المقالات

الحرية، بين الدعوات المنفلتة والأخلاق القيمية

1446 2019-01-01

ضياء المحسن


لا يخفى على كل لبيب أنه بدون أخلاق وضوابط تحكم العلاقات بين أفراد المجتمع، يصبح المجتمع مثل الغابة تتحكم فيها الشهوات ومنطق القوة، بحيث تكون الغلبة للأقوى، وهو الأمر الذي انتبهت له الديانات السماوية كلها، كونها نزلت من سنخ واحد، وبالتالي فغن الباري عز وجل وهو العالم بشؤون عباده حدد ضوابط وقواعد تحكم بني البشر، بحيث لا يتجاوز أي فرد على حقوق الآخرين؛ مع إحتفاظه بحريته الشخصية ومعتقداته.
بملاحظة أن العراقيين بمختلف مشاربهم لا يختلفون في كثير عن بقية المجتمعات في العالم الذي يحيط بنا، لكن ما يميزهم أنهم يعتزون كثيرا بعادات وتقاليد تختلف عن الآخرين، وهذا الشيء المميز فيهم هو مشاركتهم لأبناء مجتمعهم (بغض النظر عن قوميته وديانته) في افراحهم وأتراحهم.
من هنا نجد أن أبناء الأديان الأخرى يشاركون في مناسبات دينية عديدة لدين أخرى، ويتبادلون التهاني والهدايا في هذه المناسبات، حتى ان هناك مناسبات دينية حزينة تجد أتباع الديانات الأخرى يشاركون في تلك المناسبات، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على عمق الروابط الإنسانية التي تربط فيما بينهم، بعيدا عن العُقد التي نجدها في مجتمعات أخرى، فتجد المسيحي يشارك إخوانه المسلمين في أعيادهم، كما يشارك في مناسبات دينية حزينة، قد يكون أبرزها مشاركتهم في واقعة الطف؛ وهي المناسبة التي إستُشهد فيها الإمام الحسين عليه السلام وأهله وأصحابه في محرم الحرام، كما يشارك المسلمين في أعياد أبناء الديانات الأخرى مناسباتهم، فتراهم يشاركون في مناسبات الصابئة المندائيين والأيزيديين وكذلك مناسبات الأخوى المسيحيين.
الملاحظ أن هناك هجمة منسقة يقوم بها من لديه أغراض دنيئة في محاولة لتقسيم البلاد على أسس دينية، بعد أن فشلت مخططاته الأخرى في تقسيم هذا البلد، نتيجة وقوف الشرفاء من أبناءه في وجه هذه المؤامرات، وتمثلت الهجمة هذه المرة باستغلال تصريحات من هنا وهناك، حول الإحتفالات في أعياد راس السنة الميلادية تحديدا، والتي حاول فيها أصحاب هذه الأغراض تأليب المسيحيين على إخوانهم المسلمين؛ خاصة مع ظهور تصريحات لبعض الشخصيات تستهجن بعض التصرفات الغريبة ليست في الدين الإسلامي فحسبح بل حتى أنها غريبة عن الدين المسيحي الذي يحتفل بمناسبة حلول رأس السنة الميلادية.
لاشك أننا نحترم الدين المسيحي، كما نحترم السيد المسيح وأمه مريم العذراء (عليهما السلام) كما نحترم بقية الأديان والأنبياءء، ونشارك في تلك الإحتفالات عندما تكون ضمن السياقات الصحيحة؛ التي جاء بها السيد المسيح عليه السلام، لكن عندما نجد أنها تتعارض مع ما اوصت به تعالم الدين المسيحي فإننا قطعا نستهجنها، كونها من البُدع التي تشوه الدين المسيحي، والتي قد تكون مقدمة لتشويه بقية الأديان.
من حق أي مواطن أن يحتفل ويمارس طقوسه بدون أي تدخل، سواء من قبل الأجهزة المختصة بحفظ الأمن، أو أي مواطن أخر طالما كانت في حدود الحريات المسموح بها، لأننا نعلم جميعا أن حدود حرية أي شخص، تنتهي عندما تتداخل مع حرية الشخص الأخر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك