المقالات

قراءة في أسباب نجاح الإعلام الغوبلزي الصحّافي في أوساط الشعوب العربية

2380 22:57:00 2006-06-14

أنها مأساة فكرية إعلامية تُعاني منها الأمة الإسلامية عموماً والعربية خصوصاً مُنذ القدم تحتاج إلى إعلام حكيم وحِكمَة إعلامية شبيهة أو أكثر بقوة الإعلام الغربي المضاد الذي لهُ أجندتهُ الخاصة به والذي لا يُمكنني أن أقف موقفاً مُستغرباً تجاه أجندته مهما كانت مُعادية لنا إلاّ إنني أقف مُستغرباً وحائراً ومذهولاً عندما أرى شعوبنا العربية وهي تُساق لما يُريدهُ تلامذة غوبلز وأخوان الصحاف من الحكام العرب والمؤسسات الطائفية الحاقدة دون عقل أو حكمة إلى درجة أصبح فيها الأردني " رائد البنا " شهيداً بطلاً تُقام على روحه مجالس العزاء لأنه قتل العشرات من المسلمين الشيعة المدنيين العزل في مدينة الحلة وكأنه نسي أو تناسى المعزين على روحه النجسة بأن الكيان الصهيوني لا يبعُد عنهم إلاّ كيلو مترات قليلة .............. ( بقلم / أحمد رضا المؤمن )

إشتهر "غوبلز" وزير الإعلام الألماني النازي في عهد الطاغية الشهير هتلر بمقولته التي أصبحت مبدءً إعلامياً مُهماً تعتمدهُ مُعظم الحكومات والأنظمة في العالم عندما قال : " إكذب ثُم إكذب ثُم إكذب حتى يُصدقك الناس ". إذ أن هذا المبدأ لقي رواجاً مُنقطع النظير في العالم المعاصر وخصوصاً من قبل حكومات وأنظمة دول العالم عموماً ، وإستمر نجاح هذا المبدأ بشكل طردي مع جهل الشعوب وأحادية مصادر المعلومة وقصر النظر التحليلي للحدث العالمي والمحلي.

ويعتمد نجاح هذا المبدأ على آلية تكرار المعلومة بأكثر عدد مُمكن من المرات لحين ترسيخها ــ المعلومة ــ بغض النظر عن صحة أو سلامة مضمونها . إذ أن من شأن آلية التكرار والترسيخ جعل كُل مُستحيل مُمكن حتى لو قال أحد ما ممّن يُتقن فن التكرار و ( الترسيخ الغوبلزي ) أن يقول بأن بإستطاعته الطيران مثلاً !! ولهذه الآيدلوجية ( التكرار والترسيخ ) عناصر تؤدي إلى نجاحها تتمثل بأن يحمل الخبر الكاذب المراد تسويقهُ إعلامياً حسب النظرية الغوبلزية نسبة من الصدق أو المعقولية ضمن مجموع عناصر الخبر الكاذب بحيث يسهل على الكاذب تسويقهُ على أكبر عدد مُمكن من المتلقين إعلامياً وبشتى الصور ولكن طبعاً فإنه ومهما بلغت مهارة أتباع مدرسة الإعلام الغوبلزي فإنه لا يُمكن لهُم النجاح مع أوساط تمتلك آيدلوجيا وثقافة مُتغايرة يُمكنها كشف وتعرية جميع أو مُعظم أساليب هذا النوع من الإعلام إستناداً إلى مفهوم ( حبل الكذب قصير ) .

ومن ذلك نستذكر ما كان عليه حال الشعوب العربية المغلوب على أمرها والغارقة في جهل العبودية للحُكام والطائفية المقيتة والقومية الشوفينية كيف أنها أضحت ألعوبة بيد أجهزة الإعلام الصدامية ومن سار في فلكها من القنوات العميلة والمرتزقة عندما كان صدام ومن خلال ( غوبلز عراقي بعثي ) جديد إسمهُ " مُحمّد سعيد الصحاف " يعتمد أسلوب والترسيخ في عقول هذه الشعوب المسكينة فكرة إمكانية إنتصار صدام وقوته وأتباعه والشجاعة الصدامية البعثية التي أسقطت طائرة أباتشي بحفنة تُراب وحصى أو إطلاقة واحدة من بندقية فلاّح نوع ( سيمينوف )..

إنها عين النظرية الإعلامية الغوبلزية التي جعلت العالم العربي يعتقد بأن صدام سوف يهزم أسياده الصّهاينة بصواريخ الخلّب وأنهُ راعي حقوق الشعوب وحامي البوابة الشرقية للأمة العربية ..لقد كانت مُنذ القدم ولا زالت الشعوب العربية تُعاني من خطر فايروس الإعلام الغوبلزي الصحّافي الذي جعل منا ألعوبة بيد أجهزة التخطيط الغربي والصهيوني .

ومرجع ذلك أولاً وأخيراً هو الخلفية الفكرية السوداء والإزدواجية التي يُعاني منها المواطن العربي والتي يُمكن تشخيصها بالفراغ الفكري الناضج والمؤهل الذي يُمكنهُ دعم وتقوية وإستنهاض تطلعات هذه الشعوب إلى واقع أفضل من الواقع المأساوي الإستهلاكي الذي هي عليه الآن ، فلا زالت الشعوب العربية أسيرة خطاب الصحافيون من حكامها الذين أتقنوا اللّعبة وتخرجوا منها بإمتياز في مدارس الماسونية العالمية.ولا زالت هذه الشعوب رهينة الإعلام والخطاب الطائفي المتحجّر الذي يغذيهم به رجال الدين ومن تبعهم المؤسسة الحكومية والإعلامية وغيرها تلك التي تُسمّي القتيل الفلسطيني شهيداً ولا تسميه كذلك إذا كان من العراق وبالخصوص إذا ما قتلته عصابات النواصب والتكفيريين.

أي أن المشكلة ــ كما أرى ــ لم تُعد مُنحصرة بالإعلام الغوبلزي الصحّافي فحسب بل تتعداه إلى مُشكلة قذارة الخلفيات والآيدلوجيات التي تنطلق منها مُعظم مُتبنيات هذه الشعوب وما يُراد لها أن تقوم به من أدوار خطيرة أصدق ما توصف به بأنها عملية وإنتحار ذاتي.وبذلك فإنه يُمكن التأكيد بأن العلاقة بين المتآمر ( الجهاز الإعلامي ) والمتآمر عليه ( الشعوب العربية ) أصبحت مُتوافقة ومُتلائمة فالأول لهُ أهدافه التضليلية والتحريفية الخبيثة والثاني يستقبل هذه الأهداف برحابة صدر وتقبل كبير لأنها تجد تطابقاً يكاد يكون بنسبة عالية جداً مع أهداف الآيدلوجيات الطائفية الحاقدة لهذه الشعوب.

وأخلص القول بأن الباحثين وأصحاب الفكر الإعلامي وعلم الخطاب والحوار الحضاري في خصوص منطقة الشعوب العربية يجب أن يولوا أهمية بالغة أولاً وقبل التخطيط لآليات التعاطي الإعلامي . كيف يتعاملون مع المقابل من الشعوب العربية التي تُعاني من أزمة في ضبابية الرؤية أو الحـوَل في تشخيص العدو الحقيقي وفايروس الحقد الطائفي الأسود الذي أوقع ويوقع كُل يوم هذه الأمة في مُستنقعات ماسونية صهيونية . فمن دون إيجاد هذه الآليات والعمل بها لا يمكن الحصول على نتيجة إيجابية يُمكن الإطمئنان من خلالها بأن رسالة الإعلام في المنطقة العربية قد تؤتي أُكلها بعد حين في رفع ودفع المستوى الحضاري لشعوب هذه المنطقة المنكوبة فكرياً .

أنها مأساة فكرية إعلامية تُعاني منها الأمة الإسلامية عموماً والعربية خصوصاً مُنذ القدم تحتاج إلى إعلام حكيم وحِكمَة إعلامية شبيهة أو أكثر بقوة الإعلام الغربي المضاد الذي لهُ أجندتهُ الخاصة به والذي لا يُمكنني أن أقف موقفاً مُستغرباً تجاه أجندته مهما كانت مُعادية لنا إلاّ إنني أقف مُستغرباً وحائراً ومذهولاً عندما أرى شعوبنا العربية وهي تُساق لما يُريدهُ تلامذة غوبلز وأخوان الصحاف من الحكام العرب والمؤسسات الطائفية الحاقدة دون عقل أو حكمة إلى درجة أصبح فيها الأردني " رائد البنا " شهيداً بطلاً تُقام على روحه مجالس العزاء لأنه قتل العشرات من المسلمين الشيعة المدنيين العزل في مدينة الحلة وكأنه نسي أو تناسى المعزين على روحه النجسة بأن الكيان الصهيوني لا يبعُد عنهم إلاّ كيلو مترات قليلة .

وهكذا الحال بالنسبة للفلسطينيين الذين إعتبروا مُجرماً سفاحاً تافهاً مثل " أبو مُصعب الزرقاوي " ( شهيد الأمة !!! ) أما من قتلهُم ( شهيد الأمة .. ) فلا قيمة لهُم ولا لدماءهم .ولا ننسى الحملة الكبيرة من التباكي على ما أصاب الطفلة الفلسطينية " هُدى " والتي قُتل جميع أفراد أسرتها في قصف مدفعي صهيوني عندما كانوا يتنزهون على ساحل البحر إلى درجة تسخير فواصل وفلاشات توضح مظلومية " هُدى " أما الآلاف من أمثال " هُدى " من العراقيين والذين لا يعرفون أدنى سبب لما يصيبهم إلاّ الأحقاد الطائفية السوداء التي أصابت عدواها قناة الجزيرة ومن على شاكلتها .

إنها عين مُشكلة الحول في الرؤية الفكرية التي تسببت بالخلل الفكري والإعلامي والذي أنتج نماذج مُشوهة من أمثال الصحّاف . ولكن لماذا لا يُمكن إصلاح هذا الخلل وذاك .؟!!هُنا لا أجد جواباً أبلغ من المثل العربي القائل " فاقد الشيء لا يُعطيه "

أحمد رضا المؤمنباحث وكاتب إسلامي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك