المقالات

بعد الموصل؛الحشد الشعبي إلى أين ؟||مهدي ابو النواعير

1684 2016-10-28

مهدي ابو النواعير
بعد الاعتداء السافر على أرض العراق, والاحتلال (الإقليمي والدولي) البغيض الذي قامت به داعش المعادية لكل ما هو انساني, إنبرى للتصدي لها صوت العقيدة العلوية المتمثلة بفتوى نائب الإمام سماحة السيد السيستاني أيده الله تعالى, حين أصدر فتواه العقائدية الوطنية الأخلاقية المشهورة والمعروفة بفتوى (الجهاد الكفائي), والتي كانت حافزا كبيرا لهياج الموقف الوطني والعقائدي في نفوس أبناء البلد بكل أنواعهم وتراكيبهم وألوانهم وأذواقهم ومشاربهم, فكانت هبة ووقفة سجلها التأريخ بحروف من دم خالد, سيبقى يُذكر للأجيال.
لا شك بأن تكوين داعش وتأسيسها ودعمها وتغذيتها ماديّاً ومعنويّاً, لم يكن مقتصرا على فئة أو جماعة تبنت أمرا وبيتت في نفوسها هدفا, بل هو نتاج لتأسيس كبير إشتركت في تكوينه دولا ومؤسسات دينية وإعلامية ضخمة, أريد من خلالها لهذا التنظيم الإرهابي أن يكون أداة لتخويف خصوم تلك الأطراف؛ لذا فإن عملية القضاء على هذا الكيان المجرم, من خلال فتوى الجهاد الكفائي, تعد بذاتها صدمة كبيرة لمؤسسي هذا الكيان وداعميه.
لقد أثبت الحشد الشعبي- ومن خلال شهادة مختصين بفنون الحرب والقتال- بأنه قادر على قلب الموازنات وحسم الملفات, وكسر بنيان المخطط الدولي والإقليمي الذي يبتغي تمزيق الدول والإعتداء على الشعوب الآمنة والسيطرة على مقدراتها, لذا فليس من المستغرب بأن نجد مستقبلا مخططا كبيرا, يحاول قدر الإستطاعة تحطيم الحشد المقدس وتشويه صورته, من حيث أسسه العقائدية , أو سلوكياته القتالية وما بعد القتالية, أو مصادر تمويله, أو ضرب قياداته , كل ذلك تخوفا من بقاء هذه التجربة مستقبلا بعد تحرير الموصل, بل وتحولها إلى مسمى يكتسب الشرعية القانونية, ويبقى كشوكة بوجه أي مخطط مستقبلي يحاول النيل من العراق وأهله.
عادة ما تكون القوات العسكرية النظامية (الجيش) متكونة من مجموعة قتالية كبيرة, يتم تحنيطها وتعليب قدراتها في تنفيذ الأوامر , بحسب النمط السائد في عالم العسكر, وأقصد به الطاعة التامة للإرادة القيادية العليا المتحمة بإدارته, من ضباط ومراتب, أي أنه غالبا مايكون بعيدا عن الأجواء الإجتماعية والأخلاقية والدينية التي تسير أنماط السلوك الإجتماعي في أي بلد؛ بينما نجد أن الحشد الشعبي قد تميز عن الجيوش النظامية بأن هناك تداخلا عقائديا وأخلاقيّاً بينه وبين أصوله المجمتعية الدينية والأخلاقية, فلم يعد محنطاً بأوامر عسكرية تحوله إلى آلة حربية تتبع الأوامر فقط, وتقتل بلا شرف أو أخلاق, بل أن منابعه الأخلاقية والدينية والإجتماعية, حولته إلى قوة لا يمكن السيطره عليها من خلال سياقات العمل العسكري الجامدة والجافة . 
كل ذلك, سيدفع المعادين للحشد الشعبي, والداعمين لوجود المسوخ الغريبة كداعش وأخواتها, إلى محاربة وجود الحشد الشعبي, بل الإستقتال من أجل حرمان أفراده ومنتظميه لحقوقهم, وومحاولة محاربته وحلّه وتوهينه أو ترويضه ليتحول إلى شكل من الأشكال الكارتونية التي يمكن الإستغناء عنها مستقبلاً. !
الحشد الشعبي تكون عبر هوية عراقية أخلاقية ودينية ووطنية, ومحاولة هدمه أو الغاء وجوده العسكري أو الإجتماعي أو السياسي أو الأمني, إنما هو محاولة ايجاد إمكانية أخرى لخلق عدو جديد للعراق كداعش وأمثاله, دون وجود أي قوة تقف بوجهه؛ إن بقاء الحشد بعد حسم معركة الموصل مرهون بتحرك سياسي وبرلماني تشريعي, لتحويله إلى أحد الأجهزة الحكومية (الشعبية) , ليكون درعا عقائدياً دائما لحفظ الوطن وصون حدوده .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك