المقالات

مؤشرات مهمة لهزيمة "داعش" و"النصرة" في العراق وسوريا / بقلم : السيد عادل عبد المهدي


لم يكن اعلان "الدولة الاسلامية في العراق والشام" مجرد اسم بدون اهداف ومضامين.. بل يلخص الاسم كل مرتكزات الاستراتيجية التي ارادها "البغدادي" ومن هم وراء "البغدادي".. فالاسم يرسم الارض والسكان والقيادة (الخليفة) وفلسفة المشروع، ويرسم ادواته عبر اثارة الرعب والتموضع بين التناقضات، واستغلال اضعف الحلقات.. واكثرها مناسبة لتعبئة جمهور واسع بامكانه انجاح المشروع ، كما يراها اصحابه.. تصوروا انه يمكنهم محاصرة "الحكم الشيعي" والتدخل الصفوي، كما يصفون.. حيث يلتقي هذا الهدف مع اهداف قوى كثيرة داخلية وخارجية، تختلف عن "داعش"، لكنها تلتقي في متبنياتها السياسية مع هذه الاهداف جزئياً او كلياً. والامر نفسه في سوريا حيث سيلتف كثيرون حول الشعار المرفوع لمواجهة "سلطة الحزب الواحد" وسيطرة "العلويين" ومنع تدخلات "حزب الله" و"ايران" في الشأن السوري.

وبغض النظر عن طبيعة وتعقيدات الاوضاع في العراق وسوريا، لكن ما غفلت عنه "داعش" او "النصرة"، بانهما لا تتقدمان بمشروع يتجاوز او يتقدم اوضاع البلدين، لا من حيث المضمون ولا من حيث الاساليب.. ورغم الدعم الهائل المباشر وغير المباشر الذي تلقاه التنظيمان، الا ان الامور انقلبت علىيهما وعلى من اراد استثمار مشروعهما. فالقضاء على "الشيعة" او "ايران" او "حزب الله" او "العلويين" ليس مشروعاً ممكناً، تماماً كما ان القضاء على "السنة" او "الكرد" ليس مشروعاً ممكناً ايضاً. على العكس، فان اي مشروع من هذا القبيل سيقوي ويصلب المستهدَف، ليعود المشروع ويرتد على المستهدِف. وهو ما ظهر بالمقاومة الشجاعة والشرسة العراقية والسورية والتي اصبحت لها اثقال اقليمية وعالمية باتت قادرة على دحر التنظيمين في العراق والشام، او على الاقل تطويقهما والتقليل من ضررهما.

قد يكون هناك من شجع ولادة "داعش" و"النصرة" و"القاعدة" و"الارهاب"، او جاءت ظروف شجعت ذلك، لكنها في المحصلة تشكيلات ومجتمعات تستمد غذائها وحيويتها من اصول خاصة وفكر متكامل ابعد بكثير من معادلات مكان وزمان محددين بالذات. فنحن امام ظاهرة لها تاريخها وعمقها الخاص واستقلاليتها واهدافها التي تختلف عن الجميع، حتى وان التقت بالبعض مرحلياً او جزئياً. فالارهاب يكفر الجميع، ولا يقبل الا من يواليه.. وهو لا يقبل التعايش، وستقوده طبيعته للاصطدام عاجلاً او اجلاً مع الجميع، حتى مع من تعامل معه وشجعه. وهذا بالضبط ما حصل ويحصل.. فعندما حقق نجاحات في العراق وسوريا واماكن اخرى، فانه تصرف وفق طبيعته تلك التي لم تختلف عندما انطلق، ولن تختلف، والا سيحفر قبره بيده.. فهذه الطبيعة هي مصدر قوته، وهي ايضاً مصدر ضعفه ومقتله. فبشاعة الاسلوب هي سلاح الارهاب، وهي لم ولن تختلف.. كل ما في الامر، ان العالم كان اقل مبالاة عندما كانت تصيب اخرين، ويفسرها بصراعات شيعية وسنية، او صراعات مناطقية، بينما الحقيقة هي الارهاب اعم من ذلك بكثير. وكلما اوغل الارهاب في جرائمه، ووسع دائرة عدوانه، كلما ازداد الوعي حوله، وازدادت الاجراءات الجدية والشكلية، لمواجهته ولتوحيد الصفوف للقضاء عليه.

لذلك عندما تغير "داعش" اسمها الى "الدولة الاسلامية" فلانها بدأت تخسر في الارض والسكان في العراق، وانتقلت من الهجوم والتقدم تماماً الى الدفاع والتراجع اساساً.. وعندما تغير "جبهة النصرة" اسمها الى "فتح الشام"، وتنشر علناً انفكاكها عن "القاعدة"، وتغير قواعد عملها لتحصل على مقبولية "دولية"، يمكن ان تخرجها من معادلة الارهاب في اطار المعادلة السورية الحربية او التفاوضية.. اذا فكر التنظيمان ان هذا مجرد تغيير اسم ومجرد تكتيكات، فانه سيمثل بالنسبة لـ "داعش" و"جبهة النصرة"، فشلاً استراتيجياً، سيظهر على مقاتليها وتوجهاتها والذي سيخترقها بانشقاقات وعملية تراجع، شاءت ام ابت. فلدينا من التجارب العالمية والتاريخية الكثير من المنظمات التي ادعت تغيير طبيعتها ونواياها تكتيكياً، فلم تخفِ لا ازماتها ولا انقساماتها، ولم تخدع سوى نفسها، وانتهت بتغييرات استراتيجية اصابتها بطعنات قاتلة في جوهر مشروعها.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك