المقالات

الدولة البرلمانية.. والكتلة الحاكمة


( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )

تتوزع الانظمة السياسية القائمة في العديد من الدول بين ما هو نظام عسكري جاء نتيجة استخدام القوة العسكرية للاطاحة بالنظام الذي سبقه وبالتالي يكون قد اخضع بلاده بأنظمتها وقوانينها وقراراتها الى منطق الثكنة كما هو في العديد من الدول العربية وبعض دول شبه القارة الهندية وامريكا اللاتينية وبين ما هو نظام وراثي قبلي اسروي يستمد وجوده وشرعيته من الارث القيمي الاجتماعي الذي هو بمثابة الوجه الآخر لنظام القبيلة والمشيخة ليس فقط في عملية تنصيب الحاكم او تسميته، انما ايضاً في كل الآليات والسلوكيات والعلاقات التي يتطبع بها هذا النظام الذي تتواجد نماذجه في بعض مناطقنا العربية والخليجية منها على وجه الخصوص وكذلك في دول اخرى، بيد ان هذا الوصف لا يعني بالضرورة الانتقاص من نظام كهذا خصوصاً بعد ان اثبتت العديد من هذه الانظمة اهليتها لقيادة بلدانها واعمارها وتطويرها كما هو الحال في دولة الكويت والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وقطر والبحرين وفي الاردن بدرجة او باخرى، بل اننا عندما نذكر هذا النوع من الانظمة انما يأتي ذلك من باب الاستعراض الواقعي للنماذج التي اشرنا اليها.

وفي هذا السياق يبرز النظام الديمقراطي كواجهة باتت تمثل الرغبة الحقيقية للشعوب خصوصاً تلك التي تتميز عن غيرها بالتعددية السياسية والاثنية والعرقية والفكرية، حيث اثبت هذا اللون من الانظمة بأنه صمام الامان للحفاظ على الوحدة الوطنية وابعاد شبح التشظي او التوزيع الكانتوني للوطن الواحد على اسس عنصرية او طائفية، ولعل اهم ما يميز هذا اللون من الانظمة انه يستند في آلياته وطبيعته الى الكتلة الحاكمة او الكتل المعارضة او المتآلفة وكما هو قائم حالياً عندنا في العراق حيث يمثل الائتلاف العراقي الموحد الكتلة الاكبر التي اهلتها مقاعدها البرلمانية لقيادة البلاد وفقاً للاستحقاقات الدستورية ولما افرزته العملية الانتخابية من نتائج وكذلك من خلال عقد الشراكة الذي ابرمته مع الكتلتين الاساسيتين المتمثلتين بالتحالف الكردستاني وجبهة التوافق العراقية.هذا اللون من الانظمة السياسية ربما هو الوحيد الذي بامكانه ان يضبط ايقاعات السلطة التنفيذية باعتبار ان الحاكم ليس الفرد بشخصه او بحزبه انما بالكتلة التي ينتمي اليها فهي القادرة على عزله او الرغبة في ابقائه وبذلك يكون هذا اللون من الانظمة السياسية قد نأى بنفسه من هيمنة الشخص الحاكم وحتى من الحزب الحاكم فيما اذا كانت الدولة البرلمانية فيها من المقاعد البرلمانية المعارضة ما يكفي لتشكيل ائتلاف معارض يدعو الى سحب الثقة من الحاكم غير المرغوب فيه.

الجانب الآخر في هذه المعادلة هو ان رئيس السلطة التنفيذية في النظام البرلماني لا توجد امامه مجالات للخروج عن جادة كتلته فهو المسؤول الاول لجهة تنفيذ البرنامج السياسي والثقافي والخدمي الذي تقدمت به الكتلة للناخب وبذلك فان رئيس الحكومة لا يعدو كونه الحارس الامين على متبنيات كتلته والا فان الكتلة ستضطر لاعتماد صيغ اخرى من شأنها ان تضمن لها وللناخب نجاح مشروعها وبرنامجها الذي يكفل لها اعادة انتخابها في الدورات المقبلة، وهذا ما تسعى التجربة العراقية الحديثة لتكريسه وتجذيره بكل تأكيد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك