المقالات

رحلة في حقول الصورة ... !!

1526 20:38:00 2008-01-08

( بقلم : منشد مطلق المنشداوي )

لا ينكر أحد أن الطاغية كان الحاكم الفعلي للعراق منذ عام ( 1974 ) أي قبل توليه السلطة مباشرة وعلنا بأربع سنوات عند انقلابه على أحمد حسن البكر ، ومنذ ذلك العام حكم الطاغية العراق بمزيد من الموت والدمار ، وأخذت أجهزته الأمنية والمخابراتية - بزعامة المقبور برزان التكريتي - تبث الرعب والخوف في نفوس العراقية كما قامت بتصفية جميع خصوم النظام . رغم الوجود الشكلي لأحمد حسن البكر، وكان تمرد الأكراد في شمال العراق قد بلغ ذروته بسبب دعم شاه إيران اللامحدود لهم ، لذلك إتخذ الطاغية خطوته المثيرة ، حيث سافر إلى الجزائر عام ( 1976 ) بعد نجاح وساطة الجزائر ، حيث قابل شاه إيران ووقّع معه اتفاقية الجزائر التي تنازل الطاغية بموجبها لشاه إيران عن السيادة على شط العرب ، وأوقف الشاه دعمه للثوار الأكراد ، وتوقفت كافة نشاطاتهم العسكرية ، وسلموا أسلحتهم ، خلال أيام قليلة ، بعد أن عجزت الحكومة العراقية عن هزيمتهم طوال ما يزيد على عشرين عاما . ومع انتهاء التمرد الكردي ، بدأت علاقات تعاون وتنسيق وثيقة بين الطاغية وشاه إيران في مختلف المجالات ، وانصاع الطاغية لكل مطالب الشاه ، بما فيها طرد الخميني من مقر إقامته في النجف ، حيث كان يقيم فيها منذ (14) عاما ، فأُخرج من العراق متوجها إلى فرنسا . وهكذا أقام الطاغية علاقات تعاون وثيقة في مختلف المجالات ، مع نظام شاه إيران الذي كانت كافة القوى الوطنية والتقدمية واليمينية الرجعية ، تعتبره (شرطي الخليج) ، وكان لا يخفي أطماعه في الكثير من مناطق الخليج ، واستمرت علاقات الطاغية الوثيقة مع شاه إيران ، والموصوفة بحسن الجوار ثلاثة أعوام كاملة من عام ( 1976 ) حتى عام( 1979 ) .

وفجأة في الشهور الأخيرة من عام ( 1979 ) تمكنت القوى الإسلامية الإيرانية من الإطاحة بنظام شاه إيران ، وهروب الشاه من عاصمة إلى عاصمة إلى أن وافق السادات على إقامته في القاهرة ، ووصلت طائرة الخميني إلى طهران ، معلنا قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية .

بدلاً من التعايش مع نظام الخميني الإسلامي ، وإقامة علاقات تعاون وتنسيق معه ، وجد الطاغية أن هذا النظام يهدد وجوده ، فبدأ بافتعال الخلافات معه ، وأتضح فيما بعد أن حادث الانفجار في جامعة المستنصرية ، ومحاولة اغتيال طارق عزيز في بغداد ، كانت حوادث مدبرة من المخابرات العراقية ، لإيجاد السبب والمبرر لقطع العلاقات وافتعال الخلافات مع نظام الخميني ، وهنا دخلت أمريكا والقوى الغريبة على خط النظام العراقي ، للانتقام من نظام الخميني الذي بدأ عهده باحتجاز رهائن السفارة الأمريكية في طهران ، والتهديد بتصدير الثورة الإسلامية لدول الخليج ، فأوعزت الإدارة الأمريكية للطاغية بتصعيد الخلاف مع الخميني ، واعدة إياه بالدعم المالي والعسكري ، فتقاطعت هذه الوعود الأمريكية والغربية مع طموحات الطاغية في الزعامة والتفرد في المنطقة ، فأعلن إلغاء اتفاقية الجزائر التي وقعها مع الشاه عام( 1976 ) ومن طرف واحد ، ومؤكدا أن لاحق لإيران في أي نوع من الملاحة في شط العرب . وهنا كانت بداية وقوع الطاغية في الفخ الأمريكي ، في الوقت الذي كانت أمريكا تبحث عن (نائب فاعل) يقوم بمحاربة النظام الإسلامي في إيران نيابة عنها ، كي لا تورط نفسها في(فيتنام) جديدة ، فوجدت ضالتها في الطاغية ، فأعلن في نهاية عام1979 الحرب على إيران ، معتقدا كما تكشف بعد ذلك - حسب نصائح الخبراء الأمريكيين ، وكبار ضباط المخابرات الإيرانية- السافاك - الذين هربوا إلى بغداد بعد هروب الشاه ، أن هذه الحرب لن تستمر أكثر من ثلاثة أسابيع ، لأن الجيش الإيراني مفكك وغير موال للخميني ، ويتذكر العراقيين الدعاية الحزبية التي كانت منتشرة في أوساط الشارع العراقي . وهكذا بدأت حرب المقبور الظالمة ضد نظام إيران ، وربما يتساءل البعض : كيف استطاع الطاغية التعايش مع شاه إيران - شرطي أمريكا في المنطقة- ووقّع معه اتفاقية الجزائر متنازلاً عن نصف شط العرب ، مقيما معه أحسن العلاقات وأوثقها ، وفجأة لا يستطيع التعايش مع نظام إسلامي ؟ .

على أثرها قام المقبور وجلاوزته بالقمع والفتك وزجوا بالآلاف في السجون والمعتقلات وزرعوا مملكة الخوف بعد أن شاهد العراقيون الإعدامات في الشوارع ، وأدى هذا السيل من الإعدامات والاعتقالات ؟ وجلب الطاغية المصائب والكوارث التي جرها على شعب العراق والأمة العربية ؟ . وبعد أيام قليلة ، وبدأ النظام وحاشيته الحرب ضد إيران وكان قد مهد لذلك بتعبئة إعلامية واسعة ، حول تهديدات إيران للأراضي العراقية ، ومحاولات تفجير واغتيال تقوم بها عناصر إيرانية داخل العراق ، كما تم ترحيل وإبعاد عشرات الآلاف من العراقيين إلى إيران ، بحجة أنهم ذوو أصول إيرانية ، وما رافق ذلك المشهد المروّع . حيث كانت سيارة الأمن ، تجبر العوائل بكاملها على الصعود فيها تحت تهديد السلاح ، لحملهم ورميهم على الحدود الإيرانية مثل آلاف سبقوهم .

وبعد اسبوعين من بدء الحرب ، أصبحت مدن العراق ، خط الدفاع الأول ، حيث كانت مسرحاً أساسياً لعمليات الحرب الأولى ، كما بدأ تقنين توزيع المحروقات وبعض المواد التموينية . أشاع الحزب ومخابراته أن الحرب لن تتعدى عدة أسابيع ، النصر خلالها حتماً مؤكد على ( الفُرس) الاسم الذي بدأ إعلام الطاغية إطلاقه على الجمهورية الإسلامية الإيرانية . أما في الأسبوع الرابع من الحرب ، أدرك العراقيون أنها ليست حرب أسابيع كما أشاع الحزب ومخبروه . كما بدأت أعداد القتلى والجرحى في ازدياد مستمر.. وفي بداية الشهر الثالث ، تراجعت المعارك داخل الحدود الإيرانية ، وأصبحت الحياة عادية . كان البيان العسكري ، الذي يذاع كل مساء ، يشكل هاجساً أخر لأنه يعني أعداد كبيرة من القتلى من الجانبين . وبدأ استعمال تسمية (( قادسية صدام )) يطغى على كل التسميات ، ثم سرعان ما أصبحت هذه - التي أشاع عنها إرهابي البعث - حرب سنوات.. وسنوات .. حرب طويلة الأمد ، بدأت المستشفيات تكتظ بالجرحى والمصابين ، والمقابر بالقتلى المعروفين والمجهولين . وفي ذلك الوقت ، أصبحت تهمة كل من لا يكون مسماراً في القادسية ، هي العمالة والتجسس لحساب الفرس . في نظر طغاة البعث . وطوال سنوات الحرب عاش الشعب العراقي عذابهم وموتهم اليومي على يد الطاغية ، وأجهزته البرزانية . لا أعتقد أن العصور العربية ، قديمها وحديثها ، شهد العديد من أمثاله .

أما مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمعاقين والمفقودين من أبناء الشعب العراقي ، فهم وقود لمعارك ظالمة غير مبررة عروبياً وإسلامياً وأخلاقياً ، ورغم ذلك ، فبدلاً من أن يعتبرها معارك من أجل العراق ، لتخفيف آثارها وخسائرها لدى المواطن العراقي ، جيرّها لنفسه ، تلك النفس الطاغية والمريضة ، فإذا مئات الآلاف من الضحايا ، وقود لقادسية الطاغية .. من يُصدق ذلك ؟ . أو من يستطيع تفسيره متذكرين أن (( القادسية )) الأولى في تاريخ العرب ، لم تنسب مطلقاً لقائدها سعد بن أبي وقاص ، ولكن أين كل هذا من مؤهلات ومآثر الديكتاتور؟ .ومن إمارات المرض النفسي الذي يعانيه هذا الدكتاتور بوضع صوره وتماثيله ومنحوتاته وجدارياته في مختلف أنحاء العراق ، قرىً ومدناً ، على الرغم من أنها لا تشرف أبناء حضارة الرافدين.. ولا أعتقد أن هناك (( قائداً )) أو (( طاغية )) أو (( ديكتاتوراً )) فرض صوره وتماثيله بهذه الكثافة ، كما فعل طاغية العراق .ولكي يعود العراق لمكانته الطبيعية وسط محيطه العربي ، عراق الحضارة والثقافة ، الذي قيل عن عمقه الثقافي في الستينيات : (( تكتب القاهرة ، لتطبع بيروت ، فتقرأ بغداد )) .. تلك صورة بغداد الحقيقية التي غطت عليها بغداد قطع الأيدي والآذان واللسان وغيرها من فنون القتل التي كان يتلذذ بها هذا المجرم . ويتذكر أبناء العراق ، والمتتبع لمسار الثقافة العربية أن يلحظ مسألة واحدة ، حظيت بالرعاية والإستقطاب من غالبية المثقفين العرب ، في مختلف الأقطار العربية ، دون إستثناء وهي مسألة الإلتفاف حول (الحاكم) ، بشكل أوجد زمرة واضحة المعالم ، سخرت كافة إمكاناتها الثقافية ، لخدمة ذلك الحاكم ، حتى ولو إستحق صفة (الديكتاتور) ، إستناداً لممارسته ضد شعبه وجيرانه ، ولم يلتف المثقفون والكتاب والصحفيون العرب ، على (حاكم) كما إلتفوا حول( الطاغية ) ، لأنهم كانوا يدركون أكياس الدولارات ، لتوزيع ( الرشاوى ) و( الخرجيات ) لشراء الذمم والأرواح والعقول ، كما هي في حالة المجرم ( الطاغية ) . وهنا ، في حالة الدكتاتور كان الإلتفاف حوله من الكتاب والمثقفين العرب ، مريباً ويدعو للشك في معقولية انتمائهم ، ونصاعة تفكيرهم.. وذلك لأن هذا( الحاكم ) ، لم يترك( موبقة ) ، إلا وارتكبها بحق الشعب العراقي ويكفي إيراد ما يلي : -

1- طوال فترة حكمه التي قاربت ثلاثين عاماً أرتكب بحق الشعب العراقي ، من القتل والتعذيب والإعدام والاغتيال والسجن ، ما لا أعتقد أن حاكماً أرتكبه بحق شعبه في السنوات المائة الأخيرة .. وقد نتج عن ذلك تشريد وفرار نسبة كبيرة من العراقيين لمختلف أنحاء العالم ، ومن ضمنهم عشرات الآلاف من الخبرات العلمية والأدبية والثقافية والأكاديمية ، وضمن شهوة القتل هذه قتل العشرات من أقرب الناس إليه ، ممن عملوا معه وله في كافة الظروف.. ولا أتصور أن هناك ( كائناً حياً ) مهما كانت صفته ، أن يُقدم على قتل كل هؤلاء الناس .

2- في التعامل مع الجيران في سورية وإيران ، وأخيراً الكويت .هل يستسيغ العقل والمنطق والأخلاق ، الإلتفاف حول هكذا ( مجرم ).. ومع ذلك التف حوله ، وما زال العشرات من الكتاب والمثقفين وبعض القنوات الفضائية التي ما زالت تتباكى على هذا المجرم ، ومنهم من ألف كتاباً حول فكر ( صدام حسين ) تصوروا!.. ومنهم من ينعته ( بالشيخ .. والمجاهد .. والشهيد ) .. تخيلوا ..! . وقد نسوا أو تناسوا بأن الطاغية كان يشن حرباً بالأساس على الشعب العراقي طوال ثلاثين عاماً ، سمتها القتل والإبادة والتشريد والنفي ، فمنذ العام ( 1969 ) وحتى العام ( 1980 ) ، أدخل هذا الطاغية الشعب العراقي في موجات متلاحقة من الانقلابات وحملات السجن والمطاردة والاغتيال ، طالت العشرات من رموز النظام نفسه ، ومن أقرب أصدقائه ! وكي يتفرغ لمطاردة منتقديه في الداخل لتصفية خصومه السياسيين ، عرباً وأكراداً . من عام ( 1980 ) وحتى عام ( 1988 ) ، شن حرباً مدمرة لا مبرر لها ، ضد الجارة إيران ، التي استمرت ثماني سنوات ، أحرقت ودمرت البلدين وقتلت مئات الآلاف ، حرب لا دخل للشعب العراقي ، ولا مصلحة فيها ! والكل يعرف ما دمرت وأحرقت .

وبدلاً من أن يتفرغ لإعمار ما خربته حربه ضد إيران ، زجّ الجيش والشعب العراقي في عمل لا وطني ولا أخلاقي ، فارضاً علي الجميع عرباً وعراقيين . حرباً جديدة ، عبر إحتلاله الكويت عام ( 1990 ) ، وكانت حربه الشخصية ، واستمر في عناده ، فلم يسمع التهديدات الغربية ، ولم يستجب للنداءات العربية بسحب جيشه من الكويت ، فزجّ الجيش العراقي في حرب جديدة ، خرج خلالها من الكويت بدون معركة واحدة ، وبشكل مُذّل لا يليق بكرامة الإنسان العراقي ، ولا بالجيش العراقي البطل . ليبدأ حصار قاسٍ ما زال الشعب العراقي يعاني منه حتى اليوم ! .وخلال هذا الحصار ، مارس النظام الفساد والقمع والاغتيال ، فمن حملات همجية ضد الشعب الكردي ، إلى ضرب حلبجة بالسلاح الكيماوي ، إلى قمع إنتفاضة الجنوب بوحشية متناهية ، فنتج عن هذه السياسات والحروب ، فرار وهجرة العديد من العراقيين إلى كل أنحاء العالم ، بما فيها أعماق المحيطات والبحار ، وفي الوقت ذاته يبني العديد من القصور الباذخة التي اسمها قصور الشعب !! في حين كان يوزع المكارم على الشعب العراقي المساعدات الغذائية ومنها مكرمة الدجاج !! وفي نفس الوقت ، يوزع رشاويه بالملايين ، في الخارج لمرتزقة يطبلون له ، ويصورون حروبه الإجرامية هذه ، بطولات وإنتصارات لا مثيل لها في تاريخ العرب والمسلمين. كل هذه السياسات وهذه الحروب ، وما صاحبها من إدعاءات فارغة عن إمتلاكه أسلحة وهمية ، التي سرعان ما دمرت بعد الاستسلام المذل الذي وقع في خيمة صفوان ليحافظ هذا الطاغية على كرسيه وهي يشاهد إنسحاب الجيش العراقي بدون وقف إطلاق النار . ثم سرعان ما عاد إلى عنجهيته من خلال طرد المفتشين الدوليين عام 1998 ، والتهويل بجيش (( القدس )) ، بملايينه الستة ، الذين وزعهم على المحافظات العراقية لضبط الأمن وقمع المعارضين . كل هذه الادعاءات ، أوصلت العراق . هنا من المهم الانتباه إلى نقطتين في سلوك هذا النظام :

الأولى : هي العنجهية العالية التي كان يتعامل بها مع خصومه السياسيين ومع كل دول العالم ، والآن تنقلب هذه العنجهية إلى ذل كامل واستجداء رخيص ، فيوافق للمفتشين على دخول أي مكان في العراق بما فيه قصوره الرئاسية ( أسف قصور الشعب !!! ) ، ليبقى فقط في السلطة ، مُسّخراً العراق وشعبه وثروته لمصالحه ونزواته القمعية .

الثانية : هي إتخاذه كل قراراته الخطيرة منفرداً ، وعندما يقع في الكارثة ، يُطالب العراقيين بدعمه والوقوف معه ! . فهل إستشار العراقيين في حربه ضد إيران ؟ . هل استشارها في احتلاله الكويت ؟ إنه الطاغية الغريب ، الفريد من نوعه ، يتخذ قراراته منفرداً ، ثم بعد الورطة والكارثة يطلب من الشعب العراقي تحمل نتائج هذه القرارات التدميرية . إنها سيكولوجية الديكتاتور في كل زمان ومكان، فهو البطل والعبقري والمنقذ والملهم والمؤمن والمجاهد ومئات الآلاف من الشعب العراقي ، قتلى وجرحى ومعاقين ومفقودين ، لا بد أن يُقادوا كل عشر سنوات في (( قادسية جديدة لصدام ! )) أو (( أم المعارك جديدة ! )) أو ( حواسم جديدة ! )) هل هناك غرور وافتراء أكثر من هذا ؟ .

أما هذا الديكتاتور ونظامه وعصابته ، فلا أسف على زوالهما وسقوطهما ، فكان ما أرتكبه طوال ثلاثين عاماً من حكمه المليء بالإدعاءات و البطولات والانتصارات الوهمية ! . ومن حق العراقيين ، بعد كل هذه المآسي ، أن ينعموا براحة يعمرون وطنهم الزاخر بالخيرات والثروات . لماذا العراقيون وحدهم في هذا الوضع من بين كل الدول النفطية الغنية في المنطقة ؟ . إنها مسؤولية هذا النظام ولا راحة للعراقيين ، فهو المسؤول عن كل ما سبق.. ولا أسف على سقوط الصنم وموت الدكتاتور . فيكفيه ما جرّه عليه هذا الديكتاتور ونظامه ! . ويندر وجود بيت عراقي ، لم تلحق به خسارة ما ، من نظام المقبور ، طوال الثلاثين عاماً الماضية ، سواء في حملات القمع والتصفيات الداخلية ، أو الحروب التي شنها على جيرانه في إيران والكويت ..

إن غالبية الشعب العراقي ، يكرهون النظام ورجاله وأساليبه ، وما حال دون انتفاضتهم بسرعة وعلنية شمولية ، هو الذكريات المرة التي يحملونها عن انتفاضتهم عام 1991 .. وأغلب أبناء الشعب العراقي يريدون فقط التخلص من النظام ، ولا يهمهم من يُنجز هذه المهمة ، أمريكا أم بريطانيا ، أو أي شخص آخر.. النظرة المحتقرة التي ينظرها الشعب العراقي لرجال النظام خاصة من يطلق عليهم ( فدائيي صدام ) فالشعب يعتبرهم من حثالة المجتمع ، لأنهم مقابل بعض الإمتيازات لا يتورعون عن قتل إخوانهم وآبائهم ، إن طلب منهم مجرمو النظام ذلك ، ففي عام 1991 ، عاثوا فساداً وقتلاً في مدينة النجف ، وقمعوا بالرصاص إحتجاج أهلها على قتل النظام آية الله العظمى الإمام محمد صادق الصدر وإبنيه ، وفي عام 1998 ، قتلوا المئات في مدينة كربلاء ، رداً على محاولة إغتيال ( عزة إبراهيم ) أحد مجرمي النظام.. وفي مئات الحالات ، قتل النظام عائلات بكاملها من عوائل رجال المعارضة في الداخل والخارج .. وكل هذه الحقائق ، وكل هذه الحقائق يعرف غالبية سكان المدن العراقية ، خاصة النجف وكربلاء والبصرة .

الحقيقة التي ما عادت سراً ، هي بذاءة قيادة النظام ، عبر هذه الشتائم التي يترفع عن إطلاقها أسوأ البشر ، ولما أصبحت هذه البذاءات دائمة ومستمرة على ألسنة رموز النظام المجرم مثل بوق النظام الصحاف والمجرم عزت إبراهيم فهذا يعني أنها سمة من سمات النظام .وعلى الرغم من إسقاط نظام الطاغية ، إلا أن الشعب العراقي قالها علناً : لا .. لأي حكم أجنبي ، والشعب وحده القادر على إختيار حكومته ونظامه القادم ... فالجميع يعرف أن العراقيين بتاريخهم العريق ، ونضالهم العظيم ، لن يقبلوا حكماً أجنبياً مهما كان شكله .

الحقيقة الساطعة ، عبر السؤال المركزي : لماذا انفرط جيش النظام وفدائيوه بهذه السرعة الضوئية ؟ ولماذا لم يواجه الشعب العراقي جيوش التحالف.. ؟ نعم ، لأن جيش النظام لم يكن يحفظ تماسكه سوى الخوف والقمع والموت.. والشعب العراقي ، لم يكن متوقعاً أن يدافع عن الطاغية الظالم .. فما إن هبت رياح الحرية ، حتى انفرط عقد الجيش النظامي ، وخرج الشعب علناً ، يرحب بجيوش التحالف ، ويهدم تماثيل الطاغية ، ويضربون صوره بالأحذية .. وفعلاً (( وما للظالمين من أنصار)) .

أن ما حدث في العراق ، وفي بغداد تحديداً ، أثناء ما سمّاه الأمريكان حرب ( حرية العراق ) وأطلق عليه العراقيون وغالبية العرب ( الغزو الأمريكي ) ، فهذا السقوط السريع لبغداد دون أية مقاومة على الإطلاق ، لا يؤشر إلا لفقدان الصلة والثقة بين الشعب العراقي ونظامه السابق ، بحيث حصل إتفاق غير مكتوب ولا مدروس بين الشعب العراقي والجيش العراقي وكافة التنظيمات الحزبية ، إن ذلك النظام المنهار لا يستحق الدفاع عنه ، لذلك فتحت الطرق والأبواب والحواجز أمام القوات الأمريكية لتدخل كافة أنحاء بغداد برداً وسلاماً ، خلال أقل من يومين..والدليل على ذلك ، الإختفاء السريع والتلاشي الضوئي ، لكافة أجهزة النظام السابق بما فيها الأجهزة المدنية السلمية ، التي ليست مطلوبة للقوات الأمريكية ، كالدفاع المدني والشرطة والإسعاف وطواقم المستشفيات.. وكأن الجميع كانوا ينتظرون لحظة سقوط النظام ، وهروب رئيسه وقادته ، ليعود كل مواطن مهما كان موقعه إلى قريته أو عشيرته أو منزله .. وهذا يعني حجم الضغط والخوف الذي يجمع صفوف العراقيين ، وما إن زال ذلك الخوف وأدواته ، حتى إنفرط العقد البشري والاجتماعي تعبيراً عن عدم الأسف على ما كان ، وهذا ما يفسر خروج مئات من العراقيين ، يرحبون بالقوات الأمريكية ، وكذلك يفسر حالة السلب والنهب التي عمت المدن العراقية, ولم تستثن حتى المستشفيات ، إن المئات الذين شاركوا في عمليات السلب والنهب لا يمثلون غالبية الملايين العراقية ، ولكنها مئات قليلة ، تعبر عن حالة النقمة التي كانت سائدة ، والخوف المريع الذي كان يختزن في النفوس . وإذا كل ما سمعناه عن الكيماوي وصواريخ ( الحسين ) وتدمير ثلثي إسرائيل ، وتحويل مياه الخليج لبحيرة من دماء الغزاة ، مجرد أكاذيب أطلقها حاكم متسلط ، يغامر بدماء شعبه ، وخراب وطنه ، لشهوات شخصية .

لقد ساهم الإعلام الرسمي العراقي ، في هذا الإحباط ، لأن من كان يشاهد المؤتمر اليومي لوزير إعلام النظام السابق الصحاف ، أعتقد أن دخول بغداد مستحيل ، وأن القوات الأمريكية سوف تتكبد عشرات الآلاف من القتلى على أبواب بغداد ، وليس داخلها .. وفجأة يختفي الصحاف وكافة قيادات النظام السياسية والعسكرية ، وإذا ( العلوج ) يسرحون ويمرحون ويدخنون السجائر باطمئنان في كافة شوارع بغداد .. ويحطمون بشكل مذل كافة تماثيل الرئيس السابق وصوره ومنحوتاته ! . وللأسف في الحالة العراقية الراهنة ، ساهمت غالبية الفضائيات العربية بقدر هائل في هذا التشويه والمبالغة والكذب لنصل إلى حالة الإحباط هذه . الآن بدأ العراقيون حتى الحزبيون منهم وأنصار النظام السابق يستذكرون حياة الشعب العراقي طوال السنوات الثلاثين الماضية .. التي لا سمة لها إلا الموت والقتل والحرب ...

وقبل أسابيع من سقوط الديكتاتور صدام حسين ، ونهايته التي يستحقها ، لو كتبنا أو تحدثنا عن كل ما تكشف بعد سقوطه ونقلته كافة الفضائيات بما فيها التي تخصصت في التطبيل له ، فلا تصدقوا سوى ما عشناه نحن في العراق ، وعرفنا كل هذه القصص المرعبة التي خلفها الديكتاتور ، وفرضها على عموم الشعب العراقي ، طوال ثلاثة عقود من حكمه المظلم . إنها قصص يعجز عن تخيلها كتاب سيناريوهات أفلام الرعب ، وهؤلاء الكتاب بدون شك سوف يستفيدون من أفكار هذا الطاغية وولديه الأكثر طغياناً ، لخلق أفلام رعب أشد رعباً مما عرفه المشاهد ... فتخيل أخي القارئ :-

- عشرات السجون السرية ، تحت المباني الحكومية ، وعشرات الأقبية والأنفاق ، لتوزيع آلاف المعتقلين ، حيث كانت تصفيتهم تتم على وجبات حسب شهوة الدم لدى الطاغية وحزبه الفاشي وولديه وجلاديهم . - آلاف الجثث التي تم إكتشاف بقاياها العظمية في مختلف المدن العراقية ، وبعضها لأسر عراقية بكاملها . وكم كان محزناً ومبكياً ، منظر آلاف الآباء والأمهات ، وهم يركضون من سجن إلى قبو إلى نفق ، بحثاً عن أولادهم وذويهم ، الذين غيّبهم الطاغية ، ولا أحد يعرف مصيرهم ، إلا أنه في الغالب الموت... الموت لا غير . وفي مقابل كل ذلك التوحش ، كان الديكتاتور وعائلته ، ينفقون نسبة عالية من موارد الشعب العراقي من أجل ملذاتهم الفاحشة .. فمن قصور الطاغية( أسف قصور الشعب !! ) ،إلى قصور ولديه ، كانت دهشة العراقيين ، حيث الذهب والفضة يُستعملان في الأبواب والمراحيض .. أما الملاذ الجنسي للديكتاتور فحدّث ولا حرج ، فهو يرفع كلمتي (الله أكبر) على العلم العراقي ، وفي غرف نومه الباذخة يرفع صور الساقطات العاريات ، ولبعضهن تماثيل عارية من الفضة وله شخصياً صور معهن ، خاصة عشيقته اليونانية التي كان يحتجزها في أحد القصور ، وهربت .. وفي أحد قصور الطاغية ( عدي )، حديقة حيوان ، وبرك سباحة صناعية .. تخيلوا أن يبيع المواطن البسيط أثاث منزله أو أحد أبواب البيت لقوت أطفال ، وهذا الجاهل ، يعيش في كل هذا البذخ والثراء .. في الوقت الذي كان فيه راتب الموظف حوالي أقل من عشرة دولارات ، إن ما تكشّف بعد سقوط الديكتاتور ، يثبت عدة حقائق :كان الطاغية يتلذذ بموت العراقيين وتعذيبهم ، وفي الوقت ذاته يبذر مليارات من ثرواتهم ومواردهم على قصوره وملذاته ومرتزقته .. وكأن البرنامج الدولي المسمى ( النفط مقابل الغذاء ) ، كان يُطبق فعلاً حسب شعار ( النفط مقابل القصور) عند الطاغية ، و( النفط مقابل الغناء ) عند ولده ، حيث ثبت أنه دفع مليون دولار لمغنية ، قبل حرب إسقاط الصنم بشهور ، لإحياء حفلة غنائية في أحد قصوره .

الآن ، وبعد أن سقط الطاغية من حقه أن نسأل ونحاسب كل الذين طبلوا ( للقائد المجاهد ) ، بعد أن ثبت لهم أنه كان ديكتاتوراً طاغية فاسداً ظالما .. وأنا متأكد من أن هؤلاء المطبلين المرتزقة ، كانوا يعرفون كل هذه الصفات والأفعال عن ( مُعلمهم ) لكن مصلحة الدولارات وكوبونات النفط ، أعمت بصرهم وبصيرتهم ، ومن عنده ذرة إيمان منهم سوف يخجل الآن وإلى الأبد من نفسه وسلوكه ، لكن أغلبهم – من البعثيين الطغاة - يفتقد هذا ، لذلك سيكون همهم البحث عن ( صنم ) جديد ، يصفقون له ، يعوضهم ما افتقدوه ، وما سبق أن نهبوه من ثروة الشعب العراقي . وفي مقابل ذلك ، الكتيبة الشجاعة من العراقيين التي خرجت للشوارع بعد سقوط الصنم ، بعد سقوط الديكتاتور ، شخصاً وتماثيلاً .. وهي تُضرب صوره وتماثيله بأحذية الشعب العراقي المقهور .. وكان المشهد سيصل إلى أقصى تجلياته ، لو أمسك بالطاغية حيا .. فتنتقل الأحذية من رأس تمثاله إلى رأسه شخصياً.. وهذا هو مصير كل الطغاة الظالمين .

إن الديكتاتور البائد ، وجرائمه بحق الشعب العراقي ، ويكفي الإشارة إلى بعض الأحداث المركزية في مسيرة الديكتاتور : -

1- قصف حلبجة : -

كان هذا العمل الوحشي عام( 1988 ) بحق الشعب الكردي ، مما لا يمكن السكوت عليه ، ولم تحرك جميع الدول ، ساكناً ، إستمرأ النظام غواية جرائمه ، فصعّد في عام( 1988 ) حملته المجرمة ضد الشعب الكردي ، طاولت حتى القرآن الكريم والدين الإسلامي ، عندما أخذ إسم سورة (( الأنفال )) ليسمي مجموعة جرائمه هذه بإسم (( حملة الأنفال )) - وتعني كلمة الأنفال الغنائم - وهي السورة الثامنة في القرآن الكريم ، وكان جملة قتلى وضحايا تلك الحملة ، لا تقل عن مائة وثمانين ألفاً من العراقيين ، أكراداً وعرباً ، لكن أغلبيتهم المطلقة من الأكراد . وكان من أشرف وقاد تلك الحملة الجبانة ، الطاغية المجرم (( علي الكيماوي )) ، وعندما سأل عن تلك الجرائم من قبل العراقيين ، فقال : (( والله يكذبون في حجم الخسائر... يقولون مائة وثمانين ألف قتيل.. والله يكذبون.. والله القتلى لا يزيدون عن مائة ألف قتيل! )) سكت العالم أجمع عن هذه الجرائم ، فتمادى المجرم في جرائمه .

2- إحتلال الكويت : -

عندما أقدم الديكتاتور في آب عام ( 1990 ) ، على غزو دولة الكويت وإحتلالها ، ولكن الديكتاتور لا يستمع لنداءات الإنسحاب من الكويت ، إلى أن جاءت أيضاً قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لطرد الفاشي وحرسه الجمهوري من الكويت ، وتحريرها من فلوله ومجرميه . وعلى الرغم من أنه صرح بأنه لن ينسحب من الكويت .. ولكن عندما شعر الطاغية بأن نهايته قد أوشكت وأحس بحجم الخطر .. وبصوته !! .. وهو يقر بالهزيمة ، التي سرعان ما تحولت إلى إنتصار .. وهذا الانتصار هو جريمة أخرى تضاف لجرائم هذا النظام عندما قمع و بوحشية الانتفاضة الشعبانية وهدم أضرحة آل بيت الرسول ، والتي كانت بقيادة الشرطي المجرم ( حسين كامل ) .

3- الأزمة الأخيرة : -

وفي هذه الانتفاضة أصبحت المواقف متذبذبة وضبابية ، وخصوصاً الموقف السعودي ، وفعلاً موالياً ومناصراً ومؤيداً للطاغية الديكتاتور ،حتى تم قمع الانتفاضة بالقوة المفرطة . وعندما قررت الولايات المتحدة في زمن الرئيس جورج بوش ضرب العراق ، وعقد اجتماع الجامعة العربية ، أعلن فيها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مبادرته ، الداعية إلى تنحي الديكتاتور ، لكنه رفض أيضاً . وكيف يُعقل أن يتنازل بطل التحرير القومي المجاهد البطل وغيرها من الألفاظ الرنانة لهذا الدكتاتور والطاغية لهذا الفاشي !.وعندما دخلت القوات الأمريكية العراق . فر بطل التحرير كالغزال !! .. ومع فراره بدأت صرعة جديدة في الإعلام العربي ، إسمها رسائل من ( الطاغية ) ، وذلك على غرار صرعة إرهاب القاعدة وزعيمها بن لادن ( والتي كانت تنفرد بهذه الرسائل و الأشرطة قناة الجزيرة ) . حتى أنني وصلتني رسالة من المجاهد الغزال !! .. أجد نفسي مضطراً أن أذكرها حرفياً ومن يشكك سأرسل له صورة عنها بخط يده ، فجميع أبناء العراق يعرفون خطه ما عدا خطه السياسي والأخلاقي - فيعرفه الشيطان - ، فهو غير معروف إلا بالإجرام والقتل .. وإليكم نص الرسالة :

السيد / منشد مطلق المنشداوي

اكتب إليك من الحفرة السرية ، لتعرف أنني ما زلت أقاتل الأمريكان ، و أتابع كل ما كتبته - وكان أخره إرهاب البعث بزعامة الدوري - الشامتة فيّ وولديّ وعائلتي . أنت تحديداً كان ينبغي أن أبيدكم جميعاً ، لأنك صعّدت هجومك وانتقاداتك في جرائد ومواقع مختلفة ... فلتعلم أنت وأمثالك في كل هذه الصحف والمواقع أنني لم أنهزم .... كما تدعون ... لقد آثرت الانسحاب المبرمج ، لتدخل كل القوات الأمريكية العراق ، ثم أبدأ حملة المقاومة لإبادتها ، لأنني لو لم أهرب ، وقتلت فقط المئات الأوائل الذين دخلوا بغداد ، لتوقف العلوج عن دخول بغداد ... وهربوا منسحبين ... ولكنهم الآن بعشرات الآلاف في ( مستنقع صدام القذر ) ، وسترى أنت وأمثالك من عملاء الإمبريالية والرجعية والصهيونية والعولمة . أما تشهيركم بما أطلقتم عليه جرائم وقتل وإسراف وتبذير من طرفي وولدي وعائلتي ، فهذه أمور يستعصي فهمها على الجهلة أمثالك ، ويعرفها فقط مريدي وأنصاري ، لذلك سأشرح بعضها لك ، علك توزع ذلك على الذين فرحوا بما أسموه سقوطي وانهياري :إن كل ما ظهر على شاشات التلفزيون من سجون ومقابر جماعية صحيح مائة بالمائة ، نعم أنا ورجالي قمنا بها... لماذا ؟ . ماذا كنت سأفعل عندما وجدت جميع الشعب العراقي يكرهني جداً على الرغم من مكارمي الكثير مثل الحصة التموينية والدجاج .. حتى إنني أعدمت أصحاب محلات البقلاوة حفاظاً على سعر السكر في السوق .. أما أعياد ميلادي وعربة الذهب التي ركبتها في إحدى أعياد الميلاد فتلك كانت هدية من أنصاري البعثيين في عيد ميلاد !! . القصور الباذخة والحدائق الغناء وبرك السباحة الصناعية ، وسبائك الذهب والمصاعد الذهبية في قصوري الرئاسية ، سمعت تشهيركم بذلك ، ولكن أقسم لك بشرفي أنني كنت أخطط لجعل كل العراق قصوراً ، لأسكّن فيها فقراء العراق ولكن قوات التحالف داهمتني قبل إتمام بناء القصر الثاني عشر .. أما الترف والبذخ ألم تقرأ أيها الجاهل قول الله تعالى في سورة الضحى الآية (11 ) ( وأما بنعمة ربك فحدث ) .سمعت سخريتكم وضحككم من وزير إعلامي السيد محمد خياط اللحاف ( أسف محمد سعيد الصحاف ) .. فأنتم لا تؤمنون بالرأي والرأي الآخر مثل ( قناة الجزيرة ) ؟؟ . كان الغرض منها إمتاعكم ورسم الفرح في زمن الحرب .

صدام حسين الرئيس المنتخب للشعب العراقي ( نسبة الأصوات 100 % 100 ) من مخبئه السري رغم أنفك وأنف الأمريكان ..

اعتقد أن الغالبية العظمى من الشعوب ، لاسيما العربية ، قد أصيبت بإحباط ودهشة ، لهذا الانهيار السريع لنظام الطاغية ، ومنها المؤسسة العسكرية التي كان الطاغية ، يفتخر أنها تضم :- الجيش العراقي- الحرس الجمهوري- جيش القدسوإذا هذه التشكيلات المتعددة ، والتي تعد ما يزيد على سبعة ملايين ، تتبخر في لحظات ، أو تماماً كما يقول المثل العربي ( فص ملح وذاب ) – والسبب في هذا ليس عدم شجاعة من رجالنا الأبطال ولكنهم ملوا الحروب المستمرة لهذا الفاشي .. ما حصل قد حصل .. وها هم ( علوج ) أمريكا يسيطرون على كافة أنحاء العراق ، فيما عدا مدينة البصرة حيث يسيطر عليها ( علوج ) المملكة المتحدة أو بريطانيا العظمى .... فأين ذهبت أكاذيب وأوهام محمد خياط اللحاف ، وزير إعلام الطاغية ، الذي وعد بمئات الآلاف من القتلى من هذه العلوج على أسوار بغداد وليس في داخلها ، وإذا هذا ( الصحاف ) مع من ( ذابوا ) ، لأنهم اعتمدوا الأكاذيب ، وكانت الجسور مقطوعة نهائياً بينهم وبين الشعب العراقي ، بدليل تحطيم تماثيل الصنم ونزع الصور واحراقها وضربها بالأحذية ! . ألم يكن الشعب العراقي يستحق أن تخرج الشعوب العربية للتنديد بجرائم البعث الفاشية بقيادة الطاغية ، ولكنها وللأسف ناصرت الديكتاتور العراقي البائد ، دون أن تتكلم بكلمة واحدة عن القمع الذي يمارس ضد الشعب العراقي طوال أربعة وثلاثين عاماً ، أليس من حقنا أن نسأل لماذا ناصرتم وطبلتم وصفقتم للديكتاتور على حساب الشعب العراقي . ألم يكن هذا الشعب يستحق الحياة..... ؟؟ .فماذا سيتبادر لأذهان الشارع العربي ، خاصة بعد أن تبخر محمد خياط اللحاف وطاغيته ، إرحمونا من هذا الحب المشبوه لديكتاتور العراق الدموي القاتل صدام حسين ... إرحمونا من هذا الغزل اللاعذري المفضوح لشخص صدام الذي قاد شعبه إلى كل هذه الكوارث !... فهل نتعظ ؟ . فهذا غيض من فيض من جرائم الطاغية ، وأجهزته القمعية المتمثلة بالمخابرات ورجال الصنم أو عبدته .. رجال البعث الفاشي .وفي الختام أقول كان الطاغية رمزاً وبطلاً ، ومجاهداً إسلامياً ، وعبد الله المؤمن ، لكن أسقطه - بلا أسف - العلوج الأمريكان ، فأنكشفت حياة ومسيرة ذلك الرمز ، التي لم يجد العراقيون وسيلة للتعبير عن دمويتها وجرائمها سوى الأحذية !.. فهل هذه الرمز المصطنع .. يساوي شيئاً ؟؟ .. وبعد أن أعدم الطاغية قبل سنة تقريباً ، ليضع الله النهاية لهذا الجلاد المجرم .. ولكن بقيت أساليب ، أزلام هذا النظام وأجهزته القمعية تستبيح الدم العراقي ، فالمتتبع للأحداث يمكن أن يرى ثقافة البعث الصدامي المبنية على الحقد والكراهية والتعصب ، فهم يقومون بشن هجمات انتحارية أو زرع عبوات ناسفة في شوارع العراق ، ليمارسوا شهوة القتل بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة التي لا تطال إلا العراقيين . يراهن أزلام الصنم وعلى نحو ما بين إرهابهم في مختلف مدن العراق ، تراهن على المشاهد الاستعراضية للقتل الجماعي بغاية إلحاق أكثر ما يمكن من الأذى بالخصم آلا وهو الشعب العراقي - وهذا ليس بغريب عن أفكار الصنم ( والفكر الفاشي البعثي ) المبنية على القتل والتدمير والمقابر الجماعية - ، فهم لا يفرقون في ضحاياهم ، لأنهم أدمنوا القتل والمجازر والمقابر ، فكلما وجد أزلام الصنم الفرصة للتسلل إلا وضربوا بشراسة و عشوائية ودموية بالغتين . وبذلك يتجه أزلام البعث البائد إلى عدم التفريق بين عالم السياسة وعالم الجريمة المنظمة ، بحيث لا تنفصل عندهم الأهداف والمطالب السياسية عن (( أساليب إجرامية )) تتوخى القتل وإهراق الدماء . فلا يترددوا في استخدام كل الوسائل المتاح لتدمير العراق وشعبه !! ، كما أن أعمالهم الدموية . من قتل الأبرياء قد كشفت البعد العنصري الهمجي في تفكيرهم والخداع والانفصال حيث يدعي أزلام الصنم أنهم يقاتلون المحتلين بينما تطال هجماتهم الشعب العراقي . جاءت جميع الهجمات البعثية الإرهابية لتؤكد أن سياسات الصداميين تصب في اتجاه واحد وهو تدمير الإنسان العراقي وزرع الخوف في النفوس لإعادة العراق إلى عصور البعث المظلمة . في ظل قطع الأعناق والموت الجماعي وقطع الإذن وغيرها من الجرائم التي كانت سمة بارزة في مسيرة أزلام الصنم من البعثيين وعلى مدى تاريخ هذا الحزب في العراق ، والتي أدخلت العراق في دوامة الحروب والصراعات تارةً باسم الأمة العربية وتارةً أخرى باسم الدفاع عن شرف العراق ... !!! ، وهم من أول من استباح شرف ودماء هذا البلد ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك