المقالات

رسالة الى من علمني حرفاً


الى من كانوا لنا اباءاً قبل ان يكونوا استاذة .الى من كنا لهم ابناء قبل ان نكون طلبة .الى من اغدقوا علينا بالعطاء .الى من لم ينتظروا منا جزاء.الى الشموع المحترقة .الى استاذتي .

ها هو القلم يستعد لتسطير كلماته بحق من لم يبخلوا عليه بعلمهم ها هو يستجمع قوته ليكتب ويقول ..، بالله عليك يا قلمي لماذا الان !! لماذا بعد فوات الاوان !! لماذا الان وانت متأكد من انهم لن يسمعوك !! ، هل الوفاء من يقودك الى توجيه الكلام اليهم ام انها المواساة لمقلتي التي تخشى ان تطفأ بصرها تلك الدموع التي ابت الا ان تنهمر من عيوني انهاراً .لماذا يطاردني الحزن اينما حللت وهل هو من يقصدني أم انا التي افتش دائما عما يثير الحزن والشجون وهل الهروب من التفكير بالوطن والاهل والشعب والدين هو الحل لراحتي وكيف ذلك ؟!! واي انسان نجح في ذلك ! وان نجح هل حافظ ذلك الانسان على أنسا نيته !!

كانت ليلة الامس قاسية جدا ً علي بعد ان تسلمت من زميلة لي رسالة موجهة الى جميع الطلبة الذين جمعتنا بهم فترة زمنية امدها اربع سنوات مع استاذة وهبوا لنا ما يعرفون من اجل ان يوصلونا الى بر النجاح والتخرج وليقدمونا مشاريع يافعة لوطن جريح وكان مضمون الرسالة اخبار استاذتنا الذين لا زلت اتذكر انهم تقدموا في الصف الاول لصورة تخرجي التي تركتها في بغداد على حائط ما في منزلي والتي كانت اخر ما تأملته هناك وهم نخبة من الافاضل الذين يفتخر رحم الوطن بانه انجب هكذا ثلة عاشقة للعلم والتعليم رغم كل الصعوبات لقد اخبرتنا زميلتنا بأسماء الاساتذة المغتالين وأسماء من نجا من الاغتيال بصعوبة ومن اختطفوا ابنه وطلبوا منه دفاتر الاموال ومن تم تهجيره من منزله ومن همه وغمه قد مات ومن سافر بعيداً مجبراً ليصبح استاذاً في بلدان طالما ذلتنا .

قرأت الرسالة في ذهول كبير فهي مجموعة من الاخبار الحزينة دفعة واحدة وبالاسماء لقد ارادت تلك الزميلة ان نذكرهم بالفاتحة غير انني لا استطيع ان اتقبل الامر بسهولة اغلقت الرسالة وجلست امام الكمبيوتر لدقائق محاولة استحضار سورة الفاتحة على شفتي غير انني لم استطع فغصة الخبر خنقتني ولانفجر في ثورة بين اهلي ولاطرح سؤالاً لا امل طرحه لماذا كل هذا لماذا ؟؟؟؟؟؟ حاولت لملمة افكاري لاتذكر توجهات هؤلاء الاستاذة فلم اتذكرشيء صدر عنهم ينم عن توجه فكري أو عقائدي فلقد درسنا في زمن الصمت بالاضافة الى كونهم اهل علم وحكمة فهم بعيدون عن هكذا امور وان كان بينهم من كان بعثياً مقيتاً في توجهاته غير ان عددهم مقارنة بمن كان هدفه ايصال العلم للطلبة قليل وحتى هذه الثلة البعثية ليس لاحد حق في ان يحرمها حق الحياة فلقد خرج الطلبة بعد السقوط في مظاهرات في الجامعة ضد كل من اعتقدنا انه لا يصلح للمنصب لكنه ملوث أو انه قد اساء للعلم اما اذا كان توجهه لم يؤثر على مسار التعليم فلا حق لاي شخص بأن يسلبه حق الحياة ولنا في رسول الله أسوة حسنة الم يطلب من المشركين ان يعلم كل منهم 10 مسلمين لقاء اطلاق سراحه ولم يخشى الرسول عقيدة المقابل بل وجه تركيزه على اهمية العلم اولاً .

لقد جفا النوم عيناي بعد سماع هذه الاخبار وتذكرت كل موقف وكل قول لهؤلاء الاساتذة رحمهم الله واكثر من المتني قصته هو استاذي الفاضل الذي التمس منه العذر لاني لا استطيع حتى ذكر اسمه ذلك الانسان الذي تجاوز الستين من العمر ، هزيل البنية ببذلة لم اره غيرها خلال الفترة التي درسني فيها !! فهو انسان بسيط جدا وفقير الحال حد انه قدوة في التفاني والزهد في دنيا لا تهمه فيها الا ارقامه ومادته العلمية التي يحبها ، كان قلبي يبكي حاله فقد كنت اراه كيف انه يبقى واقفاً ولا يصعد سيارات النقل حينما يلمح احد طلبته فيها خشية ان يدفع الطالب عنه ويقع في الاحراج وهو لا يستطيع ان يستقل سيارات الاجرة ( التكسي ) فهي باهضة الثمن لاستاذ جامعي !!!!! كنت حينها اتألم جدا من تعمد الدولة المجرمة حينها في اهانة المثقفين فلقد كان بمقدورهم تخصيص الباصات للاستاذة وابعادهم عن هكذا مواقف صعبة ، كنت دائما اتظاهر بأني لا ارى الاستاذ حتى لا احرجه وانا اراه يتأرجح في سيارة النقل ولايرضى ان يقف الطلبة ليجلس هو .

لقد رايته ذات يوم كم هو سعيد ببدلة جديدة قد وزعت للاستاذة حصرا وفرحت من قلبي لاجله وتمنيت لحكومة الطاغية ان ينسيها الله حرب هذه الثلة فهي طيبة ومسالمة ، كان يدخل الى قاعة الدرس ليكتب ويكتب ويظل يسعل من طباشير السبورة التي اندثرت في رياض اطفال الدول الاخرى واستبدلت باقلام الماجيك !! يشرح ويبين رغم كبر سنه ويعيد الامتحانات ويوبخنا على التقصير بأدبية فلم اسمع صوته ذات يوم عالياً هذا الاستاذ الفاضل كان مثالاً للصبر فلقد كنا نتذمر من كونه لا يغضب ابداً مهما صدر منا ، هذا القلب الكبير قد تجرأ عليه شخص ما ليجبره على ترك منزله ويهجره الى مكان ما وليثور هذا القلب ثورة هادئة كما اعتاد وليعبر عن رفضة لهذا الواقع المؤلم بأن يقف وليعلن سكتة قلبية تأخذ هذا الفاضل الى دار اخرى تقدر انسانيته التي سحقتها قسوة بلدنا علينا .

استاذي الفاضل رحمك الله واعذرني على هذه الحروف غير المترابطة فدموعي انهمرت مدراراً فأنا اكاد اسمع صوتك واتذكر تذكريك لي لكل نقطة مهمة وتأنيك في سماع استفساري وأجوبتك الواضحة وشيبتك الوقرة ، استاذي الفاضل انا مثلك مهجرة الا ان قلبي لا يتوقف ولا اعلم لهذا تفسيراً هل لقسوة منه أم لانه فتي لازال لديه ما يدونه في بلده ربما اختار قلبك التوقف بعد ان اعطى كل ما عنده ولم يبخل لقد توقف بعد ان ادرك تماماً انه ينبض في قلوبنا الفتية فلك مني الف تحية يا استاذي العزيز ولن انساك ايتها الشمعة التي رأيتها امام عيني تنصهر في صمت ولم استطع فعل شيء لقد تسائلت في مقالة سابقة عن الرجوع الى بغداد الا انه وبعد هذه الاخبار لمن نعود وهل اتخيل انني سأدخل الى الجامعة فلا اجدكم هناك باسمي الثغور بوجوه جعدتها ازمات زمن صعب مر عليكم أم هل سارجع لبيتي لاتأمل صورة التخرج وقد بات فيها عدد الاحياء اقل من الموتى فحتى طلبتكم يا استاذي قد ذبح منهم من ذبح وشُرد منهم من شرد وسافر منهم من سافر ، اه يا استاذي وكأن قلبي كان يعلمني وانا اخبر طالباتي عن طريقتكم في التدريس عندما يخبرنني بان اسلوبي مميز فاخبرهم بأني لست الا مؤدية لاناس تشرفت باني اكون طالبتهم وعهد علي يا استاذي باني ساستمر في ذكر مناقبكم واتناقل طرق تدرسيكم الرائعة فرحمك الله يا من علمني حرفاً فصيرني له عبداً .

ولازالت بغدادنا لا تتزلزل ارضها بمن لا يستحق الحياة ولازال الموت بعيداً عن المجرمين كالدليمي والعاني والهاشمي من مصاصي دماء الشعب وبكل وقاحة واباحية ، كل يوم يمر وهؤلاء طلقاء تتسع الهوة بيننا وبين أي امل في مستقبل مشرق لهذا البلد الجريح فأما ان ينالوا جزائهم وهذا هو المستحيل !! أو ان نبتعد عنهم في فيدراليات باتت هي الاخرى حلم مؤجل نأمل تحقيقه .

سيدي وامامي مات التصبر بانتظارك فانك تسمع وترى فهل ترضى لنا هذا الحال مولاي متى الانتقام لدم الابرياء فلقد فاض بنا الصبر وصار كلمة لا نستطيع ان نصبر عليها بعد الان ، ان للظلم طعماً تجرعناه عقوداً الا ان رحل الطاغية ولم يعطنا المجرمين فرصة لنسيان طعمه فلقد اذاقونا مرارات جديدة ولنا الله في كل ذلك الا اننا محافظين على اباء اختزلناه من مذهب جريح والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين واله الغر الميامين.

نسالكم الدعاء بالصبر لكاتبة هذه الكلمات

اختكم المهندسة بغداد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو اركان
2007-12-28
آجركم الله اختنا الكريمة والهمكم الصبر والسلوان ولاهله وذويه ورحمه الله وحشره مع محمد وال محمد وثقي انه الان انتهت متاعبه في هذه الدنيا الفانية وانه بين يدي رب رحيم وانا لله وانا اليه راجعون
غريب الدار
2007-12-28
اذكركم اختنا الفاضلة بقول ام المصائب زينب ع عندما رات جسد اخيها الحسين ع (هون مانزل بي انه بعين الله ) فتأسي بمولاتك زينب ع واذكري مصيبة ابا عبد الله الحسين ع واهل بيته فتهون عليك كل مصيبة وعظم الله لكم الاجر ومالنا الا الدعاء بتعجيل الفرج (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين
ندى
2007-12-28
نسأل الله تعالى أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وأن يعظم أجرهم . وان يصبركم عزيزتي بغداد بصبر مولاتنا زينب عليها السلام ,واذكركم اختنا بإن الله قدر لنا ميقاتاً مسمى، أياماً معدودة وأنفاساً محدودة، لا تملك قوة أن تنقص من هذا الميقات أو تزيد فيه (فإذا أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) صدق الله العلي العظيم واخبركم عزيزتي باني اعرف ام كبيرة في السن ومهجرة ثكلت بولدها التي كان دوما يقول لها من عمري على عمرج يمه وقد طلبت مني ان ادعو لها دوما بان اسال الله مثلما اخذه من نظرها ياخذه من قلبها:(
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك