في ظل الظرف المتخلخل هذا تقوم بعض القوى السياسيه باستغلال بشع للوضع و تراهن على استحصال اكبر قدرممكن من المصالح ، وتكرس وجودها ولو عبر تهديد البلد كله بالانزلاق الى حرب طائفية تحرق الاخضر واليابس لكونها اعتادت ان تكون في راس السلطة ، .......................... ( بقلم عبد الجبار كريم )
مثلما هي المناعه في الجسم تحصنه من أي خلل يعتريه او هجوم خارجي يتعرض له، كذلك البلد المتجانس لديه مناعة ذاتية اذا فقدت يصبح البلد عرضة للفوضى ، واهم عناصر هذه المناعة هي المواطنة التي باتت مفقودة في العراق وحل محلها مفهوم اصغر وهو الانتماء الطائفي او القومي ، الامر الذي حول البلد الي دويلات ، كل دويلة تدين بالولاء الطائفي او القومي ، وبالتالي بات المواطن والمسؤول يدين بالولاء والطاعة لانتمائه العرقي والطائفي قبل أي انتماء اخر ، وهذا من شاْنه بطبيعة الحال ان يعقد من مهمة تكريس مفهوم صحيح للمواطنة اوتعزيز الهوية الوطنية ، وتصبح المهمة اعقد اذا كان هناك نوع من الاحتكاك القومي او الطائفي ناهيك عما اذا وصلت الامور الى ان يهدر ابن البلد دم اخيه بكل اصرار وخسة ودناءة كما نجده اليوم وللاسف في العراق الذي بات يعيش في اتون حرب اهلية غير معلنة ، يستباح فيها دم الشيعي بكل حقد ووحشيه في مثل هذه الاجواء من الصعب التاْسيس لهوية وطنية ، او لمفهوم صحيح للمواطنة ، او ايجاد حل لمشكلة معقدة كالامن ، والتي تعاني من خلل بنيوي يتعلق بصعوبة توحيد الكيانات المختلفة في ظل أي نظام او اطار موحد ، ففي سياده الولاءات المحليه وغياب مفهوم المواطنه تصبح الخيانة عملا بطوليا ، ويصبح استيراد الارهابيين من دول الجوار لمحاربة ابن البلد الاصلي بمثابة نضال من اجل التحرر ، كما يحلو للبعض في اعطائه معاني بعيدة عن الواقع بعد السماء عن الارض في مثل هذه الاجواء القاتمة يصبح الحديث عن شئ اسمه الملف الامني نوعا من الهراء ، وتغدو العصابات الارهابيه جيوشا محلية للدفاع عن الطائفة او القومية ، ويصبح الجيش الوطني للبلد عاجزا عن توفير الغطاء الامني للمواطن في أي مكان كان من ارجاء البلاد ، خاصة عندما لايدين المنتمي لهذا الجيش بالولاء والطاعة له ، ولايؤتمن على اسراره ، لان وجوده في مثل هذا الكيان او أي كيان اخر من كيانات واجهزة الدولة بمثابة طابور خامس فيه يستهدف بالدرجة الاولى خدمة انتمائه العقيدي والقومي والطائفي حتى ولو جاء على حساب الوطن ككلمن ناحيه اخري فان في غياب المواطنة وتعدد الولاءات ، يفقد المواطن الثقه في الجيش الوطني و لايعتمد عليه فتصبح الميليشيا المحلية ضرورة لتوفير الامن والحمايه، خا صة اذا استشعرالمواطن الخوف من الجيش الوطني واحتمال تحوله في اية لحظة الى وسيلة تستخدم ضده ، هكذا تصبح الميليشيا ضرورة حياتية بدلا من ان تكون شيئا غير شرعي في مثل هكذا بلد يصبح الحديث عن وجود سلطة امرا صعبا وليس فقط الحديث عن الامن ، ففي مناطق لاتعيش اوضاعا مضطربة وتعددا في الولاءات بالدرجه التي يعيشها العراق ،كايرلندا الشماليه التي تعيش انقساما بين الكاثوليك والبروتستانت ، يكون من الصعب تشكيل حكومة محلية تضمن ولاء جميع من يعيش فيها ، ويصبح من العسيرالتاْسيس لمفهوم صحيح للمواطنة لايمكن في ضوئه تبرير الخيانة للحكومة او انتهاك الامن وتصويره علي انه امر بطولي ، فنلحظ مدى صعوبه تجاوز قدسية الانتماء للميلشيا لصالح الانتماء للحكومة ، حيث نجد الانتماء لميلشيا الوحدويين البروتستانت مقدسا ، مثلما هو الحال بالنسبة للانتماء للجيش الجمهوري الايرلندي الذي يعتبر جيشا مقدسا للكاثوليك هناك ، وهكذا فان اية منطقة تعيش استقطابا طائفيا حادا، تكون عرضة لمختلف انواع الانقسامات ويصعب صهرها في بوتقة واحدة في ظل الظرف المتخلخل هذا تقوم بعض القوى السياسيه باستغلال بشع للوضع و تراهن على استحصال اكبر قدرممكن من المصالح ، وتكرس وجودها ولو عبر تهديد البلد كله بالانزلاق الى حرب طائفية تحرق الاخضر واليابس لكونها اعتادت ان تكون في راس السلطة ، ولانها تراهن على افشال العملية السياسية التي لاتحقق الا جزءا محدودا من امالها وطموحاتها ، فيما هي تطمح الى ماهو اكبر من ذلك ،حيث ارتات ان افشال العمليه السياسيه قد يتحقق من خلال الانضمام اليها وتخريبها من الداخل بعد فشل الرهان علي افشالها من الخارج بالعنف والتشكيك بالمشروعيه ومقاطعه العمليه الانتخابيه، وبالتالي تتركز جهود هذه القوى الطائفيه علي ايجاد غطاء رسمي ، وتقنين الاوضاع الشاذة في البلاد ، وقبولها كامر واقع الى اجل غير مسمى على امل ظهور نوع من الحل يحقق الجزء الاكبر من طموحاتها وتطلعاتها غير المشروعة ، وهذا ماتحقق بالفعل في اطار لعبة الديمقراطية التي تساهم الولايات المتحدة كاكبر لاعب في السيطرة على ايقاعاتها ، وجعلها تسير بالاتجاه الذي يخدم التوازن الطائفي بمعناه السلبي وليس الايجابي ، أي التوازن الذي يكرس التباعد بين مختلف الانتماءات العراقية ، وابقاء الهوة فيما بينها ، لضمان استمرار الحاجة الى الراعي الاميركي كقوة ترتكز عليها مختلف اطراف اللعبة السياسية ، وعدم انفراد الاغلبية الشيعية بالسلطة حتى ولو كانت تشكل اكثر من ستين بالمائه من الشعب العراقيعند معاينة الملف الامني في العراق بتفاصيله نراه مشتتا فوزارة العدل بعد ان وقعت بايدي جبهة التوافق وفق الية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية حيث نراها قد اطلقت سراح ارهابيين كبار وبوساطه من احد نواب رئيس الوزراء استغلالا منه للمنصب الذي تحول هو الاخر واجهه لخدمه الطائفه وليس لتامين مصالح الوطن والمواطنين وهكذا الامر بالنسبة للتغطية الاعلامية التي تعبر عن مصالح فئوية وطائفية اكثر مما تعبر عن رؤية وطنية صادقة وشريفة فنرى تعصبها يتجسد حتى في اختيار المفردة او المصطلح ناهيك عن المادة الاعلامية التي لاتخفي حتى رغبتها في تاجيج الصراع الطائفي ، والترويج لمفهوم الحرب الاهلية بمختلف الاساليبمن هنا قد يتم التوصل الى افكار جيدة لمعالجة الملف الامني بطريقة مناسبة وفاعلة ، ولكن الامر يصطدم بمشكلة ايجاد اليات تنفيذ سليمة يمكن التعويل عليها في وضع نهاية سريعة وفاعلة لمشكلة الامن التي باتت تؤرق الشارع العراقي وتستنزف الكثير من طاقات البلد وتهدد الانسان العراقي في وجوده من خلال تواصل حمامات الدم والنزيف المستمر للدم العراقي ورائحة الموت التي تفوح من اغلب مناطق العراق ، فمثلا عندما يدعو الرئيس جلال الطالباني الى عدم تركيز الخطة الامنية في المناطق السنية بالعاصمة مع علمه بان اغلب العمليات الارهابية تنطلق منها ودعوته الى تعميم الخطة لتشمل المناطق الاخرى من العاصمة انما يريد من ورائها الظهور بمظهر المحايد والذي ياْخذ بنظر الاعتبار مصلحة العراق ككل حتي ولو جاء موقفه لصالح تشتيت قوات الامن و اضعاف الخطة ، وهكذا بالنسبة لجبهة التوافق عندما يدعو رئيس مجلس النواب العراقي المشهداني القوات الاميركية الى استحصال موافقة الحكومة العراقية قبل الهجوم على اية منطقة ويقصد بها المناطق الغربية من العراق ، فيما تدعو اصوات اخرى من هذا الفريق الى عدم تسليم السجون العراقية للحكومة وابقائها بايدي القوات الاميركية لعدم ثقتها بالقائمين على راْس الحكومة وهم الشيعة بالطبع هذه الازدواجية والانتقائية في المواقف وتغليب مصلحة الطائفة والعرق على مصالح العراق كوطن للجميع ، وتغليب الانتماء القومي والطائفي على الانتماء الوطني ، من شاْنه شل اية الية تستهدف وضع حد للتدهور الامني في العراق اليوم والذي يستدعي خطوات عاجلة وفعالة واستثنائية لئلا تخرج الامور عن السيطرة وعند ذاك تكون القضية ابعد عن اللعب الذي يراد ان يتواصل بدرجات مختلفة حسب الحاجة ، وتكون العملية اقرب للحسم رغم ماْساويتها والبادي اظلم كما يقولون ، وللحؤول دو ن الوصول للفوضى العامة وتجنب الوقوع في المحظور من الاقتتال الطائفي ، من الواجب اعادة صياغة البلد بما يساهم في اعادة الاستقرار كاْن يفعل مشروع الفيدرالية الذي قد يوفر ارضية جيدة لاعادة صياغة الواقع العراقي بما يحصنه من الداخل ويحول دون مزيد من التدهور الخطيرلان اهم فوائد الفدراليه في هذا المجال هو ايجاد نوع من الفصل امام التداخل المناطقي الذي يشكل ثغره امنيه كبيره يستغلها ارهابيو الجماعات السنيه والبعثيه .اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha