كان يوسف العظمة, وزيراً للحربية في سوريا سنة 1920, حينما أوعز الأمير فيصل - كان آنذاك ملكاً على سوريا بحل الجيش العربي السوري, إمتثالاً وطاعة لتهديدات و أوامر الجيش الفرنسي, الذي إجتاح بلاد الشام, وأصبح على مقربة من العاصمة دمشق.
العظمة, رد على الأمير فيصل ببيت شعري للمتنبي: (لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى..حتى يُراق على جوانبه الدم), وقرر خوض المعركة, دفاعاً عن شرف بلاده, رغم إنه لم يكن بجانبه سوى ألفين من المتطوعين السوريين, بأسلحتهم القديمة وتموينهم وتجهيزهم الضعيف, بمواجهة عشرات ألآلاف من الجنود والضباط الفرنسيين, المدججين بأحدث الأسلحة الرشاشة, والدبابات والمدرعات والطائرات. كان العظمة يعلم, والحال هذه, أن المعركة التي سيخوضها غير متكافئة, وخاسرة, ويعلم كذلك أنه مقتول لا محاله, ولكنه آثر خوض غمارها, لسبب وحيد, هو, أن لا يذكر التاريخ, إن الفرنسيين دخلوا دمشق من دون مقاومة.
مثال واحد من بين مئات الأمثلة, تذكرته وأنا أقرأ عن معركة ميسلون, وسقته هنا للإشارة, لقادة حفظوا شرفهم العسكري, وواجهوا أزيز الرصاص, ودوي المدافع, بصبر و شجاعة و إقدام, ودافعوا مع جنودهم حتى الرمق الأخير, عن تراب أوطانهم و كرامة شعوبهم. في المقابل هناك أمثلة كثيرة أيضاً عن قادة فاشلين, تركوا أثراً سيئاً, و ذكراً غير محمود, بعد إن خسروا المعارك, وسلموا الأرض و ما عليها إلى الأعداء. منهم من عاد وإسترجعها بمعركة أخرى فحفظ ماء وجهه, ومنهم من إنزوى بعيداً, وتوارى عن الأنظار, وهو يشعر بالفشل والخيبة والألم وتأنيب الضمير.
لم أسمع ولم أرى ولم أقرأ عن قائد, ترك جنوده في الميدان, وفر منهزماً دون قتال, ليعود لمدينته مكللاً بالعار, فيقيم في أكبر نواديها الترفيهية حفلاً صاخباً ومأدبة عشاء كبرى, بمناسبة زفاف ولده ..!, بينما جثث جنوده ما زالت طافية في النهر.
وصلت لمسامعي أخبار (لا أعلم إن كانت مؤكدة), مفادها أن السيد المالكي نائب رئيس الجمهورية, قد قام بتسمية, عبود كمبر, مستشاراً عسكرياً له !!..
https://telegram.me/buratha