المقالات

الأمم المتحدة ودورها المفترض في العراق


( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )

تميز المشهد العراقي منذ بدايات العقد الثامن من القرن الماضي وحتى اللحظة الراهنة بالاحتقان السياسي وصناعة الأزمة وفقدان الاستقرار الامني والاقتصادي والميداني الى الحد الذي جعل من الدولة العراقية وكأنها مصنع لأنتاج الحروب والمعارك والتوترات الحادة داخل المنظومتين الاقليمية والدولية حتى بدت مقولة (حرب تلد اخرى) وكأنها صممت وفقاً للقياسات العراقية بما افرزته العقود الثلاث المنصرمة.

فالعالم بأسره يتذكر الحرب الشرسة التي اشعل فتيلها نظام البعث المقبور ضد الجارة ايران ولأسباب هو دون غيره عاد للتنصل منها اذ ان الحرب التي بدأت على اساس رغبة النظام المخلوع بالغاء اتفاقية الجزائر الموقعة بينه وبين الدولة الإيرانية في النصف الاول من عقد السبعينيات ما استطاعت سني الحرب التي امتد لهيبها الى ثمانية اعوام التهمت من خلالها مئات الالاف من ابناء شعبنا وما نمتلكه من ثروات وأثقلتنا بديون واستحقاقات خيالية مازلنا ندفع فواتيرها حتى الان انتهت الى حيث بقيت اتفاقية الجزائر التي ادخل النظام الصدامي العراق والمنطقة والعالم في اتونها عنوة دونما تغيير في الخارطة السياسية التي تقوم وفقها العلاقة بين الدولتين المتحاربتين، في نفس الوقت فإنه عجز بحربه تلك من تحقيق هدفه الثاني باسقاط النظام السياسي الذي كان فتياً انذاك في الدولة التي حاربها كل تلك السنين.

اننا هنا لسنا في وارد استعراض الأزمات والحروب والتوترات التي فرضها النظام المخلوع على العراق ودول المنطقة والعالم بقدر ما نريد ان نؤشر على الدور الحقيقي الذي اضطلعت به الامم المتحدة ومجلس الامن في العراق منذ ذلك الوقت وحتى الآن. فالحرب العراقية _ الإيرانية انتهت بالقرار الدولي 598 واحتلال الكويت رفضته هذه المؤسسة الدولية بالقرار 660 وتابعته بالقرارات 661 و662 و 663 وصولاً الى القرار 687 الذي انتهت بموجبه عملية الاحتلال البغيضة تلك، وهكذا توالت القرارات الدولية التي تحكمت بضبط ايقاعات المشهد العراقي خصوصاً القرار 986 الذي وضع العراق تحت الوصاية الدولية حتى لجهة تأكيد عدم أهلية نظامه السياسي بالتحكم في الثروة الوطنية للبلاد وانتهاءً بالقرارات التي تعدت ذلك لتصل سقف الثمانين بين قرار ملزم وآخر خارج البند السابع.

ومنذ قرار وقف اطلاق النار في العام 1991 وحتى اسقاط النظام البعثي صارت الامم المتحدة هي المسؤولة بشكل مباشر عن الاشراف على عمليات تسويق وبيع ثرواتنا وتأمين احتياجاتنا لغرض منع النظام السابق في ادخال المنطقة والعالم في ازمات اخرى مشابهة.

هذا المشهد الذي جعل من العراق دولة قاصرة ومن الامم المتحدة مؤسسة قيمّة انتهى ما بعد التاسع من من نيسان عام 2003 عندما انتهت مقاليد الامور الى معادلة سياسية عراقية جديدة جعلت من العراق البلد الديمقراطي الاول في المنطقة، لكنه بالتأكيد بقي يعاني من الموروث السيء الذي بقي العراق محكوماً اليه سواء على صعيد علاقاته السياسية والاقتصادية والأمنية ام على صعيد استحقاقات الهزائم والحروب العسكرية التي ينبغي بالدولة العراقية تسديد فواتيرها وفقا للأنظمة واللوائح الدولية.

ويكاد العراق الجديد ان يكون الدولة الاولى في المنطقة لجهة اظهاره القدرة السياسية في التخلص من تلك الاستحقاقات خصوصاً في مجالي الديون والعودة بعلاقاته الاقتصادية والدبلوماسية الى الحظيرة الدولية بزمن قياسي لكن ذلك بالتأكيد لا يعني الشطب على دور المؤسسة الدولية في المشهد العراقي انما الذي ليس مرغوباً فيه هو ان يصار الى تدويل القضية العراقية مرة اخرى. فالتدويل هو تعطيل للإرادة الوطنية التي تسعى لإعادة بناء دولتنا من جديد، وتفعيل دور هذه المؤسسة في المشهد العراقي انما هو تقديم العون وتأكيد الشرعية لنظامنا السياسي الجديد، لذا فإن أي دور للأمم المتحدة وفق الضوابط التي اشرنا اليها سيكون مرحباً به وتلك هي الواقعية السياسية لتجربتنا الجديدة التي فرضت احترامها على المنطقة والعالم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك