المقالات

المصـالحــة : ان يصـالـح الـوطــن اهـلـــه ...


( بقلم : حسن حاتـم المـذكـور )

بعـد التغييـر الذي حـدث احـتـلاً فـي 09 / نيسـان / 2003 ’ كُـسـر عنـق زجـاجـة الأزمتة البعثيـة ’ وفُتحت امـام العراق ثغـرة نُفـذت منهـا الى السلطـة كبـدائـل للنظام السابق قـوى كانت معارضـة ’ وكنـا نطلق عليهـا انذاك ـــ الوطنيـة والديـموقراطيـة ـــ ’ وكان هـذا ملـزمـاً ان يحـدث حيث لا تـوجد فـي حينـه بـدائل اخـرى فـي اليـد ’ وكـان مـن بيـن الخطوات المنتظـرة والملحـة ’ هـي ان يبـادر الـوطـن لمصالحـة اهلــه مـن ضحـايـا النظام البعثـي السابق .

لقـد تـرك النظام البعثـي ــ والمفـروض ان يكـون مقبـوراً ـــ ’ فـواجــعاً تاريخيـة وكوارثاً مـدمـرة لا يمكـن علاج اثـارهـا وتضميـد جراحهـا الا عبـر الصبـر والجـد والجـراءة الأستثنائيـة ونكـران الـذات مـن اجـل العـراق وحــده . تـرك النظام العروبي العنصري ـــ غيـر المقبور مـع الأسف ـــ دمـاراً هائلاً فـي الأنسان والبيئـة والجغرافيـة والأقتصـاد والثـروات والتـراث والمتبقـي هـويـة مـن الثقافـة والحضـارة والتراكمـات المعرفيـة .

تـرك ملايين الشهـداء حـروبـاً وتصفيات جسـديـة وفكريـة وسياسيـة داخـل اوكار التعذيب ’ اكثـر مـن عشـرة الآف شهيـد مـن الكـرد الفيليين وتهجيـر المتبقـي بشاعـة غيـر مسبوقـة ’ اباد مـدينـة حلبجـة بأهلهـا ’ انفـل وعـرب ومـذهب وشـوه التركيبـة السكانيـة لمـدن كـردستانيـة ومدن فـي وسـط العـراق وجنـوبـه ’ فتـح تربـة العـراق مقابـراً جماعيـة لأهلـه ’ دمـر البيئـة التاريخيـة البريئـة قـي الجنوب العراقي اهـواراً ومكونـات هيـي اقـدم مـن العـراق ذاتــه ’ وفـي مسرحيات مشبوهــة ارتكب مجـازر الخطف والتغييب وبصمت همجـي دمـر الكثيـر مـن المـدن العـراقيـة فـي مجـازر المـدن . ’ جعـل العـراق ملجـاء للأيتـام والأرامـل والثكالـى والعـوانس والعجـزة والمعوقين جسدياً ومعنـويـاً ’ مسيجـاً بالفقـر والجهـل والـرذيلـة ’ دمـر الحقيقـة العـراقيـة ومـزق الهـويـة الوطنيـة التاريخيـة المشتركـة لمـكـوناتـه الأجتماعيـة عبــر تهجيـر واجتثـاث اكثـر مـن اربعـة ملايين عـراقيـة وعـراقـي ’ بينهـم خيـرة بناتـه وابنـاءه ’ واستـورد اكثـر مـن ذلك العـدد حثالات مـن المخـابرات ومافيات الرذيلـة ومحترفي الأجـرار وتجـار المخـدرات مـن دول الجـوار العروبـي والأسلامـي مسخـاً للتركيبـة السكانيـة التاريخيـة للمجتمـع العـراقي .

هـذا هـو البعـث العـروبي العنصـري والطائفـي ’ كـان ولا يـزال وسيبقـى فـكراً وعقيـدة وثقافـة وسلوكيـة وممـارسات ’ ولـم يبـق امـام العـراق خيـاراً ’ فأمـا ان يصبـح مشافِ معـافـى مـن اعـراض واصابات الطاعـون البعثـي ’ او ان يبقـى مصـاباً بـه بشكـل وآخـر ’ امـا ان يخطـو نحـو مستقبلـه كشعب يملك وطـن الثـروات والتاريـخ والحضـارة والتـراكم المعـرفي وجماليـة التكويـن الأجتماعـي ’ او ان يبقـى يـراوح خـراباً تتبـادل بؤس مصيـره ثقافات العنف والكـراهيـة والثآرات والممارسات المـدمـرة طائفيـاً وعنصـرياً بواجهـات ممـوهـة خادعـة ’ امـا ان يتقـدم نحـو الأفضـل ... ثـم الأفضـل ’ او يبقـى ردحـاً ساذجـاً فـي حالاتـه الأسـواء ’ انهـا عقـدة واشكاليـة الـوطـن ’ فـأمـا مصالحـاً اهلــه وحاضـره ومستقبلـه ’ او متصالحـاً مـع قــدره البعثـي عروبيــاً ... ؟

تلك الأسئلـة تقف الآن متحـديـة للـواقـع وعيـاً وارادة فتيـة وتـراكمات تجربـة مـريـرة ’ تبحـث فـي كيـان مـؤسسات الدولـة والسلطـة واجهزتهـا الحكـوميـة وخارجهـا عـن روائح للكـرامـة ونـوبات للشـرف الوطنـي ويقضـة للضميـر الأنساني وقيـم تحـاول الشفـاء جـادة مـن اوبئـة الخـراب البعثـي ’ ان القـوى الخيـرة متـوفـرة هنـا وهنـاك فـي مـؤسسات الـدولـة ومـراكـز السلطـة واجنحـة الأحـزاب ’ وانهـا كثيـرة فـي كيـان المجتمـع بطوائفـه وقـومياتـه واعراقـه ومعتقداتـه ’ انهـا الآن فـي صلب الحـراك اليـومـي ’ تنهض مـن عمـق المآساة وبـرك الـدم وتفاقـم الأزمـة وتفاصيـل المأزق ’ انهـا الخيرين المخلصين داخـل وخارج السلطـة مـدعـومـة ببـدائل المستقبـل ’ انهـا الـوطـن يصالـح اهلـــه .

كالعـادة نختتـم حسرتنـا واشلاء خيبـة الأمل والأحباط سـؤالاً للمخلصين لـوطنهـم وشعبهـم . ايـة جـدوى فـي البحث بيـن مـزابل العـواصـم العـروبيـة وداخـل اوكار الخطف والأغتصاب والذبـح علـى الهـويـة ’ وورشات تجهيـز المفخخـات وتصنيـع العبـوات والأحزمـة الناسفـة وبيوتات استئجـار وايـواء وتأهيـل البهـائم الأنتحاريــة ’او البحـث سـذاجـة عـن بقـايا مـن مجـرمي النظـام البعث البغيـض عـن قتلـة لـم تتلطـخ ايـديهـم بـدمـاء الشعـب العـراقي ’ وان لـم تتـوفـر تتعـمدون صـب المـاء على ايـديهـم لتـبـدوا خـداعـاً علـى انهـا نظيفـة واصحـابهـا يستحقـون الأعتـذار والمـكرمـة والتعويضـات السخيـة تحـت خيمـة اسمـال المصالحـة الوطنيــة .

ومـاذا عـن ضمـائرهـم وقلوبهـم المعطوبـة ونـواياهـم الشريـرة وممـارساتهـم وسلوكياتهـم المنقوعـة بالـدم العـراقي المستباح يـومياً فـي مجازر الأنتقام والفتنـة والتآمـر الطائفـي العنصـري خلـف واجهـات بعثيـة متعـددة مصبـوغـة تضليلاً بالأدعات الكاذبـة لخلفيـات لا شـرف لهـا ’ وتتجـاهل بنفس الوقـت وتتـرك اضابيـر الضحـايا مغبـرة مكسورة الخاطـر علـى رفـوف ازمنـة القمـع البعثــي ’ ذكـريات بلـون الحـزن والأسـى ’ تلـوث ذاكـرة العراقيين وتستفـز الضميــر الوطنـي .

لمـاذا كـل هـذا العبث وعلى امتداد اربعـة اعـوام كلفت العـراق اكثـر مـن ثلاثـة ارباع المليـون شهيـداً وملايين الأرامـل والأيتام والمفقودين والمعوقين ’ فـي وقت يحتـاج الوطـن فيـه الـى ان يصالـح اهلـه مـن ضحـايـا زمـر ذلك النظـام البعثـي الكـريـه ’ هنـاك الملايين مـن بنات وابنـاء المقـابـر الجماعيـة والملايين المهجـرة والمهاجـرة انفلـة واجتثتاث ’ بينهـم الآلاف مـن الخيريـن المخلصيـن الكفؤيـن محبـي شعبهـم ووطنهـم يمكـن مصالحتـهـم وفتـح ابـواب الوطـن امـامهـم ومنهـم مـن هــم داخــل العـراق ليتحملـوا مسؤوليتهـم علاجـاً لجـروح الفساد واورام الرذيلـة والفـوضى المليشياتيـة بضمـادات الوعـي والمعـرفـة والثقافـة والقيـم الوطنيـة .

ايهـا الآخـوة الأفاضـل ’ مـن داخـل السلطـة وخارجهـا ’ سـاعـدوا الـوطن ووفـروا لـه فرصـة التصالـح مــع اهلــه اولاً ... بعـدهـا تفتـح ابـوابـه لكـل مـن يعتـرف بخطايـاه نادمـاً تجـاه ذاتـه ووطنـه وبجـراءة ونقـاء يخلـع ثـوب ماضيــه ويغتسـل وطنيــة امـام رحمـة اهلـه وشعبــه ’ فسعـة صـدر المجتـع العـراقي واسعــة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حسنين النجفي
2008-01-08
نريد التوضيح لا اكثر في كل بلدان العالم عندما يصتصرخ الشعب ظلما نجد المسؤلين وكل مجالس الرئاسة ونوابهم يظهرون ويكشفون عن سبب مصادر الظلم التي صدرت لهذا الشعب وكيفية معالجاتها الا في بلادنا الحبيب بلاد النهرين نجد معالجة الظلم بالظلم نفسة وبالقمع وعدم اللامبالات والاصرار على والتشبث بعدم المسؤلية وكان الحكام جاؤا من قبل الله منزلين بترخيصه لهم حكم رقاب الناس و قتلهم وتشريدهم وقمعهم وليس العكس كما قال تعالى = كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته = اي مسؤل امام الله عن هذه الرعية ان اصابها الم او خوف او جوع او ظلم فايكم منها بريء امام الله جل جلاله ايها السادة الرئساء من مكتب الرئاسه ومكتب رئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب ونوابكم في كل المكاتب وارباب اقلامكم والمتحدثين عنكم نريد التوضيح منكم جميعا السبب الحقيقي لرئيس الجمهوريه من عدم التوقيع على اعدام قتلت الاكراد اولا ومجرمين العراق ثاني -1 2-ماذا يقول لنا طارق الهاشمي على اصراره بتفكيك الحكومة المنتخبه ومصالحته لقوى الشر والدمار وعدم مصالحته مع الحكومة المنتخبه 3-ما هو رد رئيس البرلمان محمود الهاشمي بعرقلة القرارات وعدم رفع الحصانة عن المجرمين التي ثبتت ادانتهم وعدم اقراره منع النواب من مزاولة اعمالهم وطردهم من البرلمان وخصوصا وهم لم يشاركون اخوانهم في البرلمان وهم خارج العراق ولم يلتحقون ولو لجلسة واحدة وبعد اعترافهم برفع السلاح بوجه الحكومة واعترافهم بانهم من القاعده 4-ما هو رد السيد رئيس الوزراء ونوابه على عدم التصدي بجدية للمجرمين القابعين تحت مضلة البرلمان وهم مجرمين بالدليل القاطع وباعترافات المجرميهم واعترافات الشهود الابرياء ايضا الا يحق لنا نحن الشعب العراقي ان نعلم بحقيقة الامر ونحن من انتخبكم بالدم الطاهر دم العراقي الشؤيف نريد الايضاح فقط فهل فيكم من يوضح لنا حقيقة الامر يا اصحاب الامر فدمائنا غالية وانتم من جعلها رخيصة دمائنا عربية او كردية او مسيحية او ايزيدية او تركمانية او صابئة مسلمة سيعية او سنية هي دماء العراقيين نريد التوضيح قبل فوات الاوان للصبر حدود يارئساء وفوات الاوان معنها قدومكم على الرحمن بغير عذر من دم الابرياء الذين يقتلون ويقطعون في كل يوم وتساهلكم مع المجرمين الذين تسمونهم مشتبه به
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك