( بغداديات ) بتوقيع : بهلول الكظماوي
اشتهر قره قوش بأحكامه الأرتجالية التعسّفيّة التي كان يفرضها على سكّان بغداد و يبررها تحت ذريعة اسعاد العراقيين و تخفيف الأعباء عن كاهلهم , في حين مصيبة العراقيين تكمن في تسلّط قرقوش نفسه عليهم .فتارة أمرهم قره قوش بسقي دجاجاتهم ماءً حاراً في درجة الغليان حتى تبيض دجاجات بغداد بيضاً مسلوقاً , وبذلك يختصروا الطريق و يوفّروا على أنفسهم إضرام النار و سلق البيض , و كانت النتيجة أن نفقت كلّ دجاجات بغداد بعد أن شويت أمعائها اكتواءً بالماء المغلي الذي شربوه .
و تارة اخرى بعد أن وجد التذمّر الشعبي العارم قد أخذ يلوّح بالفلتان الامني و اضطراب في الاوضاع فقرّر أن يتنازل قليلاً عن جبروته و غطرسته و يسلك طريقاً أقل تشدداً و يمتاز بالمرونة و هامش من الحرية الفكرية تجنبه ثورة تطيح به اذا استمر على هذه الحال , فجمع أهل الحلّ و العقد من حكماء بغداد و وجهائها في مجلس تشاوري تمهيداً لبناء حياة تمتاز بشيء من التجديد و التعددية الفكرية .
وأراد أن يختبرهم أولاً فعرض عليهم خروفاً حديث الفطام , داعياً أن يتكفّل هذا الخروف واحداً من هؤلاء الوجهاء و الحكماء على أن يطعمه كلّ يوم وبدفعة واحدة عشرة ( باكات ) حزمات من ( الجت ) البرسيم أضافة ( لسطلين ) لدلوين من الماء مع هذه الوجبة بأشراف حرّاس و شرطة ينتدبهم قرقوش و لمدة أربعين يوما متتالية على شرط أن لا يزيد وزن هذا الخروف و لا ينقص منه بعد استلام قرقوش له حين انقضاء مدة الأربعين يوماً المحددة لهذا الاختبار واعداً الذي يتعهّد و ينجح بهذا الأمر من هؤلاء الحكماء أن يصبح قاضي قضاته و وزيره الأوّل , أمّا إذا أخفق فالسيّاف له بالمرصاد . قبل أحد الحكماء أن يقوم بهذه المهمّة دفعاً للبلاء الذي سيعم الجميع بدون استثناء إذا لم يبادر واحد منهم لتنفيذ هذا الأمر .
وبالفعل بعد أن تعهد هذا الحكيم بالخروف أخذ يزوره كلّ يوم جنود قرقوش للأشراف بأنفسهم على وجبة غذاء الخروف و مائه .و تمر ّ ألأيّام الأربعون سريعاً و يأتي يوم الامتحان على رؤوس الأشهاد و يوضع الخروف بالميزان لتأتي النتيجة بالوزن الكامل الغير زائد و الغير منقوص , ويبتهج الناس بفوز الشيخ الحكيم بالرهان و بمنصب الوزارة الموعودة .ولكن يبقى إمام إلحاح قرقوش أن يبين له ( الشيخ الحكيم ) الطريقة التي اتبعها مع الخروف حتى جاءت النتيجة مطابقة لأرادة قرقوش .و كان السر الذي أذاعه الشيخ مرغماً بأنّه ( الشيخ ) قد أحتفظ بذئب في قفص حديدي و كان كلما خرج حراس قرقوش من بعد إشرافهم على غذاء الخروف يأتي الشيخ الحكيم بالذئب أمام الخروف , وبمجرّد أن يرى الخروف الذئب يرتعب و يصاب الخروف بالذعر و الرهاب و ينزل وزنه الذي ازداد جرّاء اعتلافه ( الجت ) البرسيم قبل قليل .
وألآن عزيزي القارئ الكريم :يبدوا أن قره بوش ) قد اعتبر من قره قوش ,.وكلمة (قره ) باللغة التركية تعني اللون الأسود و ( قوش ) تعني الطير , وكلاهما الكلمتين ( قره قوش ) تعني الطير الأسود أو الغراب , أما كلمة بوش بالتركية فتعني الفارغ , وبذلك تكون كلمة قره بوش بالتركية تعني الأسود الفارغ أو التافه . وهي التسمية التي يطلقها الأتراك اليوم ( قره بوش ) هذه الأيام على الرئيس الأمريكي جورج بوش .
أرجع لأقول : يبدوا أن قره بوش قد استفاد من تجربة القصة بين قره قوش و الشيخ الحكيم و خروفه , فحينما أراد بوش أن يتخلّص من عميله قرقوشنا ( صدام ) و كان خائفاً من الحملان الوديعة , وهم جموع الشعب العراقي المضطهد الذي سوف يتحرر من أسر و اضطهاد العميل القره قوش ( صدام ) إذ حتماً سيتّجه شعبنا بعد تحرره للبناء و الإبداع و يصيبه قسط من الرفاه الاجتماعي و يتوجّه لحماية ثرواته الوطنية .فما كان من قره بوش عصرنا الاّ و استجلب له الذئآب المسعورة من كل حدب و صوب وأخذ يفلتهم كلّما استشعر ان شعبنا سيبدأ حياته الطبيعية .
فما أن نجحت الانتخابات أو نجح الاستفتاء على الدستور أو يحصل اتفاق بين الطوائف أو القوميات أو الكيانات الاّ و نفاجئ بالذئآب المسعورة المستجلبة من كلّ فاشلي الأمة ومن كلّ حدب و صوب , نفاجئ بهؤلاء الذئآب تسعر و تنهش بأبناء شعبنا لتربك أمنه و تقلق راحته و تدمر حياته و صحته و عافيته و تهبط من معنوياته و تحطّ من عزيمته .
عزيزي المواطن العراقي الغيور :أنا أتسائل معك : هل يوجد لدى حكومتنا المنتخبة و أحزابنا و شخصياتنا العراقية الغيورة على أمن و سلامة الوطن , هل يوجد لديهم معلومات عن تعداد و أسماء و خريطة تواجد أعضاء حماية الشركات الخاصة الأجنبية العاملة في العراق ؟
هل يوجد حرية لدينا في اتخاذ قرارات وطنية حازمة تجاه الحد من نشاط منظمة مجاهدي خلق الإيرانية العاملة في العراق و محمية من قبل قوات الاحتلال الأجنبي , وهل هي مشمولة في قرارات نزع سلاح المليشيات ؟هل يوجد لدينا معلومات عن تعداد و أسماء و خريطة أماكن تواجد أعضاء جهاز المخابرات العراقية اليوم ؟ ..... و هل يوجد أي تنسيق بين حكومتنا الحالية و جهاز المخابرات هذا الذي يرتبط بقوات الاحتلال , ولا ارتباط له بأية جهة حكومية عراقية ؟
وهل سيحلّ هذا الجهاز , أو سينزع سلاحه اسوة بباقي المليشيات التي سينزع سلاحها ؟عزيزي المواطن العراقي الغيور :أنا و أخوة لي من العراقيين لنا امنية نرجوا تحقيقها , ألا و هي رؤية صور الأخ مدير جهاز المخابرات العراقي على شاشات التلفزيون و الفضائيات و الصحافة الورقية والألكترونية و المجلات العراقية اسوة مع باقي الوزراء و أعضاء البرلمان و المسؤولين العراقيين لأننا أصبحنا مثل ما كانت تقوله ( ام رحيّم الأهوازيّة ) رأينا كلّ نجومهم إلا قمرهم لم نراه لحدّ ألان .أسأل الله العلي القدير أن يوفق حكومتنا الجديدية في مسعاها في لم الشمل العراقي و توحيد صفوفه وأن يجنبنا وايّاها تدخلات ( قره بوش ) انّه سميع مجيب .
و دمتم لأخيكم : بهلول الكظماوي .امستردام في 27-6-2006
https://telegram.me/buratha