المقالات

كربـَـلاء مدرسة الأحرار

1673 16:52:00 2008-01-21

( بقلم : مــحــمــد حــســيــن )

حفل التاريخ بالكثير من الثورات والنهضات الكبيره ، بيد أنّ ماحظي منها ماحظيت بها نهضة كربلاء ، والسائل عن عظمة عاشوراء وسيطرتها على قلوب وافكار الملايين وما هو ســر جاذبيتها ليس لدى الشيعة فحسب بل ولدى باقي المذاهب الاسلاميه و حتى اتباع الديانات الاخرى ؟ فجوابنا أولا: السّمه الأنسانيه العظمى . وثانيا:المظلوميه الحقـّه التي اتسمت بهما هذه الثوره والتي جعلتها قدوة لطلاب الحق وانصاره . فانظر ماكتبه المفكرأنطوان يارا عن الامام الحسين بن علي (عليهما السلام)،في كتابه الشهير (( الحسين في الفكر المسيحي))

1 - واقعة كربــلاء لم تكن موقعه عسكرية انتهت بانتصار وانكسار بل كانت رمزاً لموقف أسمى لا دخل لــهبالصراع بين القوة والضعف، بين العضلات والرماح بقدر ما كانت صراعاً بين الشك والإيمان بين الحق والظلم.2 - آثـر الحســين (عليه السلام) صلاح أمة جده الإنسانية الهادية بالحق العادلة به على حياته، فكان في عاشوراء رمزاً لضمير الأديان على مر العصور، إضافة لأقوال الدكتور بولص الحلو {{ الحالة الحسينية ليست مقتصرة على الشيعة فحسب، إنما هـلـّة عامة وشاملة ولهذا فإننا نجد أن ارتباط الثورة الحسينية بمبدأ مقارعة الظلم جعلها قريبة جداً من الإنسان (أيا كانت ديانته وعقيدته لأنه ما دام هناك ظالم و مظلوم فلا بد أنيكون هناك يزيد والحسين كرمزين أساسيين لكل من الجهتين }} .

وهكذا ساعات مضت على أرض كربــلاء لتسجّل للتاريخ ثروة حافلة بعاصفة من السيوف والسهام والرماح ، خلّفت وراءها تلك المسيرة من الدموع والجراح والألم ، فرحل سيد الشهداء (عليه السلام) بعد أن ارتدى الباطل قناع الإسلام وراح يشدّ وثاقه بحبال العصبية الأولى وفجعت كربلاء يوم إنتهت المعركة لتبتدئ مسيرة الطف من جديد وتدكّ هذه الأرض التي انتقلت إلى أرض الشام بعد أن تواصلت تلك الأنفاس بصبر النفوس التي لم تخذل . فكان لواقعة كربلاء أن تبقى في ذاكرة الآخرين وهي تشهد ذلك المصاب الذي بكته السماء يوم كان النموذج الأعلى للتفاني من أجل رفعة الأنسان وحمايته ، وراحت تلك الكلمات تحفر في الحياة نشيد الأمل وتوقف هزيمة المتخاذلين أمام ذلك المعنى الذي استوعب شهادة الرسل والأنبياء فكانت الرمال حاضرة في قصائد الفاجعة تسجل معها تلك المواقف ، وأولئك الرجال الذين عاهدوا الله فقدّموا أرواحهم فداء للثورة الحسينية فأرتبط ذلك اليوم بضمائر العالم أجمع وهزّ النفوس بعد أن ترك تلك البصمات المشرقة في صفحات التاريخ سبيلا للتحرر من العبودية والطغاة.

إنّ اكثر ما استأثر باهتمام الناس من ثورة الامام الحسين عليه السلام هو جانب القصة فيها بما اشتمل عليه من مظاهر البطولة النادرة و السمو الانساني المُعجز لدى الثائرين و قائدهم العظيم المتمثل في التضحية بكل عزيز من النفس و المال و الدِّعة في سبيل المبدأ و الصالح العام مع الضعف و القلة و اليأس من النصر العسكري ، و ما اشتمل عليه من مظاهر الجبن و الخسة و الانحطاط الانساني لدى السلطة الحاكمة و ممثليها الانذال في تنفيذ جريمتها الوحشية بملاحقة الثائرين و استئصالهم بصورة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، و ما اشتمل عليه من الامثلة الفريدة على الحبّ ، حبّ الثائرين لجلاديهم و اشفاقهم عليهم من السلطة الجائرة التي تستخدمهم و تغرر بهم و تدفعهم الى حرب القوى التي تريد لهم الخير و الصلاح ، و حبّ الثائرين بعضهم لبعض بحيث يدفع كلا منهم الى طلب الموت قبل صاحبه لكي لا يرى صاحبه مقتولا قبله ، يقابل ذلك ابشع مظاهر الحقد و البغضاء لدى الحاكمين و اعوانهم المتمثلة في حرمان الثائرين و اطفالهم من الماء وفي قتل النساء و الاطفال .

فمن الغبن أن لا نرى في قضية النهضه الحسينية الخالده إلا جانباً واحداً فقط ، وهو الجانب المأساوي الحزين - رغم قدسيته - دون أن ندع جانب الفكر والموقف والقدوة ينطلق ليشكل تفاعلاً منسجماً بين الفكر والعاطفة فهدف الإمام الحسين (عليه السلام) من واقعة كربلاء كان إصلاح هذه الأمة والعمل على تغيير الواقع السيئ إلى واقع الحق . وقد قال الامام الحسين (عليه السلام) انما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم) وعليه فان من الظلم العظيم والتصور الواهي ، أن نسبغ على القضية الحسينية ثوباً طائفياً أو إقليميا أو قوميا ، أو حتى مجرّد حدثاً تاريخياً جرى في حقبة من الزمن ثم تلاشى .

فالمنصف والمتمعـّن بموضوعية لا يرى في مسيرة الحسين (عليه السلام) إلى كر بلاء إلاّ قضية إنسانية أصيلة ، حيث جسّد فيها الإمام (عليه السلام) الإخلاص والحب والتفاني للرسالة الإلهية ، ورسم بدمه الشريف صورة مشرفة ونموذجاً رائعاً لأمتنا اليوم في صراعها مع الباطل. فالقضية الحسينية ستبقى خالدة ومستمرة مع استمرار أي انحراف في خط الرسالة والتي اختلط منهجها بمنهج جده محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي خاطب الأمة بأن (حسين مني وأنا من حسين) . وتجدر الأشارة هنا الى الأم التي علمتنا منذ طفولتنا أن نحب الحسين (ع) ذلك الحب الحزين الذي يخالطه الأعجاب والأكبار والشجن ، ويثير في النفس أسىً غامضا وحنينا خارقا للعدل والحرية والأخاء وأحلام الخــلاص ، فطوبى لكي أيتها الأم الحسينية .

نعـم قِـلـّة هم أولئك الذين يتسنّمون قمم الخلود والسّمو والعظمة وقلة هم أولئك الذين ينفصلون عن آخر الزمان والمكان ليكونوا ملكاً للحياة والإنسان ، أولئك القلة هم عظماء الحياة وأبطال الإنسانية ولذلك تبقى مسيرة الحياة ومسيرة الإنسان مشدودة الخطى نحوهم ، وما أروع الشموخ والسمو والعظمة إذا كان شموخاً وسمواً وعظمة صنعه إيمان بالله وصاغته عقيدة السماء.

من هنا كان الخلود حقيقة حية لرسالات السماء ولرسل السماء ورجالات المبدأ والعقيدة ، ففي دنيانا تاريخ مشرق نابض بالخلود وفي دنيانا قمم من رجال صنعوا العظمة في تاريخ الإنسانية وسكبوا النور في دروب البشرية .

وإذا كان للتاريخ أن يقف وقفة إجلال أمام أروع أمثولة للشموخ... وإذا كان للدنيا أن تكبر لأروع تضحية سجلها تاريخ الفداء... وإذا كان للإنسانية أن تنحني في خشوع أمام أروع أمثولة للبطولة... فشموخ الحسين وتضحية الحسين، وبطولة الحسين، أروع أمثلة شهدها تاريخ الشموخ والتضحيات والبطولات. وعا شو را ء النموذج التاريخي الخالد الذي آمـَنَ بانتصارالدم على السيف . وشعارنا الخالد يبقى مدوياً .. ياشهيدا لست كل الشهداء مانرى شخصك إلاّ أوحَــدا .

مــحــمــد حــســيــن

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
موقع شبكة العراق الجديد
2008-01-24
الأخ الفاضل أبو حسنين النجفي المحترم عزيزي زوروا موقعنا وكونوا أحد أعضائه وشاركونا في كتاباتكم لكي نقوم ينشرها في الموقع www.aliraqaljded.com فموقعنا مفتوحة أبوابه لكل الكتـّاب ولكل الآراء .. فأكرمونا بكتاباتكم وآرائكم نحن بأنتظاركم في الموقع أعلاه أخوكم / محمد حسين
ابو حسنين النجفي
2008-01-23
الكريمة ويريدون ان يطفؤا نور الله ويابى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون اذن النور نور الاسلام الحق وقتل الحسين ع كان مفهومه قتل الدين وابى الله تعالى الا ان يتم نوره اي ان نصر هذا الدين بمقتل الحسين بمعنى نصر الدم على السيف اي نصر المقتول على القاتل وومن هنا نسمع قول الحسين ع -ان لم يستقم دين محمد الا بقتلي فيا سيوف خذيني - واخيرا اطالبك يا اخي العزيز بمقال اخر عن استبدال كبش ابراهيم عليه السلام ومن كان البديل تكملة لما بدئتوفقك الله لما تحب وترضى وحشرك مع حبيب حبيب رب العالمين
ابو حسنين النجفي
2008-01-23
وبني العباس لم يتركوا لنا خبر او دليل لذكر ما وقع في طف كربلاء فقد قتلوا المحبين والتابعين والاحرار وابادوا الفكر ورجاله وحرقوا التاريخ وصحفه وصادروا الانفس وتاجروا بها وقطعوا الطرقات وعدوا الانفاس على شيعة محمد واله الطاهرين لماذا لانهم ارادوا طمس الحقيقة التي قام الحسين ع لاصلاحها ولولا -ان يد الله فوق ايديهم- فقد رزقنا الله بذرية محمد ص خلفا تباعا لا يخشون لومة لائم - فمن استمسك بالعروة الوثقى لانفصام لها -فلولاهم والحسين اولهم لما وصلنا ذكر رسالة النبي ص ومن هنا نبدء الكلام في سرد الاية تا-
ابو حسنين النجفي
2008-01-23
قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم لوكان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل ان تنفذ كلمات ربي صدق الله العلي العظيم اخي المؤمن الكاتب محمد حسين المحترم شكرك الله قبل ان اشكرك والمؤمنين على ما اوجزت في مقالك عن حبيب حبيب رب العالمين الا وهو الحسين ابن علي علما اننا لو كتبنا عن الحسين روحي له الفداء وعن عظمته وشموخه واصحابه في كربلاء الطف لكانت الاية المذكورة في الاعلى خير دليل لا كننا لمسنا بعض الجوانب وفي الحقيقة ما خفي علينا لهو اعظم لا تنسى اخي الكاتب ان بني امية وال مروان وبني تابع
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك