المقالات

لماذا فشل المالكي؟

1838 2014-08-11

كان بإمكانه ان يقتنص الفرص الذهبية التي مرّت عليه ليؤسّس لجمهورية جديدة، وليؤسّس نظاما ديمقراطيا يتجلى في مبدأ تداول السلطة، فكان يمكنه ان ينتزع، بجدارة، لقب (الاب المؤسّس) او مؤسّس الديمقراطية على غرار الآباء المؤسّسون الذين أسّسوا الولايات المتحدة الأميركية، الا انه فشل للاسف الشديد.
لقد مرّت عليه فرصتان؛ الاولى عندما أنهى دورته الدستورية الاولى فكان عليه ان ينسحب من الترشح لرئاسة مجلس الوزراء الى اي موقع اخر في الدولة او حتى يعود الى منزله كما فعل نيلسون مانديلا مثلا، والثانية عندما اجتمع رأي الشركاء على تحديد الرئاسات الثلاث بدورتين دستوريتين فقط، فيعلن قبوله بذلك ليترك السلطة نهاية الدورة الدستورية الثانية، كما فعل من قبل جورج واشنطن، ولكنه لم يفعل.
اما الفرصة الثالثة، فلقد مرّت عليه عندما قال للعراقيين، وبعضمة لسانه ( سنوات كافية) لنكتشف فيما بعد بانه عنى بها الآخرين ولم يعن بها نفسه.
فلماذا فشل؟.
اولا: لانّه لم يستفد من تجربة الطاغية الذليل صدام حسين عندما تمحور ذهنه حول السلطة فقط، فظنّ انها كل شيء، ليكتشف متأخراً بانها لا شيء.
ظنّ ان الفلك قد توقف عند لحظة اعتلائه السلطة، فلم يعد يدور ويدور، فبنى كل شيء في ذهنه على هذا الأساس، حتى قال (بعد ما ننطيها) ناسيا القول المأثور (لو دامت لغيرك، ما وصلت اليك).
ثانيا: لانه تنكّر لماضيه ولتاريخه ولانتمائه، فلم يتذكر انه ينتمي الى مدرسة يقول مؤسسها عن السلطة انها لا تساوي عنده شِسع نعله ما لم يُقِم حقاً ويدحظ باطلا، بل ان الدنيا برمتها {أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز} ولم يتذكّر انه نتاج حزب (ديني) عريق وُلِد من رحم المرجعية وترعرع في كنفها فظلت ترعاه أخلاقيا وحركيا وجهاديا وفكريا وثقافيا مدة مديدة حتى وقف على قدميه.
ثالثا: لانه لخّص الحزب بالمقرّبين منه فقط، ثم بالعشيرة، ثم بالاقرباء فقط، فخسر الحزب والعشيرة والأقرباء وكل شيء.
رابعا: لانّه خسر نقاط قوته الواحدة تلو الاخرى، بدءا بالمرجعية، وهي أقواها، مرورا بالشركاء الشيعة ثم الكرد ثم السنّة ثم الولايات المتحدة واخيرا الجمهورية الاسلامية في ايران التي ظلت تدعمه بكل أشكال الدعم.
خامسا: لانّه ظلّ يعتمد على مستشارين فاشلين احاط بهم نفسه، فلم يصغ لاحد غيرهم، لانهم يسمعونه الكلام المعسول والاستشارة التي يريد ان يسمعها وليست التي يجب ان يسمعها.
سادسا: لانّه ظل يوظف سياسة صناعة الأزمات حتى اللحظة الاخيرة، ناسيا او متناسيا ان هذه مثل هذه السياسة قد تنجح لمرة واحدة او مرتين ولكنها من المستحيل ان تحقق نجاحات مستمرة طوال الوقت.
سابعا: لاّنه تحمّل كل المسؤوليات فجمعها بيده فقط ليكتشف متأخراً بان هذه السياسة، هي الاخرى، فاشلة لن تنجح في بلد متعدد في كل شيء كالعراق.
ثامنا: لانّه انشغل بالسلطة وتثبيت أركانها فلذلك غفل عن اي إنجاز آخر، إنْ على صعيد التربية والتعليم والبيئة والصناعة والزراعة والنقل والصحة والكهرباء والإعمار والخدمات وغير ذلك.
تاسعا: لانّه تورّط بملفات فساد ضخمة جدا، وظل ّيتستّر على الفاسدين ويبرّر لهم ويهرّبهم اذا اقتضت الحاجة.
عاشرا: لانه اكمل مدتين دستوريتين من دون ان يكشف عن اي ملف، حقيقي او مفبرك لا فرق، ظلّ يلوّح به ضد عدد كبير من السياسيين، في إطار سياسة الابتزاز التي اتبعها كمنهج اعتمد عليه في إدارة شؤون البلاد، والحصول على تنازلات من المعنيين بها عند الحاجة.
حادي عشر: لانّه ظل يعتمد على أبواق مهرّجة في الاعلام، ومن كلا الجنسين، اكثر من اعتماده على الدبلوماسية.
ثاني عشر: لانّه قرّب ايتام النظام البائد بحجة انه يمسك بتلابيبهم جراء احتفاظه بملفاتهم الخطيرة، فسلّمهم المنظومة الأمنية بالكامل، بما فيها الاستخبارات.
ثالث عشر: لانّه ظل يَعِدُ ولم يف بشيء، فوعد بالقضاء على الارهاب ولم يف، ووعد بحل مشكلة الكهرباء ولم يف، ووعد بعشرة آلاف زمالة تعليمية ولم يف، ووعد بمئة يوم ولم يف، ووعد بسكن لكل مواطن ولم يف، ووعد كثيرا ولم يف.
رابع عشر: لانه خرق الدستور اكثر من () مرة، منها تدخله السافر في شؤون القضاء، وعدم مثوله أمام البرلمان للمساءلة او حتى للاستضافة، وكذلك تجاوزه على الهيئات المستقلة وربطها بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، وعدم ترشيح الدرجات الخاصة لمجلس النواب قبل تعيينهم، كالمستشارين مثلا، وغيرها الكثير.
خامس عشر: لانه أدار البلد بالوكالة، اقصد في الوزارات والمدراء العامين، فجمع بيده مثلا عدة مهام فأضاعها كلها.

سادس عشر، واخيرا؛ لانه أضاع نصف العراق.
هي تجربة، وكم اتمنى ان نتعلم منها بلا تحيّز او تعصب، فلو كنا قد تعلمنا من تجربة الطاغية الذليل صدام حسين لما كان حالنا عما عليه اليوم، فهل سيضع البديل هذه التجربة نصب عينيه؟.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك