المقالات

خطوة نوعية وتاريخية في استثمار الثروة الغازية

2431 14:05:23 2016-03-24

تلقيت خلال الايام القليلة الماضية الكثير من التبريكات والتهاني بمناسبة تصدير اول شحنة من مشتقات الغاز (البنزين الطبيعي) والتي ستليها بالطبع شحنة اخرى في اوائل الشهر القادم، وهكذا تباعاً.. ويجري العمل لتهيئة خزين وشحنات من الغاز السائل (LPG) تمهيداً لتصديره ايضاً. والحقيقة ان التهنئة يجب ان توجه لكوادر الوزارة من عمال ومنتسبين وكوادر عليا ووكيل الغاز وبقية الوكلاء والمدراء، والشركات وخصوصاً شركة غاز البصرة بمن فيهم شركائنا "شل" و "ميتسوبوشي".. بل ان التهنئة يجب ان توجه لمن سبقنا في المسؤولية. فهذا جهد جماعي وكبير استطاع ان يخطو خطوة اولى، لكنها نوعية، لتجاوز معضلة تاريخية عانى منها العراق طويلاً.. وهي هذا الهدر العظيم لثرواته من جهة،

ومن جهة اخرى الخراب الذي يحدثه حرق الغاز للبيئة والصحة العامة وزيادة معدلات الاحتباس الحراري التي تؤثر على الطبيعية الكونية كلها، اضافة لما يعنيه استثمار الغاز من تنويع واردات البلاد، ليس بتصدير الغاز فقط، بل بتوفيره اكثر فاكثر لتوليد الطاقة وللمواصلات والاستخدامات المنزلية والتدفئة، بل وامكانية استخدامه للتبريد ايضاً.. كذلك استخدامه لصناعات عديدة ومتنوعة، كفيلة بمفردها لو تحققت باطلاق نهضة حقيقية في شتى المجالات الصناعية والزراعية كالصناعات البتروكيمياوية وتفرعاتها الصناعية، وصناعات الاسمدة واثارها الزراعية، وقس على ذلك.

بدأنا العد التنازلي.. كنا نحرق 100% من الغاز المصاحب عند استخراج النفط.. في عملية معروفة حيث يتم فصل الغاز، ليرسل النفط الخام للمصافي والتصدير. فعملية حرق الغاز، بعد فصله، كانت هي الارخص والاسهل، اذ يتطلب جمع الغاز من كل بئر وحقل ونقله الى حيث يمكن معالجته اموالاً طائلة، وقرارات ليست اقتصادية فقط بل سياسية واستراتيجية ايضاً. اما اليوم فبدأنا بتحصين انفسنا، بحيث لم نعد نفكر باستخراج النفط دون التفكير باستثمار الغاز معه.. ومن هذا المنطلق تراجعت نسبة الحرق الى 45%، اي اننا نسيطر على 55% من الغاز المصاحب لنستخرج منه شتى المشتقات من الغاز الحر الذي نشغل به اليوم عشرات المحطات الكهربائية، والسائل الذي نعبئه في قناني للاستخدامات المنزلية والبنزين الطبيعي الذي يستخدم لتشغيل السيارات بدلاً من البنزين، والايثان للصناعات البتروكيمياوية والميثان لصناعات الاسمدة، والكثير غيرها. لذلك سنستمر في خفض نسب الحرق وتعظيم الثروة الغازية المتأثية من الغاز المصاحب... فالنفط والغاز يشكلان اليوم 50% من مصادر الطاقة المستخدمة في العالم.. والعراق يمتلك الاثنين، وهذه قدرة وقوة له.. بل ان بعض الاطروحات في قمة الغاز التي عقدت في طهران مؤخراً رأت ان مزاوجة استثمار الغاز والنفط سيعني الاستثمار الافضل الذي يسمح للنفط ان يكون اكثر صداقة للبيئة وبما يزيد من عوامل تنافسيته واستخداماته.

كل ما تقدم هو الرؤية الايجابية والمتفائلة، اما الرؤية الاخرى فان الاعتماد فقط على الغاز المصاحب سيعني بالضرورة قيداً وسقفاً محدداً.. فحتى لو استثمرنا كل الغاز المصاحب فاننا لن نحصل بمعدلات الانتاج الحالية للنفط سوى على 3000 مقمق (مليون قدم مكعب قياسي).. وحتى لو ارتفع انتاج النفط في العقد القادم الى 6-7 م.ب.ي فان كميات الغاز التي يمكن استخراجها لن تتعدى 4000-5000 مقمق.. وهذا تقدم كبير، لكنه تقدم محدود وسقف واطىء لا يجعل العراق بلداً غازياً متقدماً.. من هنا اهمية المساعي الجارية حالياً بالتعاون مع شركائنا لوضع خطة شاملة (Master plan) لعموم البلاد، لنحقق اعلى استثمار واقل هدر.. والاهم من ذلك ان نبدأ بعملية واسعة لاستثمار "الغاز الحر" الذي يشكل 25% (32.7 ترليون/قدم/مكعب) من مجمل احتياطات الغاز لدينا، والتي نتوقع ان ترتفع مع عمليات الاستكشاف الجديدة.. علماً ان قدرتنا لاستثمار الغاز الحر كانت ستتزايد لولا الاوضاع الامنية في كل من "عكاس" و"المنصورية" وغيرهما.

عادل عبد المهدي
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك