المقالات

العراق نقطة التقاء المواقف الإقليمية والدولية

1272 12:00:00 2007-11-17

( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )

العزلة الاقليمية التي فرضت على العراق طيلة العقود الثلاثة الماضية بسبب السياسات العدوانية التي كان يمارسها النظام المقبور ضد دول وشعوب المنطقة ألقت بظلالها على مجمل الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي والثقافي والحضاري العراقي وتسببت هذه السياسة الخرقاء في تأجيج تقاطعات واختلافات بين دول المنطقة الامر الذي انعكس سلباً على كل الحراك السياسي والدبلوماسي والأمني العربي، هذا من جانب ومن جانب آخر لعلنا نلمس وبشكل واضح ان العامل الاقليمي نفسه قد غاب كلياً عن التعاطي الايجابي الذي يفرض عوامل الاستقرار في المنطقة ويدفع عنها أي خطر تواجهه باستثناء الموقف الاقليمي الموحد تجاه جريمة غزو دولة الكويت من قبل قوات النظام البائد والتي شكلت انعطافة ايجابية في دفع الضرر عن شعب آمن تعرض للعدوان والانتهاك من قبل حاكم دكتاتور مستبد كادت سياساته هذه ان تفجر بركاناً لا يمكن السيطرة عليه لولا تدخل العامل الدولي والاقليمي معاً لاجهاض هذا الخطر رغم الخسائر الفادحة التي اجبرت شعوب المنطقة على دفع فواتيرها من قوت شعوبها وعلى حساب عمليات الاعمار والتنمية للبنى التحتية لهذه الدول التي خطت خطوات اولى في طريق التنمية الاقتصادية والعلمية والثقافية لكنها عجزت عن الاستمرار طيلة اكثر من عقد بسبب العدوان على دولة الكويت وما خلفته حرب التحرير من خسائر فادحة في الارواح والاموال. هذا الغياب الاقليمي كان على رأس الاسباب التي أدت لاحقاً لتدخل العامل الدولي في ملفات المنطقة على اعتبار انها من المناطق الحساسة جداً وتتحكم بأكثر من ثلثي عصب الاقتصاد العالمي وتفتح شهية الدول الكبرى لحماية مصالحها وتأمين مصادر الطاقة التي هي الاخرى تتحكم بالتقدم العلمي والتكنولوجي العالمي. في حين تجمدت الكثير من القضايا الحساسة الاخرى التي كان من الممكن التعامل معها بما يؤمن المصالح الوطنية العليا للشعوب وحل قضاياها كقضية فلسطين على سبيل المثال والازمة اللبنانية وجنوب السودان وازمات الدول الخليجية وازمات المغرب العربي وغيرها،

هذه القضايا كانت بأمس الحاجة لحلها اقليمياً، إلاّ ان الاقليمي بقي يتفرج على ما ينتجه العامل الدولي لحلحلة هذه المشاكل والازمات مما ساعد على توسيع شقة الخلاف والاختلاف بين هذه الدول التي هي بأمس الحاجة الى وفاق تام على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية. بعد سقوط النظام الدكتاتوري في العراق وحتى لزمن قريب جداً أي في السنة الرابعة على السقوط بدأ العامل الاقليمي ينفض غبار الاسترخاء والدعة ويتعامل مع المتغيرات كما هي على الارض مما أتاح لايجاد مساحة واسعة من الانفراجات الاقليمية التي ساهمت بشكل كبير على حلحلة بعض العقد المستعصية مع العامل الدولي وهذا ما يدل على ان الوضع الجديد في العراق اصبح مرتكزاً مهماً لالتقاء المواقف الاقليمية وامتداداً للمواقف الدولية،

وهذا ما يبشر على ان عقد الماضي قد تلاشت واندثرت كما اندثر النظام البائد، وكان على رأس هذه الانفراجات هو الموقف الرائد لدولة الكويت الشقيقة التي عانت من عقدة الاحتلال والغزو عام 1990م وكانت السباقة في دعم واسناد حكومة الوحدة الوطنية ونسيان الماضي البغيض وقبل ايام قلائل شهدت الشقيقة الكويت معرضاً كبيراً اقيم على ارضها لدعم العراق بما يعود بالخير على الشعبين الشقيقين. المؤشر الآخر على هذا الانفراج هو فتح المعابر الحدودية للمملكة العربية السعودية والتبادل التجاري واعادة التبادل الدبلوماسي على مستوى السفراء مما اعطى انطباعاً ايجابياً لدول المنطقة ان تحذو حذوها علماً ان المملكة الاردنية الهاشمية قد انفتحت على العملية السياسية بعد سقوط النظام البائد باشهر معدودة وفتحت سفارتها في بغداد رغم العمليات الارهابية التي طالتها الى جانب ان الاخوة السوريون هم ايضاً بدأوا بالانفتاح الواسع والكبير لبناء علاقات متوازنة مع العراق بعد ان كانت اصابع الاتهام تشير الى ان سوريا كانت ولاشهر قريبة هي محطة لعبور الارهابيين الى الداخل العراقي سواء كان بعلم السلطات السورية ام بدونه. هذا الانفتاح انسحب على دول الجوار الاخرى التي بدأت تؤسس لبناء علاقات ودية وتأمين المصالح المشتركة مهما اشتدت الازمات وتوترت الاجواء فالجارة تركيا وبعد ان حاولت اجتياح منطقة كردستان العراق لملاحقة اعضاء حزب العمال الكردي التركي الذي تسبب في أيذاء المنطقة ارتأت ان تلجأ الى الحل السلمي الدبلوماسي حفاظاً على الروابط العلاقات المشتركة بين الشعبين الجارين، وهذا ما ادى الى نزع فتيل الازمة التي كادت ان تؤدي الى كارثة انسانية قد لا تنتهي لاعوام قادمة ـ لا سمح الله ـ.

وفوق هذا وذاك يتضح ان مؤشراً آخر قد ظهر الى السطح بشكل علني وشفاف اتسم بإنفراج أزمة مزمنة بين الجمهورية الاسلامية في ايران وبين الولايات المتحدة الامريكية اللتان اختارتا الساحة العراقية لحلحلة ازمتهما المزمنة وفك عقد التقاطعات السابقة بين الدولتين ويظهر ان الجولتين من المباحثات وبمشاركة الحكومة العراقية فيهما قد حققتا نجاحاً واضحاً في حل هذه الازمة مما يؤكد ان الجولة الثالثة وعلى الارض العراقية سوف تحقق نجاحاً جديداً يساهم في امكانية عقد لقاءات اخرى على مستوى اعلى القيادات في هاتين الدولتين الذي سينعكس ايجابياً ـ النجاح ـ على المنطقة برمتها وعلى العراق بوجه الخصوص بحكم العلاقة الحميمة العراقية مع حكومات كلتا الدولتين اللتين تربطهما علاقات متميزة مع الشعب العراقي والحكومة العراقية. المراقبون السياسيون يعتقدون ان النتائج التي سوف تتمخض عن هذا الحراك السياسي والدبلوماسي المشترك بين دول المنطقة سوف يعيد التوازن اليها وسوف يؤسس لاستتباب الأمن والاستقرار الذي تعرض الى مخاطر جمة سواء من قبل العصابات المرتبطة بتنظيم القاعدة الارهابي او على مستوى جرائم عصابات النظام البائد التي كانت تطال كل شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها والتاريخ السابق لجرائم هذه العصابات هو خير دليل الى ما نذهب اليه في هذا المقطع الزمني الذي بدأت غيومه تنقشع مما اضاف بعداً جديداً في محاربة الارهاب والقضاء عليه بكافة اشكاله خاصة بعد نجاح خطة فرض القانون ونجاح مبادرة المصالحة الوطنية وعودة اللحمة بين شرائح ومكونات الشعب العراقي مثلما انها اعادت الدفء الى العلاقات الاخوية مع الدول العربية الشقيقة ومع الاخوة في الدول الاسلامية المجاورة والى العلاقة من العالم الخارجي وخاصة مع فرنسا الى تبعدت بعض الشيء عن المشاركة في دعم واسناد العراق الجديد.

واخيراً يعتقد العراقيون ان الزيارات المتكررة للقادة السياسيين لدول الاقليم قد ساهمت بشكل فاعل وجدي في بناء علاقات متطورة وعلى اعلى المستويات وفي كل المفاصل وخاصة مع الشقيقة مصر التي هي محط انظار كل العالم العربي لثقل وزنها في المنطقة ومما تتركه من آثار ايجابية في اية قضية تهم مصلحة شعوب المنطقة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك