تفجير سامراء الشريفة

( بقلم : د.طالب علي الصراف )

اهتزت امريكا والعالم حين فجر المركز التجاري الامريكي لالوجود ضحايا او خسائر اقتصادية وحسب لان امريكا متعودة على ذلك نتيجة الاعاصير والكوارث الطبيعية التي تعصف بها كل سنة وكم خسرت في حروبها في كثير من اجزاء العالم, ولكن هذا الحدث هز شموخ امريكا هزة عنيفة لانه يشكل تحديا لهيبتها الامنية, هزّ امريكا العلمانية لاالدولة التي تؤمن بالمثل العليا التي امر الله بها عن طريق نبيه وال بيته عليه وعليهم صلاة الله اجمعين. اذن فما بالك بانفجار سامراء الذي هتك حرمة الاسلام وانتهك القداسة في وجدان المسلمين بشكل عام والشيعة بشكل خاص.لقد اريد بذلك الحدث الجلل الفتنة الكبرى بين ابناء الشعب العراقي دون تمييز طائفي او عنصري, الا ان المرجعية الدينة الرشيدة في النجف الاشرف التي كانت ولاتزال صمام الامان للحفاظ على ارواح الشعب العراقي وقفت بحزم امام الملايين الثائرة الغاضبة على مرتكبي الجريمة ودرء الفتنة الوشيكة. والا كان الرد بزحف الملاين من ابناء العراق الى سامراء لسحق فلول القاعدة ومن احتضنها ولولا حكمة المرجعية المعهودة والنضر الثاقب لعواقب الامور لكانت ملحمة دموية يشهدهااالتاريخ العربي تأريخ الخزي والمعاصي تأريخ خلفاء بني اومية وخلفاء العباسيين الذين قلما تجد منهم من ناء بنفسه عمّا حرم الله.اهتزت امريكا لالعظمة البناء المعماري, فلربما فكر المهندسون بهدم هذا البناء التجاري الذي لايمثل فنا او اثرا ثأريخيا كما هو الحال في لندن, فقد هدمت البلدية ابنية حديثة شاهقة لانها لاتضيف جمالا للمدينة او لانها في نهاية عمرها المتعهد به من جانب الشركة المنفذة. ولكن هل تستطيع اية سلطة في بريطانيا ان تهدم بل تغير او تحور بناء اثريا تجاوز مائة عام؟ فما بالك ببناء تجاوز عمره اكثر من الف سنة؟ فحين استشهد ولي الله علي بن محمد"ع" كان ذلك سنة اربع وخمسين ومئتين هجرية وقدم الى سامراء بامر من المتوكل مع الوالي يحيى بن هرثمة سنة اربع وعشرين ومائتين هجرية,واما ولده الامام الحسن العسكري "ع" فقد ولد في سامراء على بعض الروايات سنة اثنين وثلاثين ومائتين "ه" وقبض الله وليه ابا محمد الحسن العسكري سنة ستين ومائتين وله يومئذ ثمان وعشرون سنة, اما اخر الأئمة المعصومين "ع" هو الامام المهدي "عج" فقد ولد في سامراء سنة خمس وخمسين ومائتين "ه" فهنا نحن نتحدث عن بدايات العصر الاسلامي...

فمن اية زاوية عظيمة للمرقدين الشريفين اتحدث؟ من الناحية التأريخية , الجمالية, السياحية, الاثرية, الدينية,الاقتصادية, فكل ناحية من هذه النواحي تحتاج الى صفحات لشرحها واغنائها بالتفاصيل المسهبة.ام بماذا اتحدث عن المجرمين؟ عن العادات والتقاليد والاصول البدوية والقبلية والعربية ،ان كنتم عربا، كما قال الامام الحسين "ع"اثناء حربه مع الكفار الاشرار, فالأمامين: المهدي "عج" ووالده عليهما السلام من ولادة مدينة سامراء في رواية. وابناء سامراء اكثريتهم المطلقة ينتمون الى قبائل عربية, فاين الشيمة والحمية والغيرة على العروبة والدين؟ وهل ان هنالك في الامة العربية انقى ارومة واصلا وحسبا ونسبا من ال بيت رسول الله: حيث يقول الامام الشافعي:

ياال بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن انزله كفاكم من عظيم الشأن انكم من لم يصل عليكم لاصلاة له

أهكذا ياابناء سامراء يهتك ويهان بيت رسول الله في عقر داركم ....امن صلاة تقبل لكم كما قال الشافعي...واذا كان ابناء رسول الله لاتأخذكم الغيرة عليهم فعلى من؟ ... قال الله في محكم كتابه "قل لاأسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى"....اذا لم تأخذنا الغيرة للدفاع عن بيت النبوة والرسالة الذين يفتخرون بان جدهم النبي محمد"ص" الذي اخرجنا واخرجكم والعالم باجمعه من الظلمات الى النور حيث يطلق على العصر الذي سبق الاسلام بالعصر الجاهلي بكل ما للكلمة من معنى من وئد للبنات والاباحية في الزواج والتعصب القبلي والحروب المستمرة بين القبائل,وهنا يقول برفسور ميور وكذلك طه حسين عميد الادب العربي : " والعرب- قبل الاسلام- قبائل متحاربة فيما بينها ماان فرغت من دماء الا ودخلت في دماء اخرى فيما بينها".

ان ما حدث في سامراء من هدم لاضرحة ال بيت رسول الله, هو اعتداء على شرف وقيم ابناء سامراء, لانه يبدو لاطاقة لهم على صيانة حرمات رسول الله وعلى قداسة المثل الاسلامية العليا التي تتجلى بقدسية رسول الله وال بيته.ولكني اقول بصريح العبارة؛ ان هذه الاهانة التي حلت في العالم الاسلامي لايتحمل مسؤوليتها امام الله ابناء سامراء وحدهم, بل كافة الشعب العراقي والعالم الاسلامي ومنظمات حقوق الانسان, واكثر من هذا وذاك هيئة الامم المتحدة التي لديها كثيرا من المؤسسات التي تحافظ على معالم الحضارات والاديان وهي التي تضفي الشرعية القانونية لقوات الاحتلال, واخيرا فان الدولة التي نعيش فيها اي بريطانيا العظمى هي الاخرى مسؤولة مسؤولية مباشرة, وذلك كونها اولا من اهم الدول المعنية بالاثار العراقية وخاصة التي تجاوزت اكثر من 1000سنة, ونرى ذلك جليا في عنايتها وحفظها لتلك الاثار في متاحفها المشهورة, وثانيا كونها من دول التحالف الموجودة على ارض العراق واخيرا باعتبارنا مواطنيين بريطانيين لنا الحق في المطالبة بالحفاظ على مورثنا الوطني والديني المقدس في العراق بل ان ملايين من المسلمين ينظرون الى قداسة سامراء بقدر ما يقدسها ابناء العراق.

ايها الاخوة هنا لنا وقفة تأريخية وهل ان التأريخ يعيد نفسه؟ لابد من الاشارة الى الفترة التي مكث بها الامامان العسكريان"ع" في سامراء والتي هي ما بين 33 الى 35 سنة على وجه التقريب, حكم فيها ستة من الخلفاء العباسيين وهنا اشير الى بعض المقارنات بين الحاضر وتلك الحقبة من الزمن:

1- تكريس سياسة الاستبداد عند الخلفاء كما هو في عصرنا وخاصة في فترة حكم المقبور صدام حسين, فقد ذكر الطبري ان الرشيد تبنى قول الشاعر ادناه منهجا في طريقة الحكم:

واستبدت مرة واحدة انما العاجز من لايستبد

اتخذه الرشيد وما قبله وما بعده من الامويين والعباسيين منهجا لسياستهم الا باستثناء قليل لبعض الخلفاء, ثم جاء الخليفة الواثق فقال والله صدق جدي هارون حين قال: انما العاجز من لا يستبد.... يبدو ان طريق الظلم والاستبداد هو جزء من الثقافة العربية لا الاسلامية, وكبير فرق بين هذا وذاك, والا لماذا ترتعد فرائص الكثير من ابناء الشعوب العربية بالاضافة الى الحكام من النظام الفدرالي المعزز للديمقراطية والبديل العالمي للانظمة الشمولية الاستبدادية, فهل ان الاستبداد عند العرب مورث مقدس كما كانت عليه العصبيات في العصر الجاهلي, وهل يراد بنا الرجوع الى داحس والغبراء, والا لماذا نشاهد اليوم في الفضائيات حملة رخيصة مبتذلة مدفوع لها من قبل الحكومات الدكتاتورية للوقوف امام مسيرة العراق الجديد, عراق الديمقراطية والعدالة, عراق الانتخابات والبرلمان والدستور. واذا كانت هنلك ممارست مرفوضة منا كعراقيين فسوف ترمى على هاوية الطريق بفضل الشرفاء من ابناء الشعب العراقي الذين لم يهدأ لهم بال, في مراقبة هذه المسيرة للعملية السياسية الوليدة التي تحتاج الى عناية وتربية وبناء.2- التخريب والتهديم والاعتداء على المقدسات الاسلامية:

العالم اليوم يعيش حياة القرن الواحد والعشرين, ويزداد احترامه في نفس الوقت لكل ما خلفه الاباء والاجداد من اثار وبناء معماري يدل على ان السلف الذي ينتمون اليه كان مبدعا في الفن والعمارة بل ان الشعوب الاوربية رغم التشابه الكبير في بناء عمارتها القديمة, فانها تتبارى وتتنافس فيما بينها بما ترك السلف لهم من فنون العمارة والبناء. ونحن نعلم ان الفن الاسلامي له قصب السبق في الفن المعماري, هذا من جهة, ومن جهة اخرى نجد العرب المتوحشين االقادمين الى العراق غرضهم النهب والدمار وهتك الاعراض, تطبيقا لنظرية ابن خلدون القائله في فصل: "أن العرب اذا تغلبوا على اوطان اسرع اليها الخراب" وفعلا حين دخل المتوحشون الى الفلوجة نهبوا اهلها وعاثوا فسادا فيها, مما اضطر ابناء المدينة الى رفع السلاح ومحاربتهم وطردهم منها.

ثم ان توحشهم هذا المنافي للعمران والتطور وتعصبهم الطائفي دفعهم للايغال بالجريمة اذ فجروا مرقدي الأمامين العسكريين ابناء رسول الله صلى الله عليه وعليهم اجمعين. وهنا صدق من قال "ومن شابه اباه فما ظلم" فقد قام المتوكل الخليفة العباسي كما يذكر الطبري ما يلي:"امر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي وهدم ما حوله من المنازل والدور وان يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره وان يمنع الناس من اتيانه. فذكر ان عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة ايام بعثنا به الى المطبق فهرب الناس وامتنعوا من السير اليه وحرث ذلك الموضع وزرع ماحوله."

3- ثقافة قطع الرؤوس: ان ما جاء به المذهب الوهابي مذهب ابن لادن ومن لف حوله كان له ممارسة تاريخية موثقة تشير الى ان هؤلاء مجرمي الارهاب وعلى راسهم مجرمي السعودية كما تشير الارقام الرسميه بكثرة وافرة التسلل الى العراق, قد توارثوا هذا الحقد البغيض الدفين لال بيت رسول الله منذ بعثة النبي محمد مؤيدة بسيف علي بن ابي طالب "ص" عليهما, ويبدو ان هذا ليس بجديد وانما توارثوه من الاجداد,اذ يروي الطبري: " ,كان فيمن قتل من بني هاشم جماعة من ولد جعفر بن سلمان, واربعون رجلا من الرماة المشهورين في خلق كثير لايحصى عددهم, وانصرف الخبيث وجمعت له الرؤوس فذهب اليه جماعة من اولياء القتلى فعرضها عليهم فأخذوا ما عرفوا منها وعبأ ما بقي عنده من الرؤوس التي لم يأت لها طالب في جريبية, ملأها منها واخرجها من النهر المعروف بام حبيب في الجزر واطلقها فوافت البصرة فوقفت في مشرعة تعرف بمشرعة القيار فجعل الناس يأتون تلك الرؤوس فيأخذ رأس كل رجل اولياؤه, وقوى عدو الله بعد هذا اليوم وتمكن الرعب في قلوب اهل البصرة منه وامسكوا عن حربه....

4- اطلاق سراح المجرمين من السجون لغرض الفوضى: حين شعر صدام بان هزيمته واقعة لامحال منها فتح سجن ابي غريب آملا باضافة المجرمين منهم الى مجرمي بعثي النظام ومخابراته ليغيل ويفتك في قتل الشعب العراقي فاشتدت الجريمة بكل اصنافها بعد سقوط نظام الجلاوزة... ان لمثل هذا الحدث ما يماثله في العصر العباسي اذ ان الخليفة المهتدي قابل قائد جيشه بايكباك ثم قطع راسه ورمى به الى اصحابه فجاء طوغتيا اخو بايكباك لمحاربة المهتدي وخرج المهتدي والمصحف في عنقه يدعوا الناس الى ان ينصروا خليفتهم فلما التحم الشر مال الاتراك الى اصحابهم الذين مع اخي بايكباك وولوا جنود المهتدي منهزمين ومضى المهتدى يركض منهزما وهو ينادي يامعشر الناس انا امير المؤمنين قاتلوا عن خليفتكم فلم تستجب له العامه فصار الى باب السجن واطلق من فيه وهو يظن ان السجناء سوف يعينوا خليفتهم فلم يكن منهم الا الهرب ولم يجبه احد فلما لم يجيبوه انهزم الى دار كما انهزم صدام الى دار في قرية العوجة...

هذه المقدمة تأخذ بنا الى التساؤل, ما العمل؟ اذا القوم هم القوم كما يقال, واذا تناسينا بل لن ننسى فترة الاضطهاد الطائفي العثماني ووقفتنا في ثورة العشرين امام الانكليزي الذين بشرونا ووعدونا بانهم محررين لافاتحين الا ان الشيعة تمسكوا بالحفاظ على بيضة الاسلام وعبد الرحمن النقيب هشم بيضة الاسلام وسود صورتها, وبعد خيانته للدولة العثمانية شكل وزارة انكليزية طائفية لم يكن في تلك المحاصصة النقيبية ولاوزيرا شيعيا واحدا, نعم كان هنالك يهوديا ومسيحيا ولكن لا شيعيا حتى اصبحت فضيحة غير مقبولة امام Miss Bell وادارتها فجيء بوزير شيعي واحد فقط.

واذا اليوم يقول حارث الضاري "نحن لانقبل باقل مما كنا عليه سابقا" اي ايام صدام وما قبله, ثم يغازل الامريكان قائلا "انتم جربتم المجرب (الشيعة) ولم تحصلوا الا على الفشل فلماذا لاتجربوننا"... هذا هو رافض الاحتلال .. اهو عبد الرحمن النقيب الثاني ام انه عبد الرحمن بن ملجم؟ثم بعد ذلك النباح الذباح عدنان الدليمي الذي كشّر عن انيابه في مؤتمر استنبول وسمعتم تصريحاته المتشنجة الهذرة القذرة التي لاينبس بها لسان كل شريف تقي ذي حسب ونسب.

اذن ما العمل وعيون المسلمين الشرفاء تنظر الى العراق الى النجف مدينة علي بن ابي طالب امام المتقين وكربلاء مدينة سيد الشهداء وسامراء مدينة الامامين العسكريين ومحط ولادة الامام الحجة عليه وعلى اباءه افضل الصلاة والسلام. ما العمل ونهج البلاغة صوت علي بن ابي طالب صوت الحق يقول "اضاعة الفرصة غصة" فهل من غصة بعد غصة عبد الرحمن النقيب؟ وهل يلدغ المؤمن من جحر مرتين؟ ما العمل والفساد الاداري والمالي بلغ التراقي؟ وهذا يسبب الفقر الذي يسبب الفساد والاجرام بكل اشكاله وصدق ابو الحسنين "ع" حين قال لو كان الفقر رجلا لقتلته . ما العمل والمحاصصة بكل مسمياتها قد هرأت الجسم العراقي وانهكته...نحن نسأل هل الوزير عضو يمثل الوزارة العراقية لأدارة شؤون البلاد؟ ام ان اوامر حزبه وكتلته فوق الوزارة والدولة؟ اهل لنا رئيس جمهورية واحد ام ثلاثة؟ حيث يحق لنائب واحد لرئس الجمهورية ان يعطل قرار مجلس النواب وبرفض المصادقة عليه؟الناس تتساءل عن شكل الفدرالية في العراق وانا اتساءل عن شكل المحاصصة في العراق؛ فهل هي محاصصة(جسمة) حاج فنيخ والخروف كما يقول المثل الشعبي الرميثي وكما يعرفه البعض من العراقيين؟ وقصة الحجي حول تحصيص لحم خروف, وخروف العراق موجود في البصرة والعمارة الا وهو النفط الذي تحصص منه لابناء البصرة والعمارة اليسير الذي لايذكر ولا ندري من يأكل قطع اللحم المشوية التي تركت مع حاج فنيخ, لأن ما فضل من لحم الى ابناء البصرة والعمارة لايأكله الا الفقراء. فأين حصة اهل الخروف الحقيقين من اللحم الحقيقي اعني النفط الحقيقي لا النفط المستورد؟ اين الحصة الحقيقية هنا ايتها المحاصصة؟ هل ابقى صامتا عن حصتي في المحاصصة؟ واعني حصتي الشرعية كمواطن ؟ ام لاازال مواطنا خائفا من الخيزران الذي كان في زمانك يا شاعر العرب العظيم سيدنا الفاضل مصطفى جمال الدين فكانت نبوءة صادقة حين نطق الحق وخرس الخيزران:

كيف غالوا دم الشعيبة والعش .................. رين والكوت واستباحو, وخانواكيف تظما بنت الرميثة في نج ................... د، وتسقى فراتها الذؤبانكيف جاءت بنو تميم من الهن ................... د, وهلت من مكة التركمانكيف ينمى الى علي فتى يأ ....................... باه, من لؤم عنصر , مروانوليقل ما يريد, ولينشر الاع ...................... لام ما شاء بثه السلطان فسيأتي يوم به ينطق الح ........................ ق بليغا, ويخرس الخيزران