المقالات

المصالحة الوطنية في معيار التعدد الحزبي


( بقلم : مازن الياسري )

لعل التعددية الحزبية من ابرز سمات الديمقراطية الليبرالية المعاصرة .. خاصة وانها تضمن التلاقح الخلاق للافكار وعبر مؤسسات منظمة وبأهداف ورؤى محددة . قبل ثلاثة قرون قاطع فيلسوف فرنسا الكبير (فولتير) احد محدثيه قائلاً (قبل ان تناقشني حدد مصطلحاتك) .. لعل (فولتير) حذر من اللعب بالالفاض او كما يعبر سياسياً اليوم (بالمعاير المزدوجة) فطالب محدثه جهاراً بتحديد المصطلحات قبل النقاش .

المصالحة الوطنية بلا شك حددت مصطلحاتها وخاصة من خلال (الثوابت الوطنية) التي اعلنتها واعتبرتها اساساً لدخول النقاش للوصول لنتائج مرجوة , لاشك ان ضبابية ما .. تحيط ببعض مفاهيم المصالحة الوطنية وهذا بلا شك انعكاساً لواقع البلاد المرتبك والمتداخل التحديات .

المصالحة الوطنية رسمياً هي مشروع حكومي ولكن هدفه وتوجهه شعبي واجتماعي .. وعلى الرغم من التنوع في قنوات المشروع وتشعباته الا ان الجانب الاساس في العملية هو (سياسي) .. فالبعض يرى ان المشكل العراقي هو سياسي وليس امني وفق وجهة نظر لعلي اصنفها تنظيرياً كنظرية سياسية سوف اطلق عليها تسمية نظرية (ثقل الهرم) التي تؤكد ان قمة الهرم تستند بثقله على القاعدة (فلو قرئنا الواقع العراقي من خلال صراع بين كتل حزبية سياسية في اعلى الهرم فبلا شك فالقاعدة تتحمل تحركات هرمها فضلاً عن ثقله) لا يقف التداخل السياسي مع الية وروح مشروع المصالحة عند النقطة اعلاه بل قد نراه من منضار اخر ومن زاوية اخرى فالكيانات الحزبية بالبلاد تمثل اردة الشعب وفق الواقع البرلماني النيابي المعمول لدينا في البلاد .. بالتالي فبيان رؤية الاحزاب السياسية كلاً على حدة للعملية التصالحية بلا شك ستبسط المفاهيم وتضيق الفجوة الفكرية نحو تفهم المصالحة والوصول لتحقيق اهداف المشروع .

الكيانات الحزبية لم تعبر بوضوح من موقفها من مشروع المصالحة الا من خلال بعض التصريحات الصحفية الحدثية .. فلم نجد لغاية اليوم من يتحدث عن رؤية ستراتيجية مبرمجة للمساهمة بمشروع المصالحة او حتى رفضها . العراق التعددي مصاب بتخمة حزبية طبقية ان صح اللفظ .. فالاحزاب دينية وقومية وسياسية وفكرية واجتماعية , وفي اعمها (احزاب برامج ) لا (احزاب افكار) .. ولعل التباين بين هذه الاحزاب لا يلغي عدة قواسم مشتركة وخاصة من ناحية وجودها لمدة طويلة بخندق واحد في مواجهة دكتاتورية البعث المخلوع , و ايمان هذه الاحزاب بأعمها بالمساهمة بالعملية السياسية .

وعلى الرغم من وصف كثير من مفكري السياسة الاعلام ان التعدد السياسي يفرز الشقاق والافتراق بنسبة اعم وبوضوح اكثرعن نسب التقارب والاتفاق بينهما .. فأن الواقع السياسي العراقي الحالي مجبر على تقبل كل هذه التخمة الحزبية , مشروع المصالحة الوطنية اهم ستراتيجيات حكومة المالكي الحالية اعتبر مراراً وتكراراً ان المشكل في البلاد سياسي وليس امني او طائفي ..

اذن الحوار السياسي بين الاطراف السياسية العراقية هو اهم ضرورات انجاح العملية التصالحية بالبلاد , وهو اساسها الفكري كما تفترض الحكومة ذاتها .. ولكن رغم القناعات الحكومية بالدور السياسي للمصالحة الا ان التحرك في اطارها لايزال قاصراً , بل رغم وجود ثوابت وطنية مطروحة ومكتوبة الا ان الخلاف عليها ضاهراً والجهل بها واضح , والخلاف بين الاطياف السياسية يسير من سيء الى اسوء احياناً .. والسؤال المطروح هو ان الشعب يتفق كثيراً مع الحكومة بأن للواقع الحزبي دوره السلبي على اتمام عملية المصالحة . ولكن مالذي قدمته الحكومة لفك هذه العقدة او حلحلتها وخاصة وهي بتفاقم مستمر . ان دراسة المصالحة الوطنية وفق رؤية تعتمد على تأثير العوامل والمعاير الحزبية السائدة على الواقع العراقي تعطي النتيجة الاصوب فالمصالحة للشارع والكيان الحزبي من الشارع ويخاطب الشارع ويؤثر بالشارع .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك