المقالات

بغداد؛ هل غَرَقَت أم أُغْرِقَت؟! قاسم العجرش

2036 09:19:23 2015-11-06

قاسم العجرش

    توفر الكوارث والنكبات التي تمر بها الشعوب والأمم، فرصا نادرة لإصلاح البناءات المخطوءة في واقعها، وتصحيح مسارات شؤونها المختلفة، وإعادة ترتيب أوضاعها، بشكل يؤمن غدا صالحا للعيش الكريم.

   تبرز قضية إنزلاق المسؤول، نحو تبرير الفشل أو رمي المسؤولية على الآخرين، كأمر يعطل الإصلاح ويشتت الجهد،  وفي هذا الصدد، فإن الحكومة التي لا تمتلك شجاعة الاعتراف بأخطائها، هي اقرب للفشل منه الى النجاح.

   إن الاعتراف بالخطأ عند حدوثه، ييسر مهمة إصلاحه، ويقود الى اتخاذ ما يلزم لتجاوزه، أو محاسبة مرتكبيه، وإذا جاء الاعتراف بعد استفحاله وتموضعه، وتحوله الى واقع معاش، فإن المعالجة تصبح صعبة جدا، وستكون شبه مستحيلة؛ اذا كان الاعتراف بالخطأ، بعد مغادرة المسؤول لموقع المسؤولية وتركها لغيره، وعند ذلك يتحول الاعتراف بالخطأ؛ الى فلسفة تبريرية.

   لا معنى عملي للاعتراف بالخطأ اذا جاء متأخرا،  أو بعد مضاءه  وإسحكامه، وسيتحول الى ضرر على مسيرة بناء دولة المؤسسات، التي يراد لها ان تقود حركة المجتمع..مكمن الضرر في إضاعة الوقت، الذي كان يمكن استغلاله لتدارك الأخطاء، والوثوب الى موقع العمل الصحيح.

   يكشف إعلان الأخطاء بعد مغادرة المسؤول، لموقع السلطة او المسؤولية، عن جملة من الافتراضات، اغلبها تنتج أخطاءا أخرى، وتفاقم الموجود منها الى حد الاستفحال، ومنها إشاعة روح الانتقام، بدلا من روحية الإصلاح، وإذا كانت المحاسبة؛ تقتضي عدم التهاون إزاء المخطئين؛ لحفظ الحقوق العامة، لكن عدم التهاون؛ ينبغي ان يكون هدفه الإصلاح والتصحيح.

   قبالة شيوع روج الإنتقام، فإن شيوع روحية المحاباة، والترضية السياسية لهذا الطرف او ذاك، توفر بيئة ساكتة عن أخطاء المسؤولين، والتغطية على فسادهم المالي والإداري، وذلك هو الفساد السياسي بعينه، الذي يفضي الى تراكم الأخطاء الإدارية وعدم معالجتها، ما يضيع على البلاد، فرصا نادرة هي أحوج ما تكون إليها، بمقارعتها للوقت لطي مراحله، التي سببها الإهمال للتراكم والمتعمد لتطويره وبناءه.

    إن كارثة غرق العاصمة بغداد، ومدنا أخرى في وسط وجنوب العراق، يجب أن تكون منطلقا لإعادة البناء على الصحيح، الموجود في تجربتنا وتطويره، وتنحية الأخطاء وتجاوزها، والشروع بنهضة تصحيحية، وبإعادة بناء ما جرى تخريبه، إن كان على صعيد البنى التحتية، أو القوى البشرية التي أستفحلت بها أمراض الفساد، وإصلاح ما يمكن إصلاحه من الإدارات المسؤولة، والتخلص من تلك التي فقدنا الأمل بإصلاحها، عبر بوابات الطرد والتنحية، والعزل والمحاسبة، بل والسجن وفقا للقوانين النافذة!

   إن السكوت عن أخطاء المسؤولين الجسيمة وتبريرها، يعد أكثر خطرا من الإرهاب، لأنه يوفر الأرضية الخصبة لإشاعة الفساد المالي والإداري، كما يعد ترك المخطئين يعمهون بأخطائهم، ومن كافة مواقع المسؤولية، وعلى الأخص المفاصل العليا منها، دون مراجعة او محاسبة، يتبرقعون ببراقع الوطنية، متمترسين بمتاريس صلاحياتهم الإدارية والوزارية، مخفين جرائمهم بحق الشعب، والمتمثلة بإضاعة فرص التقدم والتلاعب بالمال العام، يعد بحق اما اشتراكا معهم وفقا لتبادل المنافع، او التستر المتبادل على الأخطاء..والنتيجة مزيد من الإنهاك لحقوق العام.

كلام قبل السلام:ربما لا نعرف إلى أين سينتهي بنا المطاف، لكن على الأقل يتعين علينا أن نعرف أين وصلنا؟!  

سلام..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك