المقالات

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

1435 16:26:00 2007-11-19

( بقلم : كريم النوري )

عاد سماحة السيد الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وزعيم الائتلاف العراقي الى ارض الوطن يوم امس بعد رحلة علاجية تكللت بالنجاح بفضل الله وبركة دعاء المؤمنين في العراق الجريح.عودة سماحة السيد الحكيم وحضوره وسط اهله وابناء وطنه يبعث على الاطمئنان والثقة ويضخ في العملية السياسية روح التجديد والحيوية والامل.

شعور جميع العراقيين بكل مكوناتهم السياسية والدينية والمذهبية والعرقية بالثقة والامل بعودة سماحته الى ارض الوطن لا ياتي من رؤية سطحية او نظرة مزاجية بل هذا الشعور نابع عن حقائق ميدانية افرزها الواقع العراقي وكرستها التجربة الاخيرة لاداء السياسيين في العملية السياسية فأن اهتمامات القيادات السياسية والدينية لمختلف المكونات العراقية بعودته تؤكد اهمية وتأثير شخصية السيد الحكيم على مجمل الوضع السياسي العراقي وبشكل ايجابي.

الشخصيات السياسية لمختلف المكونات العراقية تنظر الى شخص السيد الحكيم نظرة متميزة ومختلفة عن طبيعة الصراع السياسي الدائر في البلاد وهي تلمس بشخصيته وتتحسس المزيد من المصداقية والواقعية والتوازن فهو- بحسب نظرتها وقراءتها- الحكيم العاقل الذي لا يتعصب او ينفعل وهو القائد الذي يقف مع ابناء شعبه بمسافات واحدة ينصر المظلومين بكل انتماءاتهم وينتصر للحق ولا تأخذه في الله لومة لائم فهو لا يتزمت برغم تمسكه بالحق والمبادىء وينفتح بقدر ما تمليه عليه مساحات التسامح والحوار وهو يتصلب للدين والثوابت بلا تعصب او تحزب يفعل ما يقول ويقول ما يفعل ولا يجاري او يداري على حساب المظلومين. وبالتأكيد ان هناك من لا يعجبه حضور الحكيم في الميدان السياسي وهناك من لا يريد للعراق ان ينعم بقادته ورجاله الافذاذ وهذه الاسباب هي التي تعزز اعجابنا بالسيد الحكيم. ولا يمكن ان ينسجم اعجابنا به مع امتعاضهم من حضوره الفاعل في الميدان العراقي.

السيد عبد العزيز الحكيم لم يمتلك كل هذه الثقة والثقل بالحضور السياسي من فراغ او من مصادفة خلقتها غفلة الزمن بل صنعته المحنة وربته المرجعية الدينية العليا وافرزته الاحداث الصعبة في الزمن الصعب وهو من عائلة علمية مضحية جادت للاسلام بمدادها ودمائها.

آل الحكيم كانوا ومازالوا مشروع وعي وشهادة للوطن وهم لم يرثوا من هذه الارض الا المقابر الجماعية لكواكب هذه العائلة المجتهدة المجاهدة فقدموا للوطن كل ما يمتلكون والجود بالنفس اقصى غاية الجود. هذه العائلة المضحية لم تصنعه الاحداث او الظروف بل صنعتها المحنة والدماء والجهاد والاجتهاد فقدمت للوطن كل شىء ولم تحصل على أي شىء من حطام الدنيا حتى لم يمتلك بعض شهدائها العلماء فسحة قبر في هذه الارض المترامية الاطرف فالجميع يتذكر الشهيد الفقيه المجاهد السيد مهدي الحكيم الذي طالته يد الغدر والمكر البعثي في الخرطوم عام 1987 بعد حضور مؤتمر فكرياً فقد استشهد وهو في ارض الغربة ولم يحصل على فسحة قبر في ارض الرافدين.

وهذه العائلة الكريمة برغم اندكاكها بالعلم والمعرفة والجد والاجتهاد الا انها لم تترك الجهاد والعمل السياسي فكان شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم العضد المفدى للسيد الشهيد محمد باقر الصدر وقف معه في محنته وثورته الفكرية ولم ولن يتخلى عنه برغم تهديدات الاعداء واراجيف المغرضين.

وفي حصار الشهيد الصدر في سنوات المحنة وايام الاقامة الجبرية كان السيد عبد العزيز الحكيم يتواصل معه غير آبه بالحشود الامنية المحيطة بمكتب المفكر الاسلامي السيد الشهيد محمد باقر الصدر. واستطاع الاتصال بالسيد الشهيد محمد باقر الصدر في تلك اللحظات العصيبة والصعبة عن طرق ذكية ابتكرها في وقت يستطيع ان يبتكر الاعذار والتبريرات وهو معذور في كل الاحوال اذا استطاع التماس هذه التبريرات لكنه ابى الا ان يرضى ضميره ويبرىء ذمته في نصرة الصدر المظلوم. كان بالامكان استحضار الاعذار بالتخلي عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر وهو في اقامته الجبرية وقد لا يلام كثيراً لو اقنع نفسه بهذه الاعذار فوقف معه في حياته ومحنته ولم يتاجر بمواقفه بعد شهادته بل تكتم على ذلك اخلاصاً لله ووفاءاً للشهيد السعيد محمد باقر الصدر.

ومن هنا فان هذا الحضور المتميز للسيد الحكيم في الميدان السياسي جاء من تراكمات التجربة والتضحيات ومن عمق المحنة والمخاضات ومن نتاج الواقع والمستجدات. ما يميز السيد الحكيم انه لا يرغب في تشخيص الاعراض والامراض السياسية في الساحة بل يضع في مقابل ذلك تصوراته الحلول والعلاجات الصائبة فان تشخيص الظاهرة سهل ويسير ولكن علاجها صعب وعسير.

السيد الحكيم يتعاطى مع اصعب ملفات العالم سخونه وصعوبة وهو الملف العراقي وهو ملف غاية في التعقيد لم يوفر لممارسيه الا خيارات احلاها مر وصعب بل احياناً يجد نفسه بين خيارين بين ما هو كارثي وبين ما هو بغيض فيختار الاخير رغماً عن رغبته وارادته بل يرى ذلك هو جزء من تكليفه الشرعي والوطني. لا يحب المزايدات والادعاءات برغم انه ما يمتلكه من امكانات وقدرات تفوق كل الادعاءات لكنه يحب الواقعية والموضوعية حتى لو كلفته المزيد من منحه للاخرين فرصة التشويش والتشويه لانه يعتقد ان في نهاية المطاف لا يصح الا الصحيح ويعتقد كذلك ان الكثير قد تهزهم الشعارات والمزايدات لكنهم سرعان ما يخضعون لقوة الحقيقة ونبض الواقع ويعترفون بخطأهم ومصداقية السيد الحكيم.

وكان يلاحظ في قراءته المتبصرة للاحداث الاهم من المهم والاقل مفسدة من الاكثر فليس يتفاعل مع كل الخيارات المطروحة بل يحاول التفحص وملاحظة كل زوايا القضية المراد علاجها لانه يعتقد ان الحكيم او العاقل ليس الذي يعرف الخير من الشر بل العاقل الذي يعرف خير الشرين كما يقول جده امير المؤمنين(عليه السلام)

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك