد الوجود، ويأتي هذا اليقين في ضوء ما تحقق من نتائج ايجابية على العديد من الاصعدة كان لها الاثر الواضح تجاه دفع عجلة الامن والاستقرار الى الامام ، فبعد ان قالت الجماهير كلمتها وقطفت ثمار صبرها للسنين العجاف الطويلة لم تقف في جانب الحياد او تركن الى الهدوء بل انها ساهمت وبشكل جاد في ترسيخ مفاهيم الانتصار وابراز قدرتها على التغيير ، وما برز من معطيات كان لها الاثر الكبير في تغيير المسار والتاريخ والمساهمة الجادة في تأسيس القاعدة الرصينة لمشروع البناء والنهوض . وكانت الجماهير وهي تزاول مهنة البقاء والانقلاب على الانظمة الفاسدة والدكتاتورية على علم تام بانها ستصل الى هذه المرحلة رغم عدم التخطيط المسبق لها ولكنها كانت مرحلة مهمة ولا سبيل الى التراجع عنها لاسيما بعد ان اختارت من يمثلها واعطته راية القيادة وسارت خلفه واصابعها البنفسجية دليل على صدق النوايا والحسابات الدقيقة لهذه الثلة التي لن تخذلها في يوم الايام . فكان لها ان تدفع ثمن هذا الانتصار من الارواح والوقت والمال وان تمارس طقوس حياتها اليومية وتعيد اشعال شمعتها كلما هبت عليها رياح عاتية لأنها السبيل الوحيد لطرد وحوش الظلام وانارة طريق الحرية والديمقراطية ، فالمستقبل الواعد احتاج الى سنوات وسنوات حتى تتضح معالمه وتتدفق المياه ثانية الى اراضيه البور ويتذوق حلاوة الارتواء. فالايام الماضية كانت موشاة بالتفاؤل والامل لأن النخب المختارة تمتلك الثقة بالنفس لعبور هذه المرحلة واجتياز المحنة واعادة بناء الانسان من جديد وهي تراهن على ذلك بما تمتلكه من قوة وعزيمة وما يتوفر ها من دعم جماهيري عى القاعدة الشعبية . وكان الامن اشد التحديات حيال اثبات الوجود والتصدي بحزم لأبرز المعوقات الداخلية بعد ان قامت قوى واجندات محلية ودولية واقليمية ببعثرة الاوراق وتزييف العناويين وافتعال موجات عنف في اغلب مناطق البلاد تدخل البلاد في غليان محموم اثار القلق تجاه قابلية السيطرة والقضاء عليه في نهاية الامر والتي تلح منها معالم واضحة في الافق ، واستطاعت الحكومة وبالعقل الراجح ان تقطع شوطا كبيرا في هذا المضمار وتوفر الامن في العديد من المناطق الساخنة وتطرد القاعدة وتجبرها على اعلان انهزامها كانها في حرب لأثبات الذات والوجود ، ولكن وفق القراءة السريعة للواقع الحالي وخصوصا في هذه الايام وما سيعلن عنه من نشاط وتحرك على المستويين المحلي والدولي لوحظ عودة مسلسل العنف ثانية وتبدا وتيرته بالتصاعد تدريجيا بعد هدوء امني اقرب الى الاستقرار ، وتسلل الهلع الى النفوس والخشية من اعادة ذات الفصول الماساوية من الاعوام الماضية وما تمخض عنه من فقدان الارواح والمساكن والخوف الداخلي والركود الاقتصادي وقد مرت بتجربة قاسية في هذا المضمار وهي تحاول الآن لملمة ذكرياتها الموجعة وتدفن بقاياها في تربة عميقة ثم تهي عليها تراب النسيان.
واثبتت الاجهزة الامنية قدرتها على العمل ومواجهة التحديات بخبرة ومهارة واستعدادها لاستلام الملف الامني في بغداد والمحافظات الاخرى ، كما يؤشر نجاحها في انتهاء مراسيم زيارة الاربعين دون اي حوادث وهو ماعزز الثقة ببناء مؤسة عسكرية قادة على الدفاع عن نفسها وحماية بلدها ، ولكن موجة الاحداث الاخيرة وماشهدته من تفجير عبوات وسيارات مفخخة جعل اكثر من سؤال يتبادر الى الذهن حول قدرة هذه القوات الحقيقية على حفظ الامن ومدى جاهزيتها الفعية بمواجهة موجة اعنف الجديدة والثغرت والخروقات الامنية بين فترة واخرى ، وتشير التقارير ان شهر شباط الماضي كان من اعن الشهور بعد اعلان خطة فرض القانون ، وهذا ما يحفز القول الى ضرورة التعامل بشك منطقي وقوي مع سير الاحداث كون العدو بدأ بأستخدام تكتيك جديد ومناورات ينبغي الالتفات اليها بحذر وجدية ، فهناك رسالة كبيرة وجهها انفجار كربلاء يوم امس فحواها ان القاعدة واعوانها جادون في العمل هذه امرة ولم تكن فترة الهدوء الا محاولة لألتقاط الانفاس واعداد ستراتيجية جديدة واختراق الحواجز الامنية مهما كانت قوتها وبالتالي بعث الشعور بالسيطرة على الوضع وتاجيجه متى ماتشاء ، والخطأ الكبير الذي اقترفته وما زالت تقترفه القوات الامنية هو الا طمئنان والتراخي بعد الهدوء الامني والاستقرار النسبي في والركون الى تسييب الوضع حتى يعود الى التدهور من حيث لا تشعر ، فالاوضاع المضطربة بين الحين والاخر في البصرة والتي لم تحل مشاكلها الى الان وفي الكوت وما اسفرت عنه من سقوط ضحايا وبلبلة والموصل التي تستعد لأكبر واضخم معركة ضد القاعدة وهي تخضع للمراهنات بالنجاح في تسيير الامور وفق الرؤية العسكرية للقتال وحصد الفوز بأقل وقت ممكن وهي مناورات اثّر تأخيرها في ازهاق عدد كبير من الارواح ، فالمعركة يمكن ان تنتقل الى اكثر من مكان وفي اي وقت وهناك مؤشرات على تفجرها في اي لحظة تشعر القاعدة والجماعات المسلحة بتضييق الخناق عليها ، فهناك متطلبات كثيرة ينبغي الالتفات اليها واخذها بنظر الاعتبار لا ستكمال عوامل الاستقرار منها الضغط على الاجهزة الامنية بالعمل الجاد وتكثيف المطاردات والمناورات والعمليات الاستباقية وعدم الانصياع والاستماع الى الاصوات الخارجية التي تحاول عرقلة خطوات الامن والضرب بقبضة من حديد لتهديم اوكار الارهاب التي تحاول اعادة تشييدها والانطلاق منها ثانية ، كذلك تفعيل عملية المصالحة الوطنية وتحقيق امن سياسي وتوافق وشراكة في العملية السياسية وتغليب الشعور بالانتماء الوطني على بقية الاصوات وجعل المصلحة العامة الهدف السامي الذي يسعى الجميع لتحقيقه .
فتفجيرات كربلاء جاءت بخطة واعداد محكم متقن وتكتيك مدروس لنقل العنف الى اكثر من نقطة والمناورة بتاجيج الاحداث في العراق ككل ، لذك ينبغي ان تلتفت بعناية الى قواعد اللعبة التي بدأ العدو مارسها ويراوغ بها للحصول على استثارة الشارع ، ان السلاح والحوار طريقان لتذليل العقبات وصوت الحوار مع قنواته المفتوحة هو السبيل الناجع لتخطي هذه الازمة لاسيما ونحن مقبون عى انعقاد مؤتمر للمصالحة ، واعطاء فرصة اخيرة للذين لم تعجبهم طرق الديمقراطية وادراة الدولة الناجحة ثم يأتي بعده الطوفان ، مع الاعلان المستمر بتحديد سقف زمني للحوار وعدم الدخول في تنازلات اكبر حتى لا تنفقد الدولة هيبتها او تساوم على امور كانت تعتبرها من ضمن المناطق الحمراء وبالتالي يبدأ الجرف بالانهيار وحينها يكون من الصعب اعادته الى سابق عدهة وحفظ ماء الوجه ، فلو اعدنا النظر مـرة اخرى سنرى ان كربلاء لن تكون الاخيرة ضمن هذا المسلسل الدرامي الذي لا تعرف نهاية لحلقاته بل انها هدف ضمن اهداف تأتي تباعا لآن رسالة القاعدة تأتي واضحة بانها لن تتخلى عن اهدافها حتى وان مر علها وقت طويل ، وهنا تعلو الاصوات المطالبة بالحيطة والحذر والنظر للأمور من زاوية اخرى قبل ان نفقد ما نخاف فقدانه.
https://telegram.me/buratha
