المقالات

التمـزيق المجحف للهــويـــة العـراقيــة ( 2 ) ..

1315 18:59:00 2007-11-06

( بقلم : حسن حاتم المذكـور )

اشرت فـي مقالـة سابقـة بتاريـخ 04 / 11 / 2007 تحت نفس العنوان عـن الأدوار المؤذيـة للسياسي العراقـي كعاهـة ومأزق متواصـل لقوى ومكونات هجينـة طامعـة فـي السلطـة والجاه والمـال ’ كانت ولا تزال على استعداد ان تجنـد تبعيتهـا وعمالتهـا تحت تصرف الأختراقات الأقليميـة والدوليـة ’ وتكون مـن بين الأسباب الرئيسية لتمزيق الهوية الوطنية المشتركـة لأهـل العراق’ وتدمير وحدتهـم وبعثرة صفوفهـم وتشويـه نسيجهـم واضعاف ارادتهـم وردود افعالهـم الوطنيـة وفرض حالـة العجـز والخنوع والأذلال والأستسلام عليهم واقـعـاً ملازمـاً لمسيرتهـم .مـا يحصـل فـي العراق هـو الكارثـة فـي اعلـى قمتهـا والمآزق فـي اقصـى تعقيداتـه ’ ولـو افترضنـا وكمـا هو حاصـل فعلاً ’ بأن الجنوب والوسط العراقي اقليم او مجموعـة اقاليـم شيعيـة ’ والمناطق الغربيـة اقليـم سنـي وفـي كردستنان اقليم كردي ( مع الأستحقاق ) ’ فأين هـي اذن فـدراليات العـراق الطبيعـي ... ؟

ايـن سيكون موقع مكونات العراق الآخـرى ... اين نضـع التركمان والكرد فيليه والكلدواشوريين والأيزيديين والصابئـة المندائيين والمتبقـي مـن اليهـود ’ والسني فـي فدراليات الجنوب والوسط او الشيعي في الفدراليـة الغربيـة والعراقي الآخر فـي فدراليـة الأكـراد’ والكـردي فـي فدراليات الشيعـي والسنـي ... ؟هـل سيجبر الجميع على ان ينزعـوا هويتهـم العراقيـة ليرتـدوا مرغمين الهويـة الطارئـة للفدراليات الطائفيـة والمذهبيـة والعرقيـة الجديدة للعراق الجديد ... فتنتف ريش ثقافاتهـم ومذاهبهـم واديانهـم ومعتقداتهـم وتقاليدهـم وعاداتهم الموروثـة ونحشرهـم عـرات فـي الواقـع الجديد لفدراليات المذهب والطوئفة والعـرق والعشيرة’ وهل يقبل ذلك الأنسان العراقي الذي لازالت ملامح وجذور هويتـه السومريـة والبابليـة والأشوريـة وغيرهـا راسخـة فـي وعيـه وثقافتـه وبيئتـه وجغرافيتـه ’ وكذلك عاداتـه وتقاليده وممارساته وسلوكـه وفنـه ومفردات لهجاتـه الشعبيـة ومجمـل ارثـه الأجتماعي ’ ان يقبـل بغيـر العراق هـويــة ... ؟ ايهما الأقدم والأكثر سوخاً وواقعية وديمومة ’هـم الأنسان والأرض والبيئة ’ ام المذهب والطائفـة والعشيرة والحـزب احيانـاً ... ؟

لماذا ولمصلحـة مـن ’ ان يسلـخ الجلـد الطبيعـي للعراق ( هويتـه الوطنيـة التاريخيـة ) ثـم يجبـر على ارتـداء عبـاءة تـم فصالهـا وخياطتهـا طارئـة فـي الأزمنـة العروبيـة المذهبيـة والطائفيـة العنصريـة اللأحقـة ’ لا يمكـن لألوانهـا واحجامهـا ان تنسجـم مـع ذاتهـا يومـاً’ ولا يمكن بأي حال مـن الأحوال ان تكـون بديلـة عـن جمال التكويـن الطبيعـي التاريخـي للعـراق ... ؟

لمـاذا يرفض شعب كردستان ( محقـاً ) ان نطلق عليـه سنــة كردستان ويتمسك بكرديتـه وانتماءه لكردستانيتـة جغرافيـة وبشـر ’ ثـم تساهـم قياداتـه وبعض مثقفيـه فـي لعبـة فـرض الهويـة المذهبيـة والطائفيـة على شعب الجنوب والوسط العراقـي وكذلك غربـه ’ بديلاً عـن هويتـه الوطنيـة التاريخيـة ــ عراقيتـه ــ ... ؟ اكـن عميق الأحترام والتقديـر لأهلنـا فـي جنوب العراق ووسطـه عندمـا يعبروا عـن شـدة ارتباطهـم الروحـي والأنساني بأميـر المؤمنين علي ( ع ) وأأمتهـم العظام ويمسكوا فيهـم عـروة العلـم والعدل والتضحيـة والتجـرد ’ ويجددوا ولائهـم ويقضـة ذاكرتهـم فـي احياء المناسبات التاريخيـة وفـي مقدمتهـا محنـة الأمام الحسين ( ع ) والأبعاد الوطنيـة والأنسانيـة لـذكرى استشهاده والمعنـى التاريخـي لفاجعـة كـربلا ’ شرط ان لا يلحقـوا الأذى فـي الذات والآخريـن .

احتـرم عقائدهـم واقدر تقاليدهـم واقـدس ارتباطهـم الروحـي وامارسهـا معهـم ’ لأنهـم اهلـي ولأنـي والحـق اجـد فيهـا ابعاداً انسانيـة ومحتواً وجدانـياً ونوازع وطنيـة ’ هـذا اذا ما انطلقت عفويـة بريئـة مـن صميم قلوبهـم وضمائرهم لا تتجاوز نبل الأرتباط المذهبي بما لـه ومـا عليـه مثلهـم مثـل باقـي مكونات المجتمع العراقي ’التي وجدت العراق وقـد تكون منهـا ومـن اجلهـا وهو الأقدم وان جذورهـا لا يمكن لهـا ان تغادر تربتـه الجغرافيـة والحضاريـة والبيئيـة واجواء التعايش والأنسجام مثلهـم مثـل مجمـل الوجود الطبيعـي الذي نشـاء عفوياً بيـن احضان وعلى اكتاف النهـرين ’ فلا اعتقـد ان اهلنـا في جنوب العراق ووسطـه يسمـح لهـم مذهبهـم او يحق لـه تخويلهـم ان يـرموا مكونات العراق الآخـرى بمذاهبهـم ومعتقداتهـم واديانهـم بعيـداً علـى قارعـة التاريـخ ’ او حتى مجرد الأساءة اليهـم ’ تلك المكونات التي لا يمكن للعـراق ان يبقـى عـراق بدون تواجـدهـم بـوافر الحريـة والكرامـة والأمـن والأستقرار’ ان الأمر فـي تلك الحالـة يصبـح طائفيـة مقيتـة ومذهبيـة مشوهـة وعنصريـة لا علاقة لهـا في الحقيقـة العراقية ’ غريبة ودخيلـة علـى الهويـة الوطنيـة التاريخيـة للعراقيين ’ ترفضهـا المذاهب والأديان والقيم وتصبـح ردحـاً غبيـاً نفعيـاً على طبول المتمذهبين .

العنصريون والمتعنصرون ’ الطائفيون المتمذهبون ’ المتأسلمون ومدعي التدين ’ وقـوى التخلف وقسوة البداوة من بقايـا ثقافات الغزو والسلب والفرهـود وتدميـر الذات التاريخيـة للأخرين ’ تلك اولى الموجلت التـي سحقت بهمجيتهـا ووحشيتهـا الهوية الوطنية التاريخيـة لأهـل العـراق ودمـرت تراثهـم الثقافـي والحضاري وانجازاتهـم الأنسانيـة التي امتدت ولا زالت جذورهـا راسخـة عبـر الآف السنين فـي اعمـاق وادي الرافدين .

لقـد كانت عملية اجتثاث وانفلة مقززة ’لا زالت تمارس همجيتها فـي تمزيق وحرق ما تبقى مـن ملامـح الهويـة المشتركـة للمكونات العراقيـة ’ ونشاهـد الآن حملـة مسعورة تشترك فيهـا القوى الطائفيـة والعنصريـة للجوار العراقـي ’ ومشاريع فـرق تسـد للمحتلين تـريد هـي الآخـرى ان تقتلعـهـا مـن ذاكـرة الأنسان العراقي انتماءً وتاريخاً وكينونـة وانجازات حضاريـة وثقافيـة ’ لتقطـع حبـل السـرة نهاءيـاً بينـه وبيـن تـراث اجداده الذين ابتـداء منهـم وفيهـم معظـم التاريـخ الكونـي للأنسانيـة ’ ليصبـح اخيـراً فقاعات طارئـة علـى هامش امـواج الأطمـاع التاريخيـة للفاتحين والغزات والمحتلين وامتداداتهـم المحليـة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حيدر
2007-11-06
السلام عليكم.. تخيلوا معي اخواني لو كان العراق هكذا العراق وطن يسكن فيه العرب و الاكراد وتركمان و اشوريين و كل الطواءف بحريه و لكل مواطن عراقي كل الحق في اختيار سكناه و يكون الحكم محلي في كل محافظه و تجمع الدوله الزكاة لانها متفق عليها في كل المذاهب و تنشأ مؤسسه خاصه بل زكاة وتخصص اولا لمكافحة الفقر و من ثم الاعمال الخيريه المتنوعه. و تدفع الشيعه الخمس بلاضافه للزكاة. ويكون دفع الخمس للشيعه اختياري يدفعوه لمن رأوا انه اهل لذلك.. وموارد الدوله توزع بلتساوي على الانفس لكل محافظه حسب نفوسها. حق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك