المقالات

منطقنا الاقتصادي.. كرصة خبز لا تثلمين، وباكة فجل لا تحلين، واكلي لما تشبعين.

2048 00:30:21 2015-12-13

انخفض سعر "برنت" مرة اخرى الى 37 دولار/برميل.. ورغم ارتفاع الصادرات لمعدلات قياسية لم تشهدها البلاد سابقاً.. الا ان ما دخل العراق من واردات نفطية في شهر تشرين الثاني الماضي كان بالضبط 3.667  مليار دولار، بما فيها مستحقات الشركات، وذلك كله من المنافذ الجنوبية فقط، اذ لم نستلم شيئاً من المنافذ الشمالية.. وهذا المبلغ لا يكفي حتى لسد الفقرات الاهم في الموازنة التشغيلية، اما الموازنة الاستثمارية فهي لا يمكن تغطيتها الا بالاقتراض والعجز.. رغم ذلك ما زالت النقاشات والشعارات المرفوعة تدور في اعمها الاغلب خارج المعالجات الجدية، غير مدركين ان مرور الوقت دون قرارات جادة، يعني بالضبط قرارات تؤكد استمرار حالة التجهيل والتواطؤ. فاي نقاش لا يتناول تخفيضاً حقيقياً وعملياً في النفقات، او زيادة حقيقية وعملية في الموارد فهو نقاش غير جاد.

ولتخفيض النفقات هناك ثلاث ابواب اساسية.. الاول باب الهدر والنفقات غير الضرورية، والثاني المستحقات والرواتب والاجور وارزاق الناس، والثالث الالتزامات الخارجية او الداخلية من سياسات دعم وضرورات حرب وامن وصحة وتعليم وخدمات اساسية، الخ. وان انخفاض الموارد قد دفع الجميع للقبول بابواب موازنة انخفضت للنصف تقريباً، ولسان حالنا يقول "مجبر اخاك لا بطل"، بمعنى ان الظروف قادتنا لاعمال التخفيض وليس منطق الرشد اساساً. فلقد ارتفعت النفقات خلال الفترات الماضية بشكل جنوني، ورتبت "حقوقاً" وملاكات ومباني مشوهة وغير سليمة في مجمل النفقات وبكافة ابوابها، بسبب الاموال السهلة للنفط والتي صار من الصعب التراجع عنها، وهي واحدة من اهم المفاسد التي قادت اليها السياسات وسوء الادارة التي تم تبنيها قبل وبعد 2003. وهي كذلك من اهم العقبات امام اصلاح اقتصادي حقيقي في البلاد.

اما بالنسبة للموارد، فاما ان تأتي  من زيادة انتاج النفط او اسعاره، او من القروض والمنح، او من استثمار الموجود من رأسمال بشري وطبيعي وموجودات واصول معطلة تمنعنا سهولة اموال النفط من رؤية اهميتها وما يمكن ان تغيره من مسارات. اننا نعمل على زيادة انتاج النفط والغاز رغم الاسواق الصعبة والمنافسات القاسية، واهمال البنى التحتية لعقود طويلة، وكثير من الصعوبات الاخرى المتعلقة بنا وبالشركات العاملة معنا.

اما اسعار النفط والتي كشف انخفاضها عوراتنا، فانها امر خارج ارادتنا بشكل كبير. يبقى موضوع القروض.. فرغم ان حركة الاقتصاد تقوم كلها على المصارف وتوفير القروض اللازمة.. الفارق هو بين قرض يستخدم لمجرد الاستهلاك والعبث والحروب ليولد مجرد اعباء والتزامات تسترق العباد والبلاد، كما حصل في ظل النظم السابقة، وتراكم اكثر من 120 مليار دولار لم نتخلص من حوالي 90% منها الا بعملية معقدة، مع استمرارنا بدفع الباقي ليومنا هذا.. وبين قروض تستخدم لتحقيق الارباح والمنافع القادرة على سداد الدين وتعظيم الموارد، وهي موارد طبيعية يمكن، ويجب، الاستفادة منها، لكن برشد وانتاجية. اما ازمة الاقتصاد الحقيقية والمخرج الاساس لها فيكمن في الموضوع الاخير، وهو استثمار مواردنا البشرية والطبيعية والتاريخية والحضارية والدينية والجغرافية، وهو ما تستمر الدولة وقوانينها وضوابطها وتعليماتها واجراءاتها وهيئاتها ومحاكمها بغلق معظم الابواب بوجهه. فبدل ان نحرر النشاط الاهلي الفردي والجماعي من قيود النظم والتشريعات والاجراءات التي قادتنا وتقودنا الى مأزقنا الراهن، فاننا ما زلنا اسرى لها لتستمر النقاشات بمنطق "كرصة خبز لا تثلمين، وباكة فجل لا تحلين، واكلي لما تشبعين"


عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك