( بقلم سلام السراي )
قد يتصور البعض أن قضية الزرقاوي وهلاكه أشبعت بالبحث والدراسة وتناولتها وسائل الإعلام بشكل مستفيض ولا داعي للخوض في غمارها، فالواجب علينا النظر الى المستقبل واستشرافه والتكثيف من الجهود التي تصب في ترسيخ الوحدة الوطنية، إلا ان الواقع يرى غير ذلك فهو بدا- أي الواقع- ينشد قول الشاعر:لا يغرنَّك ما ترى من وجوه أن تحت الضلوع داءً دويا
ان موضوعة الزرقاوي لم تحسم بعد، والدليل على ذلك هو ما كشفته وسائل الإعلام عن وجود وثائق وأقراص وكتيبات وعلاقات عامة وجدت في الأنقاض التي خلفتها الغارة الجوية على منطقة(هبهب) وهذه الوثائق تثبت تورط بعض الشخصيات السياسية التي كانت تنكر وجود شخصية للزرقاوي.
والغريب في الأمر أن أحد القيادات في الاحزاب السياسية الحاكمة قد سُئل ومن قناة(الحرة) في برنامج(أحد الأسئلة) حول.. هل ان مقتل الزرقاوي سينهي حالة العنف في العراق؟ فأجاب القيادي!! " كلا، ليس كذلك لأن الزرقاوي ما كان يشكل من حالة العنف في العراق إلا عُشر ما تقوم به المليشيات!!"
يا سيدي القيادي الكريم!! نحن بدورنا نسألك.. هل أن المليشيات هي التي كفَّرت الشيعة او اعتبرت أهل السنة(متمردين) والكورد(خونة)؟.. وهل المليشيات هي التي تبنت مقتل العراقيين في كربلاء والنجف والحلة وسامراء والموصل والمسيب ومدينة الصدر وحتى الرمادي؟! وهل المليشيات هددت الاخوة السنة من الدخول في صياغة كتابة الدستور والمشاركة في الانتخابات الاخيرة؟.. فلنقلها بصراحة وبكل جرأة إذا كان بعض السياسيين يتمسكون بـ(التقية) في عدم البوح بموقفهم من هلاك الزرقاوي فلماذا يعاب على اتباع مذهب أهل البيت(ع) الأخذ بهذا المبدأ في بعض الظروف؟!.
ان مثل هكذا تصريحات تصب في تمزيق الوحدة الوطنية لا ترسيخها وتوطيدها في المجتمع العراقي، وفي هكذا ظروف، فضلاً عن أنها تلقي بظلال الاتهام على الذين بدأوا يتهمون الآخرين بتأزيم الوضع الأمني بعدما كان الخوف يلاحقهم في إصدار أي موقف حول مقتل الزرقاوي. قبل أسابيع أُفرج عن مجموعات كبيرة من المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم وذلك بأمر من رئيس الوزراء نوري المالكي، فإذا كان هذا الموقف يصب في التسامح والتمهيد للحوار الوطني لماذا لا يبادر بعض القادة السياسيين في السير باتجاه هذا المبدأ الوطني؟.
ان ما يجري الآن من حوارات ولقاءات سياسية للتمهيد لعقد مؤتمر الوفاق الوطني الذي أُجل الى مطلع آب المقبل لا تخدمه مثل هذه التصريحات، وإذا كانت كل الأطراف السياسية قد دخلت في الحكومة الجديدة فما الداعي الى إطلاق بالونات إعلامية من هنا وهناك لا ندري في أية محطة ستهبط، وبالنتيجة أين ستذهب استحقاقات الوحدة الوطنية في مثل هكذا ظروف يصعب فيها تطبيق كل ما يقوله السياسيون للشعب وهو ما يزال ينزف الدماء ليلاً نهاراً؟!.
https://telegram.me/buratha