المقالات

المعجزة السويسرية . بعد ان ولى عصر المعجزات


( بقلم : امير الاسدي )

الشعب السويسري هو حصيلة توازن بين ثلاث ثقافات متجاذبة. الى جانب ثلاثة اتجاهات سياسية متنافرة .فهو شعب مولف من ثلاث اجناس يتكلمون ثلاث بل اربع لغات .ولهم مذهبان دينيان اساسيان ولكنهم متالفون متجانسون جميعا في مجتمع واحد لايدعي تحدره من عنصر مشترك ولا تجمعه ثقافة واحدة . الا انه قد يكون في الوقت نفسه الشعب الاكثر اتحادا وتالفا والاقوى وطنية بين شعوب العالم . فما الذي يقف وراء ذالك ? وكيف تسنى لهذه العناصر التي من شانها ان تشكل عامل انفصام وشقاق – كما قلنا- ان تصبح عامل التحام ووئام? لعلها المعجزة السويسرية بعد ان ولى عصر المعجزات- فخلافا لما يتصوره اصحاب بعض النظريات الاجتماعية والسياسية اثبتت التجربة السويسرية ان اللغة – رغم كونها عنصرا هاما في تكوين الامة- يمكن الا توخذ في الحسبان عند الحديث عن عناصر تشكيل القومية . فهي هنا . اي في ما يخص سويسرا . لايشكل عامل افتراق وتنافر . والا لكان على السويسريين الناطقين بالغة الفرنسية ان يميلوا كل الميل الى الاندماج مع الشعب الفرنسي .

 بينما الواقع يحدثنا عن حقيقة مضادة . فهذه الفئة من السويسريين ) الذين يسمون بالسويسريين الرومانديين ( يتكلمون الفرنسية على انها لغتهم الام ويشتركون مع الشعب الفرنسي في الثقافة وفي سبل التفاهم الادبي والعلمي – الا ان هذه الجسور المشتركة – هي نفسها – تشكل عاملا سياسيا قويا لدى السويسريين في ابتعادهم عن فرنسا والفرنسيين والاتجاه جغرافيا نحو قوميتهم السويسرية اتجاها اقرب الى التعصب الاعمى ولكن بكل ما يحمل ذلك من معان روحية وامال وطنية . وهكذا. فليس السويسري – الفرنسي اللغة – فرنسيا ولا السويسري – الالماني اللغة – المانيا ولا السويسري – الايطالي اللغة – ايطاليا – بل كلهم سويسريون ينتمون الى -هيلفيتسيا- ويتمسكون باواصر سويسريتهم الى درجة من القوة والصرامة انهم صمدوا على مر القرون امام اشد الزوابع عنتا وقسوة.

واذا كان مصدر تجمعهم سلبيا بسبب تعدد اللغات وتنابذها ) وهو العامل الذي من شانه ان يفرق بين الجماعات كما قلنا ( الا ان حصيلة ذلك كانت ايجابية بكل معنى الكلمة – واذن . فخلافا لما نشاهد لدى الشعوب والامم الاخرى . نرى ان الوحدة القومية الوطنية في سويسرا لا تقوم البتة على الاسس الثقافية واللغوية المتجانسة –وانما تكمن عواملها الايجابية في ميدان اخر خارج اللغة والثقافة الادبية – وعلى راس هذه العوامل يتجلى تعلق الشعب السويسري برمته بالموسسات والكيانات السياسية المشتركة – التي تكون الاتحاد –تعلقا يشكل جوهر وحدتهم –لانه جزء لايتجزا من وجودهم وكينونتهم المادية والروحية التي يحسونها بمشاعرهم ويدركونها بوعيهم ويعيشونها في ليلهم ونهارهم لانهم صانعوها منذ البداية وتسير معهم حتى النهاية..وهنا من حقي كمواطن عراقي ان اتمنى من كل القوميات والاديان الموجودة في بلدي ان تحذوا حذوا القوميات السويسرية وان يكون ولاها للعراق اولا واخيرا – فالعربي يجب ان يكون ولائه للعراق والكردي كذالك والتركماني والمسيحي والمسلم والصابئي والايزيدي – انه العراق فبدون العراق لاتقوم لنا قائمه فكونوا كما كان واصبح الشعب السويسري – فالدين لله والوطن للجميع –وخيركم من خدمه العراق واهل العراق- )سويسرا الحضارةالصامتة-محمود لورساني(

امير الاسدي- كاتب مقيم في سويسرا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عدنان
2007-12-10
سويسرا دولة مثالية لانه لا يوجد فيها حثالات من امثال الهزاز الدليمى وطارق السلجوقى والعليان والمطلق وبقية اذناب البعث المقبور ممن يحاربون طموحات الشرفاء من الشعب فى الحرية وبناء البلد بشكل حضارى.
سميراميس
2007-12-09
64% منهم يتكلم الألمانية , 18% الفرنسية و 4% يتكلم الأيطالية وأخرى . فيها 23 كانتون , أما جيشها مدرب وعنده الملبس والسلاح في البيت للدفاع فقط ولكن هل ممكن التصور أن يطبق في العراق ؟ أشك في ذلك لأن نحن نختلف جذريا عنهم
مازن
2007-12-09
تحية للكاتب الكبير امير الاسدي نحن معجبون بارائك وكتاباتك الرائعة فانت كاتب قل نظيره في العراق زدنا زدنا لكي تنور لنا الطريق
مقداد القطبي/ العراق
2007-12-09
بالفيدرالية نصبح سويسرا الشرق الاوسط انشاء الله
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك