المقالات

اختلافات وجهات النظر ممارسة ديمقراطية صحيحة


( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )

الاختلافات التي تقع عادة بين المكونات ذات اللون الواحد او التوافقات بين اكثر من لون وعلى اكثر من برنامج هي بالتأكيد اختلافات في وجهات النظر من جهة وتوافقات في وجهات النظر من جهة اخرى، ولذلك لا يمكن لأحد ان يفسر ذلك على انه صراع ايديولوجي ولو كان كذلك لما اختلفت وجهات النظر في بعض الاحيان ازاء مشاريع وطروحات من نتاج العملية السياسية الجارية في العراق اليوم بعد تحرره من الحكم الشمولي الاستبدادي داخل المكون الواحد وهذا ما لمسناه في التعاطي السياسي اليومي داخل البيت الشيعي وداخل البيت السني او بين المكون الكردستاني او المكون العربي او التركماني او غيرها من المكونات الاخرى، وهذا بالتأكيد ينسحب على تطابق وجهات النظر بين لونين مختلفين مذهبياً او عرقياً او فكرياً، فقبة البرلمان العراقي خير شاهد ودليل على ان هذه الاختلافات ليست ايديولوجية وانما هي سياسية بحتة لذلك يرى المراقبون السياسيون ان هذه الاختلافات والتطابقات لكلا الاتجاهين في وجهات النظر لا تشكل خطراً على العملية السياسية وانما تزيدها تجذراً وصموداً واتساعاً وقوة وتماسكاً مصيرياً استمدت هذه الممارسات من عمق التجربة الديمقراطية في تناول الموضوعات والبرامج والطروحات السياسية. ان التجربة الديمقراطية الحاصلة اليوم والتي اسست قواعد المشاركة الفاعلة بين مكونات الطيف العراقي دون استثناء لأحد او اقصاء لطائفة باستثناء من اجرم بحق العراقيين تعطي انطباعاً جيداً بأن تجربة العراقيين في بناء الدولة الجديدة في مشاريعها السياسية الوليدة وتمددها على اكبر مساحة تعددية انما جاءت في ظل اجواء الحرية الكاملة التي اسست لهذه الممارسات قواعد متينة وصحيحة لا يمكن لأحد ان يزايد عليها في كل الانظمة السياسية في منطقنا العربية والاسلامية. هذا المنهج بالتأكيد لم يرق لأكثر من طرف محلي ودولي واقليمي لذلك حاول البعض في الداخل من الذين خسروا امتيازاتهم التي منحها لهم الحكم الدكتاتوري البغيض ان يقفوا بوجه هذه التجربة الرائدة وتعاونوا مع العصابات الارهابية التكفيرية الوافدة من خلف الحدود لاعاقة المسيرة من خلال استهداف المواطنين الابرياء بمفخخاتهم واحزمتهم الناسفة وعبواتهم واغتيالاتهم وقتلهم على الهوية دون تمييز بين مكون وآخر طالما ان الجميع قد ساهموا في عملية البناء للعراق الجديد. فضلاً عن تعاون اجهزة معروفة النوايا في المحيط الاقليمي بالسماح لهؤلاء القتلة وتسهيل دخولهم الى العراق وحتى بغطاء سياسي ودعم لوجستي من بعض دول العالم الخارجي وهذا ليس سراً بل وقف على حقيقته كل المتابعين للشأن العراقي. لذلك نرى ان الاختلاف بين المكونات العراقية هي سياسية بالدرجة الاولى وليست ايديولوجية كما يظن البعض، وهذا ما افضت اليه التوافقات بين المختلفين في التصور والطرح الى حالة من الانسجام والتفاهم داخل قبة البرلمان باستثناء بعض المتشددين الذين لا يمثلون في حقيقة الامر توجهات احزابهم وكتلهم ومكوناتهم ولو كان العكس لما حصل مثل هذا التوافق وخاصة في اغلب الامور الحساسة والتي كانت تدور حولها وفي اغلب الاحيان اختلافات فنية او تقنية وليست جوهرية لذلك كانت تقبل الحل بسرعة.

من خلال هذه المقدمة الطويلة نرى ان الذين افلسوا سياسياً داخل مكونهم بسبب تشددهم وارتباطهم باجندات خارجية قد اسقط ما في ايديهم بعد ان خسروا مكانتهم داخل المجتمع العراقي ككل فوجدوا ضالتهم خارج الحدود العراقية ليطلوا من قنوات تلفزيونية معروفة بمعاداتها للعراق والعراقيين وللتجربة الجديدة هذه القنوات التي ارتبطت بالنظام البائد من خلال كوبونات النفط سيئة الصيت وحتماً سيأتي اليوم الذي يضعهم أمام المساءلة القانونية والعدالة ليدفعوا ثمن ما سرقوه من اموال الشعب العراقي في عملية الدفاع غير الشريفة عن الجلادين والقتلة من اركان ورموز النظام المخلوع، هذه القنوات فتحت شاشاتها الصفراء ليطل منها اعداء العراق الجديد ليبثوا سمومهم واراجيفهم عسى ان يقتنع بهم احد ولكن دونهم(خرط القتاد) كما يقول المثل العربي. هؤلاء وامثالهم ممن وقفوا بشكل سافر أمام طموحات الشعب العراقي راحوا يشككون في كل منجز يصب بمصلحة الشعب العراقي، فبالامس كانوا هم دعاة خروج القوات الاجنبية من العراق وراحوا يكيلون الاتهامات لكل الرموز الوطنية العراقية المشاركة في العملية السياسية فمرة يصفونهم بالخونة واخرى بالعمالة للاجنبي وثالثة سراق ثروة العراق وغيرها من التهم الباطلة ولما حانت فرصة حصول العراق على سيادته الكاملة وتقريب المسافة الزمنية لرحيل القوات متعددة الجنسيات بعد ان اصبحت جاهزية القوات المسلحة العراقية الوطنية في احسن احوالها وبعد ان اعلن السيد رئيس الوزراء نوري المالكي عن توقيع مبادئ لعلاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الامريكية والتي من بين اهم بنودها هو دعم الحكومة العراقية في حماية النظام الديمقراطي في العراق من الاخطار التي تواجهه داخلياً جاء هذا البند بمثابة رصاصة الرحمة التي اطلقها العراق على جسد الارهاب لتخليص الشعب العراقي وشعوب المنطقة من شره وجرائمه، لذلك راح البعض ممن لا تروق له هذه الانجازات ان يطلوا من الشاشات الصفراء ليعلنوا بكل صلافة انهم ضد منجزات الشعب العراقي. لذلك يمكن للعراقي ان يقول لأمثال هؤلاء، لكم ما تريدون فالشعب العراقي لكم بالمرصاد مهما طال الزمن.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك