المقالات

ذكاء الحسين (ع) وغباء معاوية


بقلم : سامي جواد كاظم

الملاحظ في كل حوارات الائمة عليهم السلام على الاطلاق يكون الامام المعصوم هو صاحب الجملة الاخيرة من الحوار أي ان الحوار ينتهي بعبارة للامام المعصوم . واذا كانت هنالك مناظرة او جلسة حوارية انتهت بعبارة للمناظر مع الامام المعصوم فانها اما بالاقرار لاعلمية الامام المعصوم او الاعتراف بالهزيمة في النقاش .وللامام الحسين عليه السلام حصة من ذلك حيث كانت اكثر حوارياته مع معاوية وشلته من مروان وعمرو بن العاص . ولكم هذا الحوار بين الحسين (ع) والطليق معاوية لما قتل معاوية حجر بن عدي واصحابه ، لقي في ذلك العام الحسين (ع) فقال : يا ابا عبد الله هل بلغك ما صنعت بحجر واصحابه من شيعة ابيك ؟!فقال : لا .قال : انا قتلناهم وكفنّاهم وصلينا عليهم .فضحك الحسين (ع) ثم قال : خصمك القوم يوم القيامة ، اما والله لو ولينا مثلها من شيعتك ما كفناهم ولا صلينا عليهم وقد بلغني وقوعك بابي حسن وقيامك واعتراضك بني هاشم بالعيوب ، وايم الله اوترت غير قوسك ورميت غير غرضك وتناولتها بالعداوة من مكان قريب ، ولقد اطعت امرءا ما قدم ايمانه ولا حدث نفاقه وما نظر لك فانظرلنفسك او دع .

التعقيب والتوضيح دائما في الحوار عندما يريد الامام الحسين (ع) الرد على عبارة معينة او مسالة معينة يمهد لها بالسؤال للطرف الاخر حتى يقع في الفخ الذي يعتقد انه يريد ان يوقع الامام (ع) فيه .انظروا الى هذا الحوار الذي يسال معاوية الامام الحسين (ع) عن مدى علمه بما صنع بحجر وشيعة علي (ع) فاجابه الامام (ع) بعدم العلمية وهذا نابع من البعد الذي يفكر فيه الحسين (ع) فاولا احتوى الشماتة التي بقلب معاوية على الحسين (ع) وثانيا فضح غباء معاوية عندما يسال الحسين عن علمه باجرامه فيقول ـ لاـ في حين من خلال الحديث يتضح ان الحسين يعلم بذلك ويكفيهم براعتهم في علم المنايا والبلايا .فاراد الحسين عليه السلام باجابته لا ان يكشف عن مكنون معاوية الخبيث من خلال لسانه واقراره فجاء كما اراد الحسين (ع) ذلك .

اما ضحكة الحسين (ع) بعد كلام معاوية المفتخر والمقر بقتل حجر وشيعة علي (ع) بدلا من ان يتهمهم بتهمة ليبرر قتلهم بل تمادى بغيه وافتخر بانه قتلهم فكانت ضحكة الحسين (ع) لها ابعاد ما فهمها كما يقال عنه ( داهية ) العرب فان هذه الضحكة اولا استهزاءا بغباء معاوية وثانيا عدم مبالاة الحسين باجرام معاوية فالمتوقع لدى معاوية ان يتالم الحسين (ع) ولكن ضرورة الحوار تطلب من الحسين (ع) ان يضحك حتى يغيض معاوية اكثر وهذا ما جرى .

وبعد الضحكة جاء الرد الحسيني الرائع ، فجملة جعلت القوم خصمك يوم القيامة تفند العبارة التي يتبجح بها الوهابية وهي انه اجتهد فاخطأ وله اجر والذي يجتهد فيصيب له اجران ، فكون معاوية خصم حجر ومع اقرار معاوية بالقتل اذا جهنم حاضرة للطلقاء ويكفي حجر قول الرسول (ص) له ياحجر تقتلك الفئة الباغية ، فمع قول الرسول واقرار معاوية جاء الجواب الحسيني قرار محكمة .

والاروع في الرد الحسيني الذي جاء تأيدا لما قاله الامام علي (ع) عندما سُال لماذا المدبر في واقعة الجمل لايجوز ملاحقته وقتله عكس المدبر في معركة صفين فالمدبر يقتل ان امكن ذلك وهذا يؤيد كلام الحسين (ع) بان شيعة معاوية يستحقون القتل ومثواهم جهنم وبئس المصير عندما يكون الخصم الحسين وشيعته .

وما ترك لمعاوية مجال للتنفس حتى عرج على صاحبه كاشف عورته امام علي (ع) ابن العاص عندما قال له ( اطعت امرءا ما قدم ايمانه ولا حدث نفاقه ) والمقصود هو ابن العاص فايمانه بالله عز وجل ما كان قديم ولا معروف عنه ذلك واما لا حدث نفاقه أي ان نفاقه ليس وليد الساعة او امر مستحدث بل انها صفة ملازمة له قبل وبعد الاسلام منذ القدم .

واخيرا نوه الحسين (ع) معاوية الى خيبته بان ابن العاص ما نظر في امور الخلافة الى فائدة معاوية بقدر ما نظر الى نفسه ومصالحه ويدل على ذلك الحادثة التي وقعت يوم صفين عندما نادى الامام علي (ع) على معاوية وعرض عليه ان يتبارزا والغالب له الخلافة فقال ابن العاص الى معاوية لقد انصفك الرجل فقال معاوية لابن العاص اوطمعت فيها يقصد الخلافة وان خروجه لمبارزة علي (ع) يعني هلاكه لا محالة .

من هذا يتضح بان الجواب الحسيني هو نسخة طبق الاصل لعلم ابيه امير المؤمنين (ع) . بالمناسبة هنالك كتاب وهابي جهد نفسه فيه الكاتب بان يجد خلاف بين الامام الحسن واخيه الحسين ( عليهما السلام ) ليثبت ان هنالك خلاف بين الائمة ولم يستطع في ان يعثر ولو على خلاف واحد فحاول ان يتشبث بخلاف الحسين مع الحسن عليهما السلام حول الصلح ولكن عندما جاء القوم للحسين (ع) يطالبوه بالنهوض ضد معاوية بعد استشهاد الحسن (ع) رفض ذلك التزاما منه بالمعاهدة وقال لهم اذا ما ذهب الرجل الى سبيله أي هلاك معاوية ننظر ماذا سيحصل

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سامي جواد كاظمـ ــ كاتب المقال
2008-03-17
جزيل شكري لك اخي ليرلهيم الفيلي على متابعتك وثناءك لي اما استفسارك فيستحق مقال ولكن ساوجز الخضر عليه السلام خرق سفينة وقتل صبي بامر الله عز وجل لما ترتب عليه من فائدة لاصحاب السفينة ووالدا الصبي بالرغم من ان ظاهر العمل معصية والذي لم يقدر عليه نبي الله موسى (ع) شكرا لك مرة ثانية لافرق بين عمار وحجر فالاثنان قتلهما الفئة الباغية
رائد مهدي
2008-03-17
انهم نور الله في ارضه رحم الله الكاتب سامي جواد ورحم الله كل من ناصر الحسين واظهر حقه . الى الكاتب المحترم والى ذوي العلم والمعرفة الا تزيدونا من علمكم رحمكم الله فانا سؤالي نفس سؤال الاخ الفيلي كيف يعلم الامام سلام الله عليه بشيء وعندما يسئال عنه يجيب بانه لا يعرف ننتظر الرد رحمكم الله
ابراهيم الفيلي
2008-03-17
الاخ سامي جواد كاظم سما الله بروحك وفكرك وايمانك....زد علينا من هذه الكتابات الشيقة المفيدة الذي لا ادع كتابة لك دون ان اقراءها ...لدي سؤال : كيف يجوز للامام الحسين-ع- ان يعرف او يدري بامر او شي ما ثم اذا سؤل اتدري او هل تعرف بكذا فينكر ويقول لا؟ .........وشكرا
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك