المقالات

ماذا تعلمنا من الحسين(ع)


( بقلم : طالب الوحيلي )

ليس بقليل بحق مولانا سيد الشهداء (ع)ان يقول عنه المفكر الهندي المهاتما غاندي(تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر) فقد اكدد فلم وثائقي عن إحياء ذكرى واقعة الطف في الهند ،ان الحسين قد تحول الى تراث إنساني يعيش ذكراه المسلم وغيره من أتباع الديانات الاخرى،بل يتسابقون على الانغماس الروحي في هذا الفيض الرباني من الحب الحسيني،وليس غريبا على المفكر المسيحي جورج جرداق ان يستشرف روح الفداء لدى أنصار الحسين يوم الطف إذ يقارنهم بأصحاب يزيد الذين كانوا يطلبون المال مقابل الانصياع لأوامره ،في الوقت الذي فضل فيه الأنصار ان يقتلوا ويحرقوا ويفعل فيهم ذلك الف مرة على ان يتركوا إمامهم ،فكيف وهي قتلة واحدة حيث الرحيل معا الى الجنة في قدم صدق عند مليك مقتدر،هي ميتة واحدة وتسابق الى ناصية الخلود ،حيث توحدت الأرواح والأجناس فلا فرق بين جون مولا ابي ذر الغفاري وبين خيرة أصحاب الرسول(ص)والتابعين الذين امتزج عطر ودماء شهادتهم مع دم نسل سيد البشر ،قال له الإمام في لحظة عطف أبوي حين أراد إعفاءه من القتل (أنت حل من عهدنا يا جون ،إنما تبعتنا طلبا للعافية وأنت في اذن منا)فوقع على قدميه يقبلهما ويقول (أنا في الرخاء الحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم ،سيدي ان ريحي لنتن وحسبي للئيم ولوني فاسود فتنفس علي بالجنة،ليطيب ريحي ويشرف نسبي ،ويبيض لوني ،لا والله لن أترككم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم اهل البيت)وكان الوفاء وكان التوحد الروحي بين الإمامة والولاء حيث كان لجون ما أراد من الفوز بالشهادة ،حيث هرع له الحسين(ع) وكأن ركنا منه قد انهدام ليعانق جسده المقطع داعيا له (اللهم بيض لونه ،وطيب ريحه واحشره مع محمد وال محمد وعرف بينه وبين محمد وال محمد). ويتكرر الموقف كثير مع الشيوخ والشباب،هاهما الغفاريان يخرجان قائلين(السلام عليك ياابى عبد الله جئنا لنقتل بين يديك،وندافع عنك) فقال (مرحبا بكما )واستدناهما فدنوا منه وهما يبكيان فقال لهما (ما الذي يبكيكما يبني أخي،فوالله اني لأرجو ان تكونا بعد ساعة قريري عين)قالا (جعلنا الله فداك ما على أنفسنا نبكي وإنما نبكي عليك،نراك وقد احيط بك ولا نقدر ان ننفعك) وكذا الحال مع واضح التركي مولى الحرث المذحجي الذي استغاث بالحسين لحظة مصرعه فهب له الامام (ع)كما هب لابنه علي الأكبر او للقاسم ،وانكب عليه وهو يعانقه،فقال مفاخرا(من مثلي وابن رسول الله واضع خده فوق خدي)وفاضت روحه الطاهرة..ومشى الحسين الى اسلم مولاه واحتضنه وهو يجود بنفسه مفاخرا حتى النفس الأخير..اكثر من سبعين اسما صارت عناوين أسطورية تطرز وجه التاريخ الإنساني ،وكلها تبارت بنفحات بطولية فاقت حد الإعجاز الإنساني ،حتى وصل الحال بعابس اذ كان يصيح بلا.. بلا ان حب الحسين أجتني..

فاذا كان غاندي قد تعلم من مظلومة الحسين كيف يحقق النصر على اكبر إمبراطورية في العالم ،فحق لنا ان نستثمر هذه المظلومية في بناء الأسس التي استشهد من اجلها سيد الشهداء وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،عبر مصداق واحد هو الجهاد المستمر ضد الاستبداد ،واستثمار قيم الشهادة والإيثار التي نشرتها ثورة الحسين (ع)،دروس ودروس تقف أمامنا شاخصة ،فأتباع ابي سفيان مازالوا يستهدفون نسل رسول الله (ص)ومازالوا ينظرون لكل شيعي على انه خارج من حلبة الطف ،وما زال الطواغيت في الأرض يرتعبون من اسم الحسين ومرقده وزواره ومراثيه ،وكأن لطمنا صدورنا لطم لأنوفهم …

وماذا يعني لنا إقامة مواكب العزاء وهي تراثنا ومدرستنا الأبدية التي تخرج منها شعراءنا وفلاسفتنا وعلماءنا ؟ ،علمتنا كيف نحب بعضنا ساعة يستعر الخوف ،وكيف نمتلئ توثبا وثورة حين تهز لحظة يأس مناكبنا ،فنجد ان أعناقنا ليست غالية أمام سكاكين الشمر وأشباهه ،وإننا لسنا كمن دعا مسلما بن عقيل وخذله ،فسيوفنا مع الحسين وقلوبنا تهيم في حب الحسين ،ونحن أدرى برموزنا ومراجعنا وقادتنا ،ومازال الحسين يتمثل بكل إنسان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ،وبكل إنسان يحترم إنسانيته ومبادئه وقيمه الروحية التي تقربه من الله سبحانه ،وبكل عراقي يحب العراق وشعبه ويرفض الظلم والطغيان ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
البيضاني محمد
2008-01-19
بسمة تعالى اخي طالب عظم الله لكم الاجر وهداناواياكم لكل خير كان هدف للحسين ع من :m_albeehany@yahoo.com ان تراثنا الفكري والادبي والعقائدي والكلامي ثر غني ومع الوقت نحن بحاجة جدية الى 1_ الحفاظ على مراسم عاشوراء مع التجديد والابتكار والتنويع وادخال المتطور من التكنولوجيا 2- حث وتشجيع الفعاليات غير الكلاسيكية مثل المؤتمرات الفكرية والحوارية والرياضية والفنية الميدانية 3 -ايجاد فعاليات ذات ديمومة تخدم المجتمع ( على غرار الحسينيات ) تجعل بركات الحسين في المتناول على مدار السنة يتبع
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك