المقالات

عذرا لك ياأمة العرب.!

1616 18:12:41 2015-05-07

حين كنا أطفالا في المرحلة الإبتدائية كان المعلمون يلقنوننا أناشيد حماسية عن الأمة العربية وأمجادها بصورة مبسطة لكي تستوعبها عقولنا الصغيرة، ومداركنا المحدودة. وكنا نتحمس لقراءتها مع حركات المعلم المشوقة. ومنها الأنشودة الشائعة المعروفة لفخري البارودي التي يقول فيها:
بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدانِ
ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ
فـلا حـدٌّ يباعدُنا ولا ديـنٌ يفـرّقنا
لسان الضَّادِ يجمعُنا بغـسَّانٍ وعـدنانِ
ومن حق الشاعر أن يطلق خياله ويتغنى بامجاد وطنه رغم سجف الظلام. 

وحين انتقلنا إلى مراحل دراسية أخرى دفعنا الشوق والفضول لسبر أغوار (الرابطة الحميمة ) بين عدنان وقحطان وغسان وما قدمته لأمة العرب لنعرف من خلال التأريخ الذي نتغنى به ونفاخر به الأمم دائما. ولم نجد غير الكتب الدراسية . وأخذنا نقرأ في كتب المطالعة نصوصا وقصصا عن تأريخ العرب وقيمهم الأخلاقية العظيمة وكيف كانوا حماة ذمار، وأباة ضيم ، ودعاة شهامة ونخوة ومروءة وصدق وإباء وغيرها من الصفات الإنسانية رغم عبادتهم للأصنام. وكانت الأمثال تضرب بتلك الصفات الراقية مثل:(فلان منيع الجار وحامي الذمار.) حتى كان فيهم من يحمي الجراد فسمي (مجير الجراد.!!!) وكانت تلك المواضيع تشير إلى أن الله كان يحب العرب ولهذا السبب كرمهم بالقرآن الذي أنزله بلغتهم وأرسل إليهم النبي محمد ص الذي وصفه بالآية الكريمة :(وإنك لعلى خلق عظيم.) والذي قال لقومه : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.) . 

أي إن بعثته حدثت لإكمال تلك الفضائل التي كانوا يتصفون بها وفق ما كنا نقرأ ونتلقى من أساتذتنا. وكانوا يؤكدون دائما على إن أمة العرب هي خير الأمم وأعظمها خُلقا ، وأرقاها سماحة ونبلا بدليل الآية الكريمة:

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ.)آل عمران-110.

وكبرنا وكبرت معنا مداركنا ، وبدأنا نبحث عن كتب واقعية رصينة تتحدث عن تأريخ العرب فقرأنا من خلالها حقائق أخفتها عنا الكتب المدرسية وهي إن العرب في جاهليتهم لم يكونوا على تلك الصورة الوردية التي رُسمت لنا وإن الجاهلي الذي كان يملك المال والجاه شديد البغي يعتدي على من يراه في طريقه من الضعفاء ، ويبصق عليه دون أن يحاسبه أحد . وكان أحدهم يسعى لأن يتغدى بخصمه قبل أن يتعشى الخصم به . وكانت الحياة عبارة عن تنازع شديد على البقاء. ومن كان ضعيفا أكله الأقوياء. وعرفنا إن الإسلام جاء لإنقاذهم من عبادة الأصنام ومن تلك العصبية القبلية ، ومن عادات سيئة كثيرة من خلال آيات وأحاديث وشواهد كثيرة لامجال لذكرها في مقالة.وقرأنا خطبة الوداع التي قال في الرسول الكريم ص في فقرة منها:
(أيها الناس إن الله تعالى أذهب عنكم نخوة الجاهلية وفخرها بالآباء. كلكم لآدم وآدم من تراب ، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى. وإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا هل بلغت ،أللهم إشهد.) وكان النبي الكريم ص يعلم إن البعض من أعراب البادية سيرتد عن الدين الجديد الذي ضرب مصالحه في الصميم.

وتحرك دعاة العنصرية والعصبية الذين بقيت رواسب الجاهلية في أعماقهم المظلمة التي فاق ظلامها على الظلام نفسه ، وتمردوا على كلام الرسول ص بعد وفاته، وادعوا بأن الإسلام شن حربا على العرب وآلهتهم وكأن لسان حالهم كان يقول وإن لم يصرحوا علنا :
ماأجمل الفتنة العمياء حين تنشب أظفارها في لحوم العرب والمسلمين وما أروع نارها حين تحرق وتدمر أوطانهم حتى نتسلط عليهم مثلما كنا سابقا.فحياتنا لاتستقيم إلا بها.
ومرت العصور والأعوام والصراعات بين أبناء الأمة الواحدة تتفاقم على السلطة والنفوذ والأقوى يسعى للتحكم برقاب الناس تحت دعوات إسلامية مهلهلة. إلى أن أخذنا نشهد في عصرنا هذا فضائع وجرائم يندى لها جبين الإنسانية خجلا. يرتكبها من يدعي إنه عربي من أصل قحطان وعدنان وغطفان وعلى بني جنسه من العرب في معظم الأحيان وهو يدعي إنه من خلال تلك الجرائم سيقضي على نفوذ بني ساسان الذين هم أشد أعداء العرب والعروبة والذي تغلغل في أوساط المجتمع العربي.!!! وأدركنا إن هؤلاء الذين يدعون الإنتماء إلى أمة العرب هم أشرار وقتلة ومجرمون لايتورعون عن آرتكاب أبشع الجرائم ، وأكثرها وضاعة بآسم العرب والإسلام تحت صيحات ألله أكبر وتمولهم وتدعمهم أنظمة عربية تمجد ذلك الماضي وتفتخر به.
ومن مصائب هذه الأمه إن هذه الجرائم الكبرى يقترفها اليوم حكام يحكمون بلاد العرب ويدعون إنهم حماة لأوطانهم ، عذرا لك ياأمة العرب كم أنت جريحة.!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك