دعوة لأهالي سامراء لمراجعة الماضي والعودة الى أقليم بغداد

( بقلم : باسم العوادي )

تمر اليوم 22 من شباط الذكرى السنوية الثانية لتفجير ضريحي الإمامين العسكريين عليها السلام في مدينة سامراء وهنا لابد من كلمة لأهالي سامراء الذين يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية المادية او المعنوية مما حصل .

سامراء بين الأمس واليوم

لم استغربت كثيرا حينما اطلعني احد الاصدقاء انه يملك تسجيل فيديو لمدينة سامراء بعد سقوط سلطة صدام والتسيجل يظهر عشرات اللافتات المكتوبة و المعلقة على الجدران وهي تطالب وفورا بعودة سامراء الى محافظة بغداد مثلما كانت سابقا كقضاء تابع للعاصمة آنذاك كان لسامراء دورها الثقافي والابداعي والديني في العراق ولم تنحسر سامراء ولم تبتعد عن الاضواء إلا حينما حجمها صدام والبعث وابعدت من جغرافية العاصمة بغداد لتضم كقضاء ثانوي تابع لمدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين الحديثة ، تلك الخطوة كان لها اكثر من هدف واكبر الاهداف هو تحجيم سامراء علميا وثقافيا وحضاريا وعمرانيا ودينيا فعلى المستوى العلمي تعتبر سامراء اشهر المدن السنية العراقية على الطلاق في العهد الملكي و العهدي الجمهوري الاول والثاني في العلم والثقافة ومراجعة بسيطة أو أولية للشخصيات الفكرية والثقافية والعلمية العراقية منذ العصر الملكي والى أوائل عهد صدام ترى وبوضوح مكان السامرائيين اللامع كأساتذة وكتاب ومفكرين وشعراء وادباء بصورة ملحوظة وبسبب هذه النزعة العلمية والثقافية وعدم ميل ابناء سامراء الى ماكان يميل اليه اقرانهم في المدن السنية الاخرى من التطوع في الجيش والامن والشرطة والمخابرات فقد برز اسم السامرائيين عاليا بالعلم والثقافة بين المدن السنية الاخرى مما قاد الى حملة خصام وخلاف كبيرة وبالخصوص مع مدينة تكريت التي برز ولمع اسمها ولكن ليس في العلم والثقافة والابداع ولكن في العسكرتاريا واسماء الضباط الكبار والمشتغلين بالجيش والسياسية والامن و الشرطة.

أما على المستوى الثقافي والتاريخي فهي سر من راى سابقا وهي مركز الخلافة العباسية لـ 58 عاما وبقيت على مر فترات طويلة مدينة علم وثقافة وشعر وادب ولكونها حاضرة بمعنى مدينة تختلف عن اغلب المدن السنية الحالية التي كانت على الأغلب عبارة عن مناطق صحراوية ، وكان لتوسط العتبة العسكرية لسامراء فقد كانت صورة الاختلاط السني الشيعي فيها على اجمل الصور وهذه ميزة اخرى تتقدم فيها سامراء على بقية المدن السنية الاخرى ، وقد حافظت سامراء على طوال فترات متقطعة من تاريخيها على تمييزها الثقافي والادبي و الديني ولم تغب سامراء على العالم كما غابت منذ الحقاها بتكريت ولم تختفي سامراء من خارطة العالم مثلما اختفت وتضائلت ولم يعد لها ذكر بعد تفجيرالعتبات المقدسة العسكرية فيها ، أما على المستوى الحضاري فالى منتصف السبعينات كانت سامراء هي المدينة السنية الوحيدة في العراق بعد الموصل المبنية والواسعة والمشجرة وهي تحتضن الحضرة العسكرية المقدسة التي تحففها الفنادق والمطاعم والساحات وتوجد فيها المدارس الدينية والقرآنية والمدارس الابتدائية والاعدائية وبسبب كونها مدينة سياحة دينية وتقاطر الزوار عليها من العراق ومن خارج العراق مما شجع الازدهار الاقتصادي واختلاط الاجناس ورواج السلع وكل هذا من عوامل تداخل الثقافة التي تولد الابداع الذي ينهض بالمدينة ويضعها في مصاف متقدمة على غيرهم،

اقتطاع سامراء من بغداد الضربة القاضية:

اما على المستوى العمراني كما ذكرنا وبسبب السياحة الدينية التي تنشط التجارة وتطور الاقتصاد فقد تطورت عمرانيا منذ البدء ولكنوها كانت قضاء تابعا للعاصمة فقد اوليت اهتماما كبيرة وحصلت على حصص كبيرة من التطور والاهتمام الكبير الذي انعكس عليها ايجابيا بسبب قربها من روح العاصمة في العادات والتقاليد واللهجة وبسبب ذهاب اغلب طلبة سامراء الى الدراسة الجامعية في بغداد منذ العهد الملكي بصورة اسهل وافضل من حال بقية المدن السنية البعيدة نوعما عن بغداد بل حتى المدن السنية القريبة منها والدليل على ذلك الفلوجة فرغم قربها من بغداد إلا انها اذا قورنت بسامراء فسوف لن تكون شيئا يذكر ، والضربة القاضية التي وجهها صدام لسامراء هي عندما اقتطعها من بغداد العاصمة العراقية كقضاء يحضى بالامتيازات الكبرى للعاصمة وحولها الى قضاء تابع لتكريت المدينة التي لا تمتلك روح سامراء عاصمة الخلافة العباسية ومركز من مراكز الثقافة والحضارة مع بالغ احترامنا هنا لاهالي تكريت او الفلوجة لاننا ليس بصدد اهانة احد ما ولكن الحقيقة قد تؤلم احيانا كثيرة ، ولم يكن خافيا سخط اهالي سامراء على هذ الخطوة الصدامية المقيتة التي فهم اهالي سامراء كنهها ومغزاها رغم ان صدام قد اقدم على ذلك لاسباب طائفية من اجل خلق محافظة سنية جديدة تسمى صلاح الدين في الوقت قللت خطوة صدام تلك الوجودي السني في بغداد باعتبار ان سنة سامراء قد اخرجوا من تعداد بغداد الى تعداد تكريت وعلى هذا الاساس لم تكن تلك الخطوة موفقة طائفيا وهذا دليل على ان صدام انما اراد اهانة سامراء واهاليها وليس منفعتهم طائفيا وإلا فوجود سامراء تابعة لبغداد انفع في الحساب الطائفي وبالفعل فبعد هذه الخطوة ابتدأت سامراء تغيب عن الانظار وتنحسر تدريجيا الاسماء السامرائية التي كانت لامعة في ميادين الثقافة والكتابة والتاليف والتدريس وبدأت على مدينة سامراء تفقد تميزها العمراني وبروزها الحضاري لصالح تكريت مركز المحافظة وتحولت بمرور الزمن الى محطة استراحة في الطريق بين بغداد وتكريت ونقلت نفوسها وتجانيدها وميزانيتها الى تكريت ففقدت ميزة الارتباط بالعاصمة وتجارتها واقتصادها وحركتها ومخصصاتها وثقافتها وما كان ينعكس عليها من كل ذلك باعتبارها جزء من جغرافية بغداد العاصمة الجملية والمميزة.

وبعد ان كانت سامراء مدينة للتآخي السني الشيعي بدأت تظهر مع ارتباطها بصلاح الدين علامات البداوة عليها والطائفية وبدأت النخب المثقفة تقل تدريجيا إلا ان حلت احداث التاسع من نيسيان وما لحقها لتتحول سامراء الى مرتع لعصابات القاعدة والجماعات الطائفية والبعثية التي لم ترد لسامراء ان تبقى سامراء التآخي ولم تشئ تلك العصابات لسامراء ان تتميز وتنهض وتكون نموذجا للتألف الوطني ولحقها احداث الـ 22 من شباط 2006 التي كانت القشة التي قسمت ظهر البعير بعدها اكتشف اهالي سامراء ان المدينة بدون الاضرحة العسكرية لا تعني شيئا يذكر مثلما اكتشفوا قبلها ان المدينة خارج اطار جغرافية بغداد لا تعدو شيئا وعليه فقد وجه البعثيون والطائفيون رصاتتان لسامراء الأولى ابعادها عن بغداد امتدادها الطبيعي والثاني تدمير الاضرحة روحها وحياتها واقتصادها وتاريخيها وحاضرها ومستقبلها وعليه تحولت سامراء اليوم الى انقاض ، سامراء اليوم عبارة عن قرية مهملة خارج اطار التاريخ والعالم وبعد ان كانت تعج بالناس والزوار من مختلف الدول والأشكال والألوان اصبحت اليوم فارغة لايدخلها أحد وكأنها قرية خاوية على عروشها فأين الأمس من اليوم ، واين سامراء العتبات من سامراء اليوم ؟؟؟؟

والنخب الواعية والمثقفة تدرك ذلك جيدا إلا ان الحس الطائفي للأسف هو الذي يملي علىهم الكثير منهم السكوت وهم يشاهدون سامراء تنزلق نحو القاع ونحو الهاوية بدون ان يمد لها اي أحد يد العون ويغتنم فرصة سقوط سلطة صدام ليعيد لسامراء بريقها بأحياها مرة اخرى بخطوتين الأولى اعادتها للعاصمة وبريقها والثانية بناء الاضرحة المقدسة التي تشكل عصبة الحياة.

سامراء ومليارات السياحة الدينية:

فعلى المدى الاقتصادي للاضرحة لو فرضنا ان عشرة ملايين زائر من شيعة العالم من الخارج سنويا يتوقون لزيارة سامراء بعد اكمال البناء ولو فرضنا ان كل زائر سيبقى في سامراء يوم واحد فقط وهذا يعني انه سيصرف مئة دولار تقريبا للفندق والاكل والشرب والتسوق والتنقل والهدايا فهذا يعني ضرب عشرة ملايين بمئة دولار للواحد منهم فيكون الناتج مليار دولار سنويا ستدخل لأهالي سامراء تحديدا ولو فرضنا ان سامراء طورت وبنيت فيها مجموعة فنادق حديثة ومجموعة حدائق وساحات ومطاعم ومراكز ترفية ولن يتم ذلك ما لم تعود سامراء الى جغرافية العاصمة فيضطر حينها الزائر ان يبقى عدة ايام اخرى وهذا معناه صرف مئات الدولارات حينها اذن نتحدث عن مليارات اخرى سنويا تدخل الى اهالي سامراء وحدهم من الزيارة والسياحة الدينية ، فكيف يرفض اهلي سامراء ذلك ويتبعون القاعدة وحزب البعث والطائفية واذا بقيت سامراء تابعة لتكريت فكم ستكون مخصصاتها او ميزانيتها السنوية التي لاتتجاوز على اعظم التقادير ملايين الدولارات فأين المليارات من الملايين ، والاجابة على هذه الاسئلة متروكه لأهالي سامراء .

سامراء وتطبيق فقرات القانون 140:

مستقبل سامراء مقرون بأهلها ومواقفهم ، القانون 140 بفقرته باء اعطى اهالي سامراء حقا في العودة الى بغداد باعتبار ان الحقاها بتكريت قد تم عنوة ولاسباب طائفية واسباب ثأرية تختلج في نفس صدام وجماعته ضد سامراء وعليه فالوقت مناسب لكي تنسجم خطوات اعادة الاعمار الحالية للاضرحةالمقدسة مع مطالبة سامرائية بتطبيق فقرات القانون 140 وعودة سامراء ميمونة الى العاصمة التي ستتحول قريبا الى اقليم بغداد الكبرى العاصمة الاتحادية للعراق ووجود سامراء ضمن جغرافيتها سيعطيها اهمية لا تقل عن اهمية الكاظمية حاليا في بغداد لكن بقاءها ضمن صلاح الدين مستقبلا لن يوفر لها شيئا يذكر ، فهل ستغتنم القوى العقلائية والنخب الثقافية السامرائية الفرصة الحالية وتسعى لاعاة سامراء الى بريقها الأولى وان تنهض بها ام ستندثر سامراء بعد عدة سنوات وتتحول الى قرية اشبه بالمهملة فيما اذا تم تشكيل فدرالية المنطقة الغربية .