المقالات

لنجعل من الخالة أم فراس نموذجاً للوحدة الوطنية


( بقلم : عبد السلام الخالدي )

هذه الحكاية حقيقية وواقعية ومن دون أي تزويق أو مرسومة من نسج الخيال: الخالة أم فراس إمرأة أربعينية ذات وجه سموح ، طيبة القلب، حسنة الأخلاق، تعيش مع زوجها وأبناءها في حي متجانس من كل الطوائف والمذاهب لم يسجل فيه أي خرق طائفي أو عرقي لاسمح الله منذ سقوط الطاغية والحمد لله، تنتنمي إلى مذهب وزوجها إلى مذهب آخر ومتعايشين بسلام وأمان، تمتلك الخالة أم فراس أسواق نستطيع القول عنها أكبر اسواق في المحلة تعتاش منها وتوفر اللقمة الشريفة لأفراد عائلتها، أم فراس تعامل جميع شباب المحلة وكأنها أمهم تتحاور معهم بكل طيبة وحنية وأخلاق، تناديهم (هلة بيك ماماتي)، تعطف على الصغير وتقول له وليدي تحترم الكبير وتناديه (خوية)، علاقاتها طيبة مع الجميع، لم نسمع يوماً أن أم فراس قد زعل منها أحداً أو زعلت من أحد، تتحول أسواق أم فراس ليلاً إلى قبة برلمان مصغرة يجتمع فها الشباب والكبار يناقشون أوضاع البلد اليومية ومايتعرض إليه من هجمات شرسة تحاول النيل من وحدته الوطنية وصفه المرصوصيشاركنا بعض الأحيان السابلة المتبضعون فمثلاً يأتي رجل بسيط يشتري كيساً من الشعرية لإعداد الشوربة لوجبة الفطور ويشارك في الحديث، لم نتطرق يوماً ما في نقاشاتنا السياسية إلى مصطلح سنة وشيعة أو أكراد وعرب (هذه حقيقة وبلا مبالغة) لأن هكذا موضوع عيب التطرق إليه وحتى غالبية المجتمعين لم يعرف مذهبية الآخر أو قوميته، الحوارات هادئة وغير متشنجة مع عدم المساس بأي شخصية دينية أو سياسية وتقود هذه الجلسات الخالة أم فراس. لم نجد يافتة معلقة على جدار الأسواق كما نراها في غالبية المحلات (الدين ممنوع) فبالعكس الدين مسموح ومسموح جداً، تراعي الحالة المعيشية لكل عائلة من خلال إلمامها حيث تكاد تكون أم فراس من أقدم العوائل الساكنة في المحلة، تساعد من يحتاج المساعدة وتستخدم سيارتها الخاصة لذلك، تتزاور مع كل أهالي المحلة في المناسبات المفرحة والمحزنة وتعرض خدماتها عليهم.

ذات يوم جلست الخالة أم فراس صباحاً كعادتها فوجت ورقة ملفوفة بطريقة غريبة في باحة دارها المجاورة للأسواق، محتوى هذه الورقة هو التهديد بمغادرة المحلة فوراً مع عدم السماح لحمل الأمتعة والأغراض، إستغربت المحلة قبل أن تستغرب أم فراس من هذه الحركة الدنيئة فهل هي حقيقة أم مزحة (الله أعلم) هذا مالم يكن في الحسبان أن تهدد الخالة أم فراس بالرحيل من المنطقة وقد تعودت كل العوائل التبضع من هذه الإنسانة الخلوقة، واين سيذهب الشباب ليلاً ومع من سيفتحون أبواب النقاش والحديث عن هموم الوطن ولم تخلو أحاديثنا اليومية عن مايحصل في بعض المناطق من تهجير وقتل حيث كانت أم فراس من أشد المعترضين على هذا الإسلوب الرخيص والقذر فلم تكن تتوقع أن تمر بهذا الموقف ولم نتوقع كسكان لهذه المحلة المتجانسة أن يدخل محلتنا الإرهاب والعصابات التكفيرية والصدامية، أبت الخالة أم فراس الرحيل وقررت التحدي فجميع أهالي المنطقة أكدوا وقوفهم معها إلى لآخر المشوار مع التأكيد على أن المحلة خالية من هكذا نماذج.

قبل ثلاثة أيام إتصلت بالبيت لأمر هام فقالت لي زوجتي خالة أم فراس إنطتك عمرها فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم الذي حصل لها لم تستحمله فكانت صدمة قوية على قلبها فلم تستحمل وفارقت الحياة، ردت عليّ زوجتي أم فراس قتلت، كيف؟ ياللهول، ومن الذي قتلها؟ أي مجرم يتجرأ على فعل هذه الجريمة النكراء والبشعة؟ أم فراس تقتل؟ ولماذا؟ قالت زوجتي ظهر اليوم دخل ثلاثة مسلحين ملثمين إلى الاسواق المكتظة بالمتبضعين من أطفال ونساء ورجال وأطلقوا عليها وابلاّ من الرصاص من بنادقهم المليئة بالحقد الدفين على وحدة وتماسك الشعب العراقي، قتلوها وهي صائمة، قتلوها وحفيدها الوحيد بين أحضانها فتناثر دمها الطاهر على وجهه البريء.

وهنا حاولت الحصول على ماكان يراودني سابقاً ولم أتجرأ أن أسأل به الخالة أم فراس أو أي أحد آخر في المنطقة لأن بمجرد التفكير بالسؤال في هذا الموضوع في محلتنا سيعرضك للنقد الجارح، سألت زوجتي هي أم فراس الله يرحمها سنية لو شيعية؟ فأجابت زوجتي أم فراس .........!!!. رحم الله أم فراس رمز الوحدة الوطنية في محلتنا.....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو يوسف
2007-10-06
رحم الله ام فراس و اسكنها فسيح جناته لعن الله مثيري الفتنه و الطائفيين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك