المقالات

قناة شيعية سعودية .. هل تكفي ؟

1568 20:18:00 2007-11-18

( بقلم : علاء الزيدي )

تناقل بعض المواقع والصحف نبأ ً عن عزم اثنين من الكتـّاب والإعلاميين الأحسائيين المعروفين، وهما حمزة الحسن وفؤاد إبراهيم ، على إطلاق قناة تليفزيونية فضائية من لندن قريبا ً ، لدعم جهود الإصلاح في الجزيرة العربية ، والتعبير عن آراء ومتبنـّيات ومصالح المجتمع الشيعي ، الذي يشكل الأغلبية السكانية في إقليم الأحساء والقطيف ، أو مايعرف بالمنطقة الشرقية ، التي تحتوي على أكبر إحتياطي للنفط في العالم .

وليس ثمة شك ، في أهمية الإعلام ، وخاصة الميديا التليفزيونية الجبارة ، التي تستحوذ على العقول والأذهان خلال فترات قياسية ، يعجز عن تحقيق نجاحات مماثلة فيها مفكرون وكتـّاب وباحثون يقولون الفكرة نفسها ، في آلاف الكتب ، لكن بعدهم عن دوائر الضوء التليفزيونية يخنق أفكارهم ويحول دون وصولها إلى الجمهور العازف عن القراءة ، لكن الإعلام التليفزيوني وحده ، ودون فعل سياسي أو تعبوي على الأرض ولانقول عسكريا ً لئلا نرمى بالتحريض على العنف ، يظل قاصرا ً عن مقارعة نظام أوتوقراطي شرس ، مثل النظام الوهابي السعودي ، المعبـّأ بكل كراهية التاريخ ، لكل ماهو إنساني وتعددي وحضاري .

وإذا أردت أن أعود في " فلاش باك " سريع ، إلى تجربة المعارضة الأحسائية ذاتها للحكم السعودي ، خلال ربع القرن الأخير ، فيمكنني التأكيد على أن كل المحاولات الإصلاحية أو الترقيعية أو التسووية التي بادرت إليها هذه المعارضة ، خلال التعاطي مع النظام السعودي ، قد باءت بالفشل الذريع ، الأمر الذي تعني معه العودة إلى الصفر ، ضربا ً من ضروب البلاهة السياسية ، التي لم تكن ( وليست هي الآن ) من العلامات الفارقة للسياسي والمثقف الأحسائي ، المستند على تراث زاخر من التجارب الفكرية والسياسية المعمقة ، طوال تاريخه .

لقد استطاعت – على سبيل المثال – حركة مثل الحركة الرسالية ( أو ماعـُرفت باسم منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية ) خلال نهاية عقد السبعينات وبداية عقد الثمانينات من القرن الماضي ، ببراعة ، تعبئة الشارع الأحسائي للمطالبة بحقوقه المشروعة ، التي لاتتجاوز حرية التعبير والمشاركة في القرار والاستفادة من ثرواته التي يبتلعها آل سعود وحدهم ، وحققت الحركة في ذلك الإتجاه العديد من النجاحات ، رغم العديد والكثير من التضحيات أيضا ً . وجاءت الحركات الجذرية الأخرى ، مثل حزب الله في الحجاز وغيرها ، لتصعـّد سقف المطالب ، وترفع من مستوى المواجهة ، لكن عدم التنسيق بين أذرع المعارضة الموزعة هنا وهناك ، حرم شعوب الجزيرة العربية في أقاليم الحجاز والأحساء والقطيف وعسير وجيزان وحتى نجد وحائل من أية إمكانية للتلاقي والتفاهم والتنسيق ، بعد أن فضـّل النظام السعودي القمعي اتـّباع سياسة الإستفراد والقضم التدريجي للحركات السياسية من إصلاحية وراديكالية وحتى متطرفة وإرهابية ، كلا ًّ على حدة ، ونجح في مسعاه هذا نجاحا ً باهرا ً .

وربما كانت الحركة الرسالية الأحسائية قد أ ُصيبت في مقتل فعلا ً ، حينما فضـّلت الشخصية الدينية المعروفة ، الشيخ حسن الصفار ، إنهاء وجود التنظيم الرئيسي المعارض ، والعودة إلى البلاد ، والاكتفاء بالدور التقليدي للمؤسسة الدينية ، مطمئنا ً إلى الوعود التي قطعها أقطاب النظام لهذا التنظيم الذي كان قويا ً و كان يشكل عنصرا ً أساسيا ً ورئيسا ً في خارطة التحدي ، تلك الوعود التي لم ينفـّذ آل سعود منها شيئا ً ، أو على حدّ تعبير الدكتور فؤاد إبراهيم ( مؤلف كتاب : الشيعة في السعودية ) نفسه في لقاء عابر له مع كاتب هذه السطور قبل سنوات : " لم يتغيـّر شيء على الإطلاق " ! فلماذا العودة ، والتنازل ، وإيقاف النشاطات إذن ؟تعوّدنا ، في الغرب ، أن يتطرّق الكاتب والباحث إلى أي شأن يعجبه التطرّق إليه ، من شؤون المجتمعات والشعوب والدول . فليس لدينا ، في الغرب وأوروبا بالذات ، شؤون داخلية يـُحظر علينا التدخل فيها . أضف إلى ذلك أن النظام الوهابي السعودي يعتبر اليوم من الأعداء الرئيسيين للواقع السياسي الجديد عندنا في العراق ، إن لم يكن العدو الأول ، ومن هنا فنحن معنيون فعلا ً بالتعاون مع خصومه السياسيين والفكريين ، ومن أبسط صور هذا " التعاون " تذكيرهم بتجاربهم الناجحة .

لقد كان السبب الأساس ، في تصوّري ، الذي دعا النظام السعودي إلى " التفاهم " والتنازل الشكلي مع وللحركة الرسالية في الأحساء ، هو الرغبة في الخلاص من " شرّها " الثقافي التعبوي ضده . فهذا النظام قادر على مواجهة كل ّ شيء بالزعيق الوهابي المعهود ، وبالسيف الأثيوبي البتار ( معظم جلادي النظام أحباش ) غير أنه عاجز عن مواجهة الكلمة التعبوية بمثلها . وهو إذا كان استطاع وأد الأصوات التعبوية المعروفة ، مثل المناضل الحائلي المعروف ناصر السعيد ( مؤلف كتاب تاريخ آل سعود ) ، الذي اختطفه الإرهابيون الفلسطينيون لحساب المخابرات السعودية عام 1979 و تتوفر بعض المعلومات عن أنه تم قتله في السعودية ، بحضورعدد من أمراء العائلة المالكة ، عبر إلقائه حيا ً من مروحية إلى صحراء الربع الخالي ، بعد تعذيبة بوحشية . ومثل الكاتب والصحفي البريطاني الفقيد ديفيد هولدين ( مؤلف كتاب آل سعود – ذا هاوس أوف سعود - ) الذي اغتاله عملاء المخابرات السعودية بعد مغادرته مطار القاهرة ، ذات مساء من مساءات شهر كانون الأول ( ديسمبر ) عام 1977 ، قبل أن يتمكن من إتمام كتابه ، الذي أتمـّه فيما بعد زميله الكاتب والصحفي ريتشارد جونز عام 1981 ، لكن النظام السعودي غير قادر على متابعة وملاحقة مئات الكتب الرصينة والموضوعية والدعائية أيضا ً ، والمضادة لحكم آل سعود وأيديولوجيتهم الرجعية ، التي كانت تصدرها دار الصفا للنشر والتوزيع في لندن ، التي يـُعتقد أن لها صلة ما بالحركة الرسالية الأحسائية . لذلك فقد ارتأى هذا النظام أن يلعب لعبته الثعلبية مع الحركة ، تلك اللعبة التي نجحت للأسف ، ومكـّنته من جمع وإتلاف آلاف النسخ من تلك الكتب التعبوية الثمينة ، دون أن يقدم للمتنازلين – في المقابل – شيئا ً ، كما مر ّ .

ومن خلال تجربتي البحثية الشخصية ، أستطيع أن أقول ، إن البث التليفزيوني لايؤثر في النظام السعودي كثيرا ً . فالفضاء مليء بالقنوات ، والكلام كثير ، ولو استطاع أحد أن يؤثر أكثر من غيره في هذا الإتجاه ، لكان ذلك الأحد قناة الجزيرة القطرية ، المعادية لآل سعود تبعا ً لصراع آل ثاني معهم . بيد أن العودة إلى نشر الكتب والإبحاث المعمقة على أكبر نطاق ممكن ، خاصة تلك التي تفضح تاريخ آل سعود وآل وهاب ومؤامراتهم ضد الجميع بأساليب توثيقية وعلمية ، تعتبر أفضل أسلوب من شأنه التفتيت التدريجي لهذا النظام القمعي . ذلك لأن أخوف مايخافه نظام آل سعود هو الكتب ، ولو أتيحت للقراء مثلي فرصة البحث عن كتب مناوئة للسعودية والوهابيين بالعربية والإنكليزية والفارسية ، للاحظوا الندرة التي تثير الاستغراب لهذه الكتب ، رغم صدورها بمئات الآلاف من النسخ . فالمخابرات السعودية تشتري من مكتبات لندن وبيروت والقاهرة ودمشق وطهران وقم وكل مكان ، كل الكتب المقصودة ، ثم تتلفها بعد ذلك في محارق أو " مفارم " جماعية كما يبدو !

وإذا طـُلـِب مني أن أدل ّ أحدا ً من المعنيين على الخط المستقيم الممتد بين الهدف والغاية ، فسأجيبه بأن ماتركـّز عليه الباحثة الحجازية الدكتورة مي أحمد زكي يماني ، في كتاباتها ولقاءاتها ، باللغة الإنكليزية خاصة ً ، هو نقطة ضعف آل سعود بكل تأكيد .

إنه ، التركيز الموثـّق على التمايز الذي ينبغي أن يدعم دستوريا ً وسياسيا ، واستقلاليا ً ، بين شعوب الجزيرة العربية ، المختلفة فيما بينها ، في كل شيء ، من اللهجة إلى التاريخ إلى المذاهب إلى العادات . إنه اختلاف الحضري عن البدوي ، اللذين لايمكن أن يجتمعا على صعيد واحد ، مهما توازيا مع بعضهما البعض !

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
جواد الشيعي
2007-11-24
أطلعت على كتاب المعارض القطيفي حمزه الحسن(الشيعه في مملكه الارهاب السعودي الوهابي في فتره الاتراك (العثمانيين) وحكم الأعراب السعودي وأتمنى ان لايتم الخلط بين قناه الجزيره البعثيه وفكر شيعي معارض ينشر مظلوميه الشيعه في السعوديه سواء ان كانت ذات توجهات سياسيه أم دينيه فمانحتاجه هو معارضه شيعيه في الخارج لها صوت يسمعه الجميع وأتمنى ان هذه القناه ترى النور ,, حفظ الله عراق امير المؤمنين الذي لاقى ويلات الأول والثاني ومعاويه الملعون وبارك الله بكم
حيدر المالكي
2007-11-19
ياحبيبي اقسم بالله العظيم وانا على اطلاع بالمجتمع المسمى سعودي انهم والله والله لاينحدرون من اصول عربية الغالبية العظمى منهم احباش وافارقة ولذلك حاربوا الشيعة لانهم لايميلون مع اولهم الخان وثانيهم القاتل لبنت رسول الله(ص) وثالثهم السارق لبيت المال فهؤلاء مجتمع امي لايفقه من الدين سوى سيرة امراءة وابيها وصاحبيه!! والحرب على الشيعة جاءت من منطلق التشهير بالكفر وبعدم العروبة ومع العلم الشيعة الوحيدون هم ينحدرون من اصول عربية 100% لذلك ادعوا المثقفين الشيعة بالتعاون فيما بينهم لمواجهة الخطر الوهابي
القطيفي
2007-11-19
بدل أن تلعن الظلام اشعل شمعة (مثل)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك