المقالات

الشَّعائِر.. رُؤيَةٌ فِي الجَدَليَّةِ (٤)


نـــــــــــزار حيدر

 

فضلاً عن كلِّ ذلكَ، فإِنَّ كلَّ علامةٍ أَو رايةٍ أَو شعارٍ بمثابةِ هويَّة لشيءٍ ما، ودالَّة على شيءٍ ما.

فهذا العلمُ يُشيرُ إِلى دَولةٍ ما، والآخرُ يُشيرُ إِلى شركةٍ ما، والثَّالثُ يُشيرُ إِلى فريقٍ رياضيٍّ ما.

كما أَنَّ هذا الشِّعار يرمزُ إِلى مؤَسَّسةٍ ما أَوَ إِلى مصنعٍ ما.

حتَّى طريقةِ دعوةِ المُؤمنين لعبادةِ الله تعالى ترمزُ إِلى الهويَّة الدينيَّة، فإِذا سمعتَ أَذاناً فاعلم أَنَّ هنا في هذه المنطقة مسجداً، وإِذا سمعتَ ناقوساً يدقُّ فاعلم أَنَّ كنيسةً هنا، وهكذا.

كذلكَ، فإِذا رأَيت هلالاً في مكان ما أَو شجرةَ الميلاد أَو شمعداناً، فستعرف أَنَّه يرمز إِلى المسجد والكنيسة والمعبد.

كما أَنَّ اللِّباس يرمزُ إِلى هويَّةٍ، فالحجابُ إِلى الإِسلام، والقلُنسوة إِلى اليهوديَّة والعَمامة الخاصَّة إِلى السيخيَّة وهكذا.

أَمَّا اذا رأَيتَ كلَّ هذه الشَّعائر الحُسينيَّة في كلِّ شبرٍ من الكُرةِ الأَرضيَّةِ، حُسينيَّات ومجالس ومواكب ومسيرات وسُرادقات الخدمة والإِطعام، فاعلم أَنَّ هنا في هذا العالَم قضيَّةً عظيمةً ضحَّى من أَجلها إِمامٌ عظيمٌ في مكانٍ عظيمٍ في يومٍ عظيمٍ.

الشَّعائر تتَّسع وتتَّسع وتتَّسع لتشملَ كلَّ العالَم وبمُختلفِ اللُّغاتِ، من جهةٍ، ولتُخاطب كلَّ العقولِ والإِعمارِ والخلفيَّات، من جهةٍ أُخرى.

طبعاً بغضِّ النَّظرِ عن طبيعةِ هذهِ الشَّعائر ومدى تطابقها مع الدِّينِ، وما إِذا كانت واجبةً أَو مُستحبَّةً أَو مندوبةً، فتلكَ مسؤُولية العُلماء والفُقهاء الذين يحدِّدون طبيعتها الدينيَّة، إِنَّما أَنا أَتحدَّثُ هنا عنها بالمُجمل وليس بالتَّفاصيل.

وهي تتطوَّر وتتَّسع كأَيِّ شيءٍ آخر، فإِذا اعتبرناها مُحاولات ومساعي فنيَّة لنقلِ حقيقة ما جرى في الطَّفِّ يوم عاشوراء، فإِنَّ تطوُّرها كمّاً ونوعاً، أَمرٌ طبيعيٌّ جدّاً.

فلماذا يحقُّ لهم، مثلاً، إِصدار مِئات النُّسخ من الأَفلام والمُسلسلات التلفزيونيَّة عن قضيَّةٍ واحدةٍ كحربِ الخليجِ أَو الحرب في أَفغانستان، لتلميعِ جرائمهِم الوحشيَّة ضدَّ المدنييِّن وسعيهِم لإِقناعِ المُتلقِّي بأَنَّهم ذهبُوا إِلى هُناك لتحقيقِ هدفٍ مُقدَّس، ولتسطيرِ بطولاتهِم على الشَّاشةِ فقط! ولا يحقُّ لنا إِصدار بضعةِ نُسخٍ من الشَّعائر لإِيصال الفكرةِ الحقيقيَّةِ والواقعيَّةِ عن واحدةٍ من أَعظم حوادث تاريخِ الإِنسانيَّة؟!.

إِنَّ الذين يتباكَون على عاشُوراء داعين إِلى [تزكيةِ] الشَّعائر من المُمارسات الدَّخيلة! وتنقيتها من الشَّوائب التي وردت إِليها من هُنا وهُناك، بذريعةِ أَنَّها سببٌ في [تَوهين] المذهب، هُم أَبعد ما يكونُون عن عاشوراء وقِيَمها ومبادِئها!.

تخيَّل أَنَّ بعضهُم ملاحدة لا يؤمنُون بالدِّين! فلماذا يتدخَّلُون في عقائدِ النَّاس؟!.

إِنَّهُم المهزومُون نفسيّاً المُستَلَبون عقليّاً وفكريّاً.

متى اتَّخذ الغربُ، مثلاً، هذه الشَّعائر للطَّعنِ بالمذهبِ والإِستهزاء بهِ؟!.

لقد ظلِّ أَحد أَعرق الأَحزاب الدينيَّة الشيعيَّة في العراق يستهزئُ ويسخرُ من الشَّعائر الحُسينيَّة بما فيها البُكاء على الحُسين السِّبط (ع) فكان يدعُو إِلى تنقيتها من [الخُزعبلات] على حدِّ وصفهِ، حتَّى إِذا استلم السُّلطة بعدَ سقوط نظام الطَّاغيةُ الذَّليل صدَّام حسين، إِذا بهِ يُكشِّر عن أَنيابهِ وينزع جلبابهِ وزيِّهِ [الدِّيني] لنكتشفَ أَنَّهُ حزبٌ أَمويُّ بامتياز، بسلوكيَّاتهِ وممارساتهِ وسياساتهِ ومنهجهِ في قطع الأَرزاق وتسقيطِ الخصمِ وإِثارةِ الفِتن والأَزَمات، خرجَ من تحتِ عباءةِ [الأُخوان] و [التَّحرير] بينهُ وبين عاشوراء وقِيَمها وأَهدافها وأَدواتها ملايين السِّنين الضَّوئِيَّة!.

سرقَ البِلاد ودمَّر خيراتها وسلَّمها للإِرهابيِّين لولا أَن أَنقذتها هبَّة العراقيِّين وتضحياتهِم عندما استجابُوا لفتوى الجِهاد الكِفائي التي أَصدرها المرجِعُ الأَعلى!.

لقد تحوَّلوا بسلوكيَّاتهم الفاسدة والفاشلة إِلى مصدر توهين للمذهب.

إِنَّهم، الذين يحاربونَ الشَّعائر الحُسينيَّة بذريعةِ الحرصِ على عاشوراء، منافقُون يعطونَنا حُلوَ الكلامِ من طرفِ لسانهِم، ولكنَّهم في الحقيقةِ مصداقُ قولِ الشَّاعر؛

‫لا خيرَ في وُدِّ امرئٍ متملِّقٍ

‫حلوَ اللِّسان، وقلبهُ يتلهَّبُ

‫يلقاكَ يحلفُ أَنَّهُ بكَ واثقٌ

‫وإِذا توارى عنكَ فهوَ العَقربُ

‫يعطيكَ من طرفِ اللِّسانِ حلاوةً

‫ويرُوغُ منكَ كما يروغُ الثَّعلبُ

‫ إِنَّهم مُراوغُون، يتباكَون على الحُسينِ السّبط (ع) فوقَ المنابر ويطعنُونهُ بالخناجر والسَّكاكين ويرضُّون صدرهُ بخيولهِم تحتَ المنابِر!.

‫ فاحذرُوهم.

*يتبع..

١٦ تشرِينُ الأَوَّل 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك