جريدة القبس الكويتيه - العدد 14839
دعا الزميل السعودي حمزة السالم، في مقاله على الصفحة الأخيرة من «الجزيرة» السعودية، دعا المسؤولين للتخلي عن الوهابية، لأن الدعوة الوهابية قد وصلت إلى مرحلة متأخرة من المرض، فهي أشبه ما تكون في العناية المركزة من دون علاج. كما أنها موضع إتهام بسبب ما ينسب إليها من تطرف الحركات الدينية. وقال إن مدرسة الرأي والدين السياسي ليس لها جذور تقيها من العواصف والإنتكاسات، فهي مرتبطة بالأشخاص والحوادث المتغيّرة، فهي كنبتة البرسيم تنمو سريعاً وتزول سريعاً.
وطالب الكاتب قادة دولته بمواجهة الواقع لكي لا تفاجئهم الحقيقة المؤلمة، فالدعوة الوهابية أصبحت اليوم عبئاً، وتخلفت تخلفاً شديداً، بعد أن كانت مصدر قوة، كما تجاوزها التطوُّر الإنساني الهائل الذي حدث في العقود الماضية، وأن الإطالة في عمر الدولة القائم على تناقض الجسد والروح، قد خلق مشاكل داخلية عويصة في فكر وتركيبة المجتمع الإداري والإقتصادي والسياسي، لا تُحل إلاّ بالتخلّي عن الروح، وهي الدعوة النجدية. والتخلّي عن الدعوة النجدية مطلب كثير من السعوديين السلفيين، فضلاً عن غيره. إنتهي النقل
لست بحمزة السالم، ولا القبس بالجزيرة، ولا الكويت هي السعودية، ولكن مقال الزميل، الأول من نوعه في الصحافة السعودية، ما كان ليرى النور لو لم يكن هناك قبول من الجهات المعنية، وإن كانت السعودية قد بدأت ترسل الإشارة تلو الأخرى بما يفيد تململ معظم قيادتها من سابق تحالفاتها، فما الذي دفعنا نحن، الأحوج للإعتدال، لأن نسير عكس تيار العقل والمنطق؟ ولماذا تقوم حكومتنا، بالترخيص، في هذا الوقت بالذات، لثلاث جمعيات (دينية راديكالية)، غامضة الأهداف؟ فهل نحن حقا في حاجة لأنشطتها، وهي التي ستدار غالباً من أصحاب عقليات ربما عفا عليها الزمن وتجاوزها التأريخ، وأصبحت خارج سياق الأحداث المتسارعة التي تعيشها المنطقة. ويحدث ذلك في الوقت الذي تقبع فيه عشرات طلبات تأسيس جمعيات عصرية نحن في أمس الحاجة لها، في أدراج قريبة من سلال الزبالة.
لقد أصاب زلزال التطرف الديني دول العالم أجمع، والسبب هو جمعياتنا ومناهج مدارسنا وسياساتنا، فالكويت، كانت وربما لا تزال، مقارنة بحجمها، بسبب بعض مواطنيا، الأكثر نشاطاً في رفده بالمقاتلين، وبالتالي لم يكن غريباً قيام الولايات المتحدة بإدراج عدد من مواطنينا في قوائم الإرهابيين! وإن الإرهاب لا يمكن القضاء عليه أو إسكاته بسلاح سحب الجنسية ولا بالمال ولا بتوزيع الجواخير والقسائم الزراعية، ولا برحلات العلاج المجانية وغيرها من المنح والعطايا الحكومية، بل بإستراتيجية واضحة المعالم وبعد نظر، وبغير ذلك فإننا سنستيقظ يوماً، متأخرين، ونجد أن القطار الوحيد الذي كان من الممكن أن ينقلنا لعالم الحضارة والرقي والتقدم، وقبل ذلك للإنسانية، قد غادرنا .. إلى الأبد.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)