المقالات

في العراق.. طفولة لا تعرف اللعب


( بقلم : بشرى الخزرجي )

الطفل هذا الكائن البريء يقف متحيراً بين شجار الكبار على تقسيم الحلوى التي هي ببساطة من حقه! وعندما أراد أن يطالب بالقليل من تلك الحلوى لم يحصل سوى على صندوق فارغ من الكارتون يضع فيه بضاعته كي يتجول بها بين المارة في الشوارع والأسواق أو قرب مراقد أهل البيت (ع) ومقامات الشخصيات الدينية..هذا المشهد الكئيب تعيشه الكثير من عواصم دول العالم العربي والإسلامي حيث يطلق على هؤلاء البؤساء أسم أولاد الشوارع! إلا أن المشهد في العراق البلد الغني بثرواته ونفطه وتاريخه وناسه يختلف طبعاً! لما مر عليه من ظلم وهدر للثروات التي كانت من المفترض أن يرفل بها عموم أهلة من الشمال الى الجنوب.. لكن! لا نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل فتلك حقبة سوداء مضت دون رجعة، ونحن ننتظر الفرج من رب الناس الذي ندعوه أن يبعد الوسواس الخناس من صدور القادة المسؤولين عن قوت الناس! بعد أن حصلت البلاد على وضع أمني نسبي بفضل التحالفات والصحوات والقوات العسكرية وو.. الواجب من منطلق الإخلاص للعراق وشعبة أصبح يحتم عليهم بذل قصارى الجهود من أجل استرداد الحقوق المشروعة لأبناء هذا البلد الجريح كافة، على الخصوص حقوق الطفل والمرأة الشريحتان اللتان سحقتهما حوادث البلد الدامية إن كان في زمن العهد البائد الذي خلف المئات بل الآلاف من المقابر الجماعية التي ضمت إضافة الى الشيب والشباب جمع كبير من النساء والأطفال العزل، أو خلال و بعد عام 2003 الى يومنا هذا حيث ماكنة الإرهاب اللعين تحصد أرواح الأبرياء مخلفة وراءها جحافل من اليتامى والأرامل.

لقد تحدثت التقارير بإسهاب عن وضع الطفل العراقي وما عاناه من سوء واقع معيشي مادي إنعكس على مجريات حياته اليومية سواء على المستوى العائلي من مسكن وغذاء ودواء ناهيك عن وضعه التعليمي الذي يشكو قلة الخدمات حيث المدارس التي تعاني الشيخوخة في جميع مرافقها الى معلمين ومدرسين يشكون التهميش وقلة الرواتب الغير المتوازنة مع متطلبات الحياة. فعلى سبيل المثال تحدثت الإحصائيات والتقارير في العام الماضي عن وضع الطفل العراقي على أنه واقع مأساوي ينذر بكارثة إنسانية حقيقية، إذ سلطت الضوء على معاناة مرعبة مريرة يعيشها فلذات الأكباد ومستقبل العراق القادم، فلم تكن دعوة منظمة اليونسف التي تعنى بالطفل والأمومة جعل عام 2008 عام الطفل العراقي عبثاً، وهي تشير الى أرقام مخيفة عن حالة الطفولة البائسة في العراق معلنة و جود خمسة ملايين يتيم!! الكثير منهم أو معظمهم تعرض لشتى أنواع الحرمان والضياع حيث بات من السهل اليوم التعرف على وجوه هؤلاء الأطفال المساكين وهم يملأون الأسواق والشوارع وإشارات المرور في العاصمة بغداد ومدن العراق الأخرى، أكثرهم يعمل بوظائف خطرة لا تليق بأطفال بعمر الزهور لأنهم وبسبب الحالة الاقتصادية لعوائلهم أو نتيجة لإجبارهم من قبل ذويهم أو لأنهم من الأيتام المشردين نراهم يضطرون لمثل تلك الأعمال الشاقة المهينة مثل العمل في جمع النفايات المعدنية كعلب المشروبات الغازية وغيرها وبيعها بالكيلوات .. الكيلو بسعر 750 دينارا، كما ذكر أحد الصبية في تقرير مصور على أحدى الفضائيات شارحاً وضعة العائلي التعبان معرباً عن رغبته في العودة الى المدرسة والدراسة أسوة بأقرانه وقد حمل بضاعتة الرديئة على كاهله الغض الضعيف والعناء باد على وجهه الملائكي!

كما تطرق تقرير الأمم المتحدة الى المستوى التعليمي الرث حين أفصح عن 220000 طفل لم يستطع ثلثاهم مواصلة تعليمهم خلال عام2007 فضلاً عن 760000 طفل لم يلتحقوا أصلاً بالمدارس وأضافت في تقريرها أن 30 بالمئة من الذين لم تتعد أعمارهم 17 سنة في العراق لم يتمكنوا من أداء امتحاناتهم المدرسية العام المنصرم نتيجة لتوجههم الى العمل وكسب المال الذي يعيلون به عوائلهم الفقيرة.

هذا هو حال نبراس العلم العراق اليوم يعاني ويستجير ولا من مجير فبعض من تصدوا لخدمته باتوا لا يبحثون سوى عن فرص ذاتية ولا يشعرون بمطالب ناسه المنهكة من شحة خدمات الى تنامي شبح البطالة بين طبقة الشباب المتعلم! فلو توقفنا قليلا أمام الرقم خمسة ملايين يتيم مرة أخرى لوجدناه يشكل أمة ودولة من الأيتام! لعلمنا هول مأساتنا ولدرسنا تاريخ وتجارب الأمم الأخرى كيف تعاملت مع هكذا كارثة اجتماعية تحتاج الى تظافر جهود وإعلان حالة طواريء للوقوف على أنجع السبل التي من شأنها التقليل من المآسي والضيم والحرمان والعوز الذي أصاب هذا الكم الهائل من البشر، خمسة ملايين ضحية صغار أيتام هم نساء ورجال المستقبل .. كيف يمكن أن نضمن لهم عيشاً كريماً يحميهم من أن يقعوا فريسة أفكار هدامة ترمي بهم في متاهات عصابات الجريمة المنظمة ودهاليز التعصب الأعمى الداعي الى فرض عقائده بقوة السلاح وبشاعة الطرق المتبعة في إرهاب الناس آخرها ما سمعناه عن أحداث البصرة والناصرية مدن الجنوب الطيب وأهله الذين تحاك ضدهم مؤامرة تلو أخرى من أجل بث الرعب والتفرقة بين أبنائه الكرام!..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سناء الصخني
2008-01-31
الاخت بشرى وضعتي مشرط الجراح على الم وجرح عميق قد يصعب علاجه كنت اعتقد من ان الارقام اقل بكثير ولكن ؟الطفولة وامل المستقبل الزاهر الى اين ؟من المسوؤل ؟هل هناك حقا من يتابع ؟عندما تنقلت بين اسطر المقالة تالمت كثيرا وتذكرت ايام مرت على طفولتنا وقد هجرنا من بلد لايعرف الوفاء خرجنا الى مجهول مخيف وكلنا امل في طوق نجاة انظر الان والحال هو الحال .كم هو الفارق بين طفولة الغرب وطفولة الشرق؟ وحتى الذين تخرجوا من دول الخارج واصبحوا وزراء وبرلمانين وكانهم لم يتعلموا شيء سوى الصعود ودع الخلق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك