المقالات

المرجعية من الدولة العراقية الأولى إلى الثانية

1715 2014-09-10

لاينكر دور المرجعية في تأسيس الدولة العراقية الأولى في عشرينات القرن الماضي وانتشاله من الاحتلال البريطاني، ورعايتها للمجتمع العراقي دون التفريق بين مكوناته على الرغم من المساعي الماكرة لامتداد المؤسسة العسكرية العثمانية ومن يؤيدها من أعراب الجزيرة المبغضين للعراق في تهميش المكون الأكبر في تشكيل الوزارة الأولى بإعطائهم وزارتين غير فاعلتين من أصل إحدى وعشرين وزارة، وهو على خلاف الأصل الذي يقضي بمكافأة ثوار الوسط والجنوب في طرد الاحتلال وإرغامه على تأسيس الدولة العراقية.

ثم لتمد هذه الرعاية المرجعية نمو هذه الدولة في شواهد مرجعية كثيرة منها موقف مرجعية السيد محسن الحكيم في حفظ التماسك الاجتماعي بين مكونات الشعب في عهد الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم ورفض الحكيم الحرب ضد الكورد بدعوته إلى معالجة الموضوع بطرائق سلمية تحفظ الدم وحرمة الإنسان ومتعلقاته وكان للمرحوم قاسم الاستجابة لرأي المرجع الحكيم لاعتقاده بمصداقية وحنكة المؤسسة الدينية في النجف الاشرف وسداد حكمتها في معالجة الأمور... وغيرها كثير من الشواهد الممتدة مع امتداد الدولة العراقية وصولا إلى الدولة العراقية الثانية التي أعقبت سقوط صنم ساحة الفردوس عام 2003م والذي أنبأ بزوال حكم حقبة دكتاتورية عاثت فسادا بدماء العراقيين وخيرات العراق، وجعلته بمعزل عن العالم وفي صراع مع محيطه الإقليمي.

وقد أريد للدولة العراقية الثانية بعد معاناة ابنائها ان تكون أنموذجا لتحييد الدين أو راعية لمصالح لا علاقة للعراق برعايتها.
لكن ما فاجأ الولايات المتحدة هو وعي المرجعية متمثلة بمرجعية السيد علي الحسيني السيستاني عندما ركزت هذه المرجعية على حق كتابة الشعب لدستوره مما يؤدي إلى عدم الاغتراب والحفاظ على الهوية دون ضياعها في دستور معدٍّ ومكتوب خارج العراق لاينسجم مع خارطته الثقافية فضلا عن عدم انسجامه مع احتياجات ومعتقدات وأعراف المجتمع... والأمر الآخر هو ضرورة إجراء الانتخابات لالزام المحتل بما ألزم به نفسه من ضرورة وجود عراق ديمقراطي بعد إزاحة الدكتاتورية مما يضمن بشكل هادئ وسلمي عدم السماح بالتشبش بالسلطة وتكرار مأساة التفرد البغيض في إدارة مؤسسات الدولة وعدم شخصنتها، مما جعل الآخر يعيد حساباته بعد لحظه التفاعل الاجتماعي مع مرجعيته الذي خرج عن كونه تفاعلا دينيا إلى إضافات وطنية وإنسانية جعلت منها خيمة يتفيء بظلها جميع أبناء الوطن.

ومما يلحظ في حركة المرجعية تجاه الدولة انها لاتريد التدخل المباشر لترك الأمر لنخب البلد وقياداته، بيد ان عظيم الأزمات وشدتها بعد فقدان زمام المبادرة تدفع بها للتدخل وإعادة الشمل بتشخيص الأخطاء ومعالجتها وليس آخرها حفظ دماء وحرمات المجتمع وطرد مشروع التقسيم بعدما اندفعت داعش لتنفيذه في العراق بمساعدة بعضهم مما أزعج كثيرا ممن صبر لأجله وصرف إمكانات كبيرة لتحقيقه... اذ كانت فتوى المرجعية بالجهاد أربكت صفوف التكفيريين بعدما نضّموها ونضّمت صفوف أبناء البلد بعدما كادت ان تتشتت.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك